انتهت الانتخابات البرلمانية لعام 2015م بحلوها ومرها، وشهدت نتائجها انتقادات حادة من المحبين والكارهين، المؤيدين والمعارضين، برغم نزاهتها غير المسبوقة وحيادية الحكومة وغياب صورة الحزب الحاكم عن المشهد تمامًا، وغياب الدعاية الدينية وتزوير الإرادة باسم الجنة والنار وما شابه ذلك من دعاوى كانت تشوب النزاهة الانتخابية فيما سبق. ولكن ظهرت فى الأفق شوائب جديدة لا تقل خطورة عن سوابقها التى كانت تشوه الصورة الجميلة للديمقراطية فى بلادنا، وكان أبرزها العزوف الشبابى، والمال السياسي، ليتم وضع عشرات من علامات الاستفهام أمام الجميع، يضطر بعدها الفائزون لتزيين الصورة وتجميلها فى الظاهر ليبقى الباطن ملئ بالسخط على الديمقراطية ومن جلبها إلى بلادنا. لكل هذه الأسباب انشغلت شخصيًا الفترة الماضية فى البحث عن علاج فعال وناجح وسريع لهاتين الظاهرتين البغيضتين، فكيف نعالج ظاهرة العزوف من الجماهير العريضة بدون أن نضع تهديدات بالغرامة لمن يتخلف، مع علم الجميع