رئيس جامعة بنها يترأس لجنة اختيار عميد كلية علوم الرياضة    البابا تواضروس الثاني يستقبل الأنبا باخوميوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون    توقيع بروتوكول اللجنة المصرية – الأرمينية المشتركة للتعاون الاقتصادي والعلمي والفني    «المصدر» تنشر تفاصيل قرار إعتماد المخطط التفصيلي لمدينة بورسعيد    الزراعة: إزالة 274 حالة تعدي على الأراضي خلال أسبوع    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    ماذا قال كلينتون عن ظهوره في ملفات إبستين؟    مصر تدعو إلى خفض التصعيد في سوريا وتغليب مسارات التهدئة والحوار    مقتل 5 أفراد الشرطة الباكستانية في هجوم مسلح بإقليم خيبر بختونخوا    السنغال تواجه بوتسوانا في افتتاح مشوارها بكأس أمم إفريقيا 2025    شاهندا المغربي حكماً للمقاولون والطلائع في كأس عاصمة مصر    «الكاف» يتغنى بإنجاز صلاح الاستثنائي في أمم أفريقيا    ضبط فتاتين متهمتين باستقطاب الرجال لممارسة الأعمال المنافية للآداب في الجيزة    طقس هادئ في الإسكندرية قبل نوة الميلاد    وزير التعليم يجري جولة مفاجئة بمدارس إدارتي ببا وسمسطا في بني سويف    «الداخلية» تعلن ضبط 6 متهمين بغسل 195 مليون جنيه    حريق بمخازن أخشاب بالمرج وإصابة 5 مواطنين في حادث على طريق الضبعة    تموين القاهرة يشن حملات مكبرة ويحرر 185 محضرا    وزير الثقافة يلتقي خالد الصاوي لبحث إنشاء المركز الدولي للتدريب على فنون المسرح    «الصحة» توقيع مذكرة تفاهم مع «فياترس» لتطوير مجالات الرعاية النفسية    رئيس الوزراء يجري حوارا مع المواطنين المترددين على المركز حول الخدمات المقدمة ويطمئن على مستوى رضاهم    الحمصاني: الحكومة تستعد لتنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    إيداع قاتل عديله فى الإسكندرية مستشفى المعمورة للكشف على قواه العقلية    مرموش: نحتاج لمثل هذه العقلية في البطولات المجمعة    وزير الأوقاف: «دولة التلاوة» أعاد للقرآن حضوره الجماهيري    بعد قليل.. رئيس الوزراء يتفقد عدداً من مشروعات حياة كريمة بالجيزة    ترامب: المحادثات مع روسيا وأوكرانيا تسير بشكل جيد    عصام عمر يقتحم ملفات الفساد في «عين سحرية»    الاحتلال الإسرائيلي يواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار بأنحاء متفرقة من غزة    قافلة المساعدات ال100 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    خالد أبو المكارم ممثلاً لغرفة الصناعات الكيماوية بمجلس إدارة اتحاد الصناعات    وائل القباني: هجوم منتخب مصر الأقوى.. والتكتيك سيتغير أمام جنوب إفريقيا    بعد وفاة الطفل يوسف| النيابة تحيل رئيس وأعضاء اتحاد السباحة للمحاكمة الجنائية العاجلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23-12-2025 في محافظة قنا    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    قرار جمهوري بتشكيل مجلس إدارة البنك المركزي برئاسة حسن عبد الله    أسعار السمك اليوم الثلاثاء 23-12-2025 في محافظة الأقصر    وزارة التعليم: أحقية المعلمين المحالين للمعاش وباقون في الخدمة بحافز التدريس    وزير الصحة يناقش مع مدير المركز الأفريقي للأمراض تطوير آليات الاستجابة السريعة للتحديات الصحية الطارئة    قائد الجيش الثاني الميداني: لن نسمح بأي تهديد يمس الحدود المصرية    خطوات التصالح في سرقة الكهرباء    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    بدء الصمت الانتخابي في إعادة انتخابات النواب بالدوائر ال19 الملغاة    إدارة ترامب توقع اتفاقيات صحية مع 9 دول أفريقية    المخرجة إنعام محمد