أكد الدكتور"ستيفن والت" العميد الأكاديمى السابق لمدرسة (جون كيندى) لدراسة النظم الحكومية بجامعة هارفارد الأمريكية وصاحب كتاب (اللوبى الإسرائيلى والسياسة الخارجية الأمريكية) أن اللوبى الصهيونى له نفوذ كبير فى أمريكا ومصالح فى الشرق الأوسط، وأنه يعمل بتأثير القوة والمصالح، وليس "المؤامرة" ضد العرب. وأضاف والت فى ختام الدورة الدراسية المكثفة التى نظمتها مؤسسة هيكل للصحافة العربية حول (سياسة الولاياتالمتحدةالأمريكية فى الشرق الأوسط) بمشاركة أكثر من 60 صحفياً وصحفية من الشباب العربى، بقاعة "إيوارت" بمقر الجامعة الأمريكية فى القاهرة، قائلا: إسرائيل أكثر دولة تحصل على دعم غير مشروط من المعونة الأمريكية، رغم أنها دولة غير فقيرة، وأن هذا الدعم يصل إليها حتى وهى تقوم بأعمال ضد السياسات الأمريكية مثل التوسع فى إقامة المستوطنات. واعترف "والت" بأن إسرائيل مكسب استراتيجى كبير للولايات المتحدة، لكنه تساءل: لماذا نقدم كل هذا الدعم لإسرائيل رغم أن معاملتها للأقلية العربية بداخلها تتعارض مع القيم الأمريكية وحقوق الإنسان؟ وأضاف: الدستور الأمريكى يكفل حرية التجمع، ولذلك فإن جماعات ومنظمات اللوبى الصهيونى تقدم تمويلاً لمرشحى الرئاسة الأمريكية، وتدفع الكتاب والمنظمات الإعلامية لتأييد أهدافهم. وقال والت: إن المنظمات الصهيونية تستطيع كسب تعاطف الساسة الأمريكيين، لأنها تقدم دعما ماديا كبيرا لهم، فمنذ عام 1992 قدمت تلك المنظمات أكثر من 52 مليون دولار، مقابل 800 ألف دولار قدمتها المنظمات العربية الموجودة فى أمريكا. وأضاف والت: أصوات منتقدى السياسة الإسرائيلية غائبة فى الولاياتالمتحدة، لأن اللوبى الصهيونى يراقب كل ما تنشره الصحف وما تبثه وسائل الإعلام، ويمارس ضغوطه حول كل ما ينشر ضد إسرائيل، مشيرا إلى أن الجهود الرامية إلى وضع عقبات أمام السياسات الإسرائيلية يصنفها "اللوبى" ضمن "معاداة السامية". لافتا إلى أنه أثناء الحرب فى لبنان عام2006 قامت منظمة "هيومان رايتس ووتش" بالتغطية فاتهموا رئيسها بمعاداة السامية، رغم أنه من أصول يهودية. وحول تأثير "اللوبى" فى صنع القرار الأمريكى، هل هو إيجابى أم سلبي؟، قال والت: إن تأثيره غير إيجابى على الولاياتالمتحدة والشرق الأوسط، بما فى ذلك إسرائيل نفسها، وأنه رغم لعبه دورا محوريا لشن الحرب على العراق، إلا أن المحافظين الجدد الذين حصلوا على تأييد من جميع المنظمات داخل اللوبى فى منتصف التسعينات فشلوا فى إقناع الرئيس كلينتون باستخدام القوة العسكرية لخلع الرئيس العراقى الراحل صدام حسين، وأنه بمجرد إقناع إدارة بوش بالبدء فى الحرب على العراق ثم على إيران رحبت إسرائيل بذلك، وتم تعبئة الشعب الأمريكى والمنظمات للدعوة الى الحرب، تحت دعوى الخطر الذى يشكله العراق. ووصف "والت" الحرب على العراق بأنها "كارثية"، نافيا أن يكون قرارها صهيونيا بالأساس لاعتبارات ثلاثة: أولاً: لأن الحرب على العراق لا ترجع الى التأثير اليهودى، بالنظر الى استطلاعات الرأى العام فى أمريكا، حيث يمثل اليهود 10% فقط من الشعب الأمريكى. ثانيا: اللوبى لا يتسم بهذه القوة، كما أنه لم يتسبب فى الحرب بصورة مباشرة، ولو لم تقع أحداث الحادى عشر من سبتمبر لما حدثت الحرب. ثالثا: المحافظون لم يدفعوا بالحرب لأنها جيدة بالنسبة لإسرائيل وسيئة لأمريكا، ولكنهم اعتبروا أن الحرب على العراق جيدة لإسرائيل وأمريكا ودول الشرق الأوسط، لكن للأسف أصبح الفائز الوحيد هو إيران. وحول التوسع الإسرائيلى فى بناء المستوطنات قال "والت": هذا الوضع ضار لإسرائيل لأن محاولة تسوية الضفة الغربية "كارثة" لإسرائيل، مؤكدا أن هناك ازدواجية فى معايير السياسة الأمريكية، فهى تصر على دعم إسرائيل عندما تقوم بتحويل غزة إلى سجن كبير، وأضاف والت: لنتخيل لبرهة أنه تم عكس الرهان، وأصبحت فلسطين قوة تقمع إسرائيل، فإن الولاياتالمتحدة سوف تقلب الطاولة على الفلسطينيين، ولن تتوانى عن حشد وتحريض الدول الأوروبية ضدها. وحول تحليله للسياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط أشار والت إلى أن السياسة الأمريكية خاطئة، وأنه يخشى عليها من التاريخ، قائلا: يجب على أمريكا معاملة إسرائيل مثل باقى الدول ويجب أن تبتعد عنها إذا تصرفت ضد مصالحها. وأوضح والت أنه يجب الاعتراف بإسرائيل، مقابل تخليها عن الاستيطان، وأن يتم إعلان دولتها بجانب دولة فلسطين، وأن يكون دفاع أمريكا عن إسرائيل من خلال حدود1967. وتطرق "والت" إلى الملف السورى، مؤكدا أن تسوية السلام بين سوريا وإسرائيل لن تتم إلا عندما تستعيد سوريا الجولان وتتوقف عن دعمها لحماس. وفى رده على سؤال من إحدى الطالبات الأجنبيات حول البلد الثانى الذى يحصل على أعلى نسبة من المعونة الأمريكية بعد إسرائيل؟ قال "والت": البلد الثانى مصر، والثالث الأردن، لارتباطهما ارتباطا مباشرا بتوقيع السلام مع إسرائيل، ولذلك تم قطع المعونة عن الأردن بعد حرب الخليج الأولى فى عهد الملك حسين ثم زادت بعد إجراء السلام مع إسرائيل. واختتم "والت" بقوله: كان يجب على إدارة بوش التركيز على "القاعدة" وملاحقة الإرهاب عقب أحداث 11 سبتمبر، لكنها أخطأت خطأ كبيرا عندما ذهبت إلى بغداد.