علي تكشف كواليس زواج أم كلثوم والجدل حول تدخينها    إلهام شاهين تتصدر جوجل وتخطف قلوب جمهورها برسائل إنسانية وصور عفوية    زينة منصور تدخل سباق رمضان بدور مفصلي في «بيبو»... أمومة على حافة التشويق    مواطن يستغيث من رفض المستشفي الجامعي طفل حرارته عاليه دون شهادة ميلاده بالمنوفية    بيسكوف: لا أعرف ما الذي قصده فانس بكلمة "اختراق" في مفاوضات أوكرانيا    مشروع قومى للغة العربية    «المستشفيات التعليمية» تعلن نجاح معهد الرمد والسمع في الحصول على اعتماد «جهار»    فرقة سوهاج للفنون الشعبية تختتم فعاليات اليوم الثالث للمهرجان القومي للتحطيب بالأقصر    حسام حسن: حدث ما توقعته «صعبنا الأمور على أنفسنا أمام زيمبابوي»    منتخب مصر يتفوق بصعوبة على زيمبابوي 2-1 في افتتاح البطولة الأفريقية    ما هي أسباب عدم قبول طلب اللجوء إلى مصر؟.. القانون يجيب    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرث فى البحر
نشر في اليوم السابع يوم 06 - 10 - 2010

النقش على الرمل أو الحرث فى البحر جهد بلا طائل ومجهود بلا عائد، وأعتقد أن جهود تطوير المحليات فى مصر لم تخرج عن هذا الإطار العبثى منذ أكثر من خمسة عقود، فإذا رصدنا تطور نظام الإدارة المحلية منذ نشأته عام 1960 نجده يتجه صراحة نحو المركزية، سواء فى القرارات أو الاستثمارات أو الخدمات الأساسية، بينما اللامركزية غير مطبقة فعليا نظرا لعدم رغبة المحافظين فى تفويض سلطاتهم للمستويات الأدنى مما جعل مجلس المدينة أو الحى أو المجلس القروى مجرد مجالس ليس لها أدنى فاعلية فى تنمية وتطوير المجتمع المحلى.
مشكلة المحليات المصرية- فى تقديرى- ليست فى التقسيمات "الجغرافية" ولكن فى التقسيمات "الوظيفية" بين الوحدات الإدارية التى يتحكم فيها قانون المحليات الذى صدر عام 1960.
وقبل صدور هذا القانون المشئوم، الذى حمل رقم 124 كانت مصر مقسمة إداريا إلى مديريات وبلديات حيث كان "مدير البلدية"- رئيس المدينة حاليا- مسئولا أمام "مدير المديرية" أو المحافظ عن شئون العمران من مياه وصرف صحى ونظافة وحدائق وتنظيم وتخطيط وتراخيص وكهرباء ورصف طرق وغيرها.
وقد قدمت هذه المجالس مدنا ذات شوارع عريضة تحفها صفوف الأشجار، وميادين واسعة تتوسطها التماثيل والنافورات، ومبان ذات طرز معمارية مختلفة، من بين تلك المدن طنطا والزقازيق والمنصورة ودمنهور وأسيوط وغيرها.
وكانت شبكات المياه والصرف الصحى والكهرباء تعمل بكفاءة، كما كانت هذه المجالس تنفذ خطوط التنظيم وتتابع تراخيص المبانى بكل دقة بعيدا عن الرشوة والمحسوبية واستغلال النفوذ، واستمر الحال على هذا المنوال حتى عام 1960 حين صدر قانون الإدارة المحلية الذى ألغى نظام المديريات وتكونت بمقتضاه المحافظات.
وقد تغير هذا القانون أكثر من مرة إلى أن صدر القانون رقم 43 لسنة 1979 وتعديلاته الذى حدد مستويات الإدارة المحلية بخمسة مستويات هى: المحافظات والمدن والمراكز والأحياء والقرى، وأعطى لكل منها الشخصية الاعتبارية، كما نص القانون على أن المحافظ يعد ممثلا لرئيس الجمهورية فى محافظته.
ومن هنا تأتى أهمية اجتماع الرئيس مبارك بمجلس المحافظين يوم الأحد 3 أكتوبر، وهو الاجتماع الذى قيل أنه استغرق نحو 5 ساعات وحضره مجموعة من الوزراء على رأسهم وزير التنمية المحلية اللواء عبد السلام المحجوب.
الاجتماع رصد معدلات تنفيذ وعود الرئيس التى جاءت فى برنامجه الانتخابى عام 2005 فى مجالات الإسكان والتعليم والصحة وغيرها، لكن الصحف ووسائل الإعلام لم تحدثنا عن تطرق الاجتماع للمشكلة "الأم" وهى كيفية تطوير عمل المحليات – على الأقل- كما وردت فى برنامج الرئيس الانتخابى.
فقد نصت وثيقة البرنامج الانتخابى للرئيس على ضرورة تطوير المحليات وتعزيز صلاحياتها التنفيذية والرقابية‏،‏ ودعم اللامركزية فى أدائها، من خلال إعطاء السلطات المحلية دورا أكبر فى تنفيذ السياسات‏،‏ وإعطاء المجالس الشعبية المنتخبة دورا أكبر فى الرقابة والمساءلة‏.‏
وأكد الرئيس فى برنامجه الانتخابى: أن دعمنا لدور المحليات ينطلق من إيماننا بأهمية تدعيم اللامركزية‏..‏ لقد ولت الأيام التى استطاعت فيها الحكومة إدارة كافة شئون الحكم من العاصمة‏،‏ وحان الوقت لتبنى مفهوم جديد لممارسة السلطة على المستوى المحلى‏،‏ مفهوم يتيح للمواطن ممارسة الديمقراطية على المستوى المحلى،‏ ويعطى للمحليات سلطات أكبر،‏ باعتبارها الأكثر اتصالا بقضايا المواطن‏،‏ والأكثر قدرة على حل مشكلاته.
الكلام واضح ومفهوم ولا يحتاج سوى التنفيذ.. ولكننى لم أقرأ فى أى مطبوعة أو أشاهد فى أى وسيلة إعلامية فى مصر أن هذا الموضوع تمت مناقشته خلال اجتماع الرئيس مبارك بمجلس المحافظين، الذى حضره وزير التنمية المحلية اللواء عبد السلام المحجوب.
اللواء المحجوب رجل ودود ومهذب، كان محافظا ناجحا فى الإسكندرية.. استطاع تطوير المدينة وإعادة رونقها خلال تسع سنوات (1997-2006)، وبعد هذا النجاح فى الإسكندرية تولى "المحبوب" كما يطلق عليه أهالى الإسكندرية مسئولية وزارة "التنمية المحلية" التى تكمن مهتمها الأساسية فى تطبيق معايير اللامركزية والتنسيق بين المحافظين والحكومة المركزية لتحقيق أهداف التنمية الشاملة فى المجالات السياسية واقتصادية والاجتماعية.
ومنذ توليه هذا المنصب عام 2006 لم يتم إجراء أى تطوير فى مجال الإدارة المحلية سوى إنشاء 3 محافظات جديدة هى الأقصر وحلوان والسادس من أكتوبر، غير أن إنشاء محافظات جديدة لم يساهم فى حل مشكلة الإدارة المحلية فى مصر.. ولم يوقف فساد المحليات الذى وصل إلى "الركب" على حد تعبير الدكتور زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية.
ِ كان يتعين على اللواء المحجوب منذ 2006 أن يعمل على فض الاشتباك بين السلطات المركزية والمحلية تنفيذا لوعد الرئيس الصريح فى برنامجه الانتخابى، فقد كشف نظام المحليات عن تداخلات حادة بين السلطات المركزية وسلطات المحليات وهو ما أدى لوجود "ولاء مزدوج" للعاملين فى المحافظات تجاه الوزارات المركزية لارتباطهم بهذه الوزارات فى أمور تتعلق بالنقل والترقية من ناحية، ومن ناحية أخرى الولاء للمحافظة التى يعملون بها وتقوم بالإشراف اليومى على أعمالهم، وترتب على ذلك عدم وضوح العلاقة بين أجهزة المحليات وأجهزة الإنتاج والخدمات المركزية والتنظيم السياسى للدولة ( الحزب الوطنى) علاوة على أن قانون الإدارة المحلية لم يساعد على خلق قيادات وكوادر إدارية محلية تستطيع تحمل عبء إدارة العمل العام المحلى، وأدت هذه المشاكل-ولا تزال- دورا أساسيا فى تعويق الوصول لإنجازات ملموسة فى التنمية الشاملة وبالتالى عدم الوفاء بالتعهدات الرئاسية بعد مرور 5 سنوات على صدورها، فالحكومة غائبة والمحليات تغط فى نوم عميق وفساد أعمق.. والضحية خطة التنمية الشاملة فى البلاد.
التنمية المحلية أساس التنمية الشاملة، ولا تنمية شاملة بدون تطبيق معايير اللامركزية الصحيحة فى المحليات.. ولا يمكن تطبيق تلك المعايير فى ظل غياب القانون وانتشار الفساد والرشوة فى المحليات.
يتعين أولا القضاء على الفساد وتفعيل لامركزية المحليات حتى نستطيع القول إن هناك تنمية شاملة يشعر بها المواطنون ويجنون ثمارها.. وأى شىء غير ذلك لا يعدو كونه حرثا فى البحر أو نقشا على الرمل!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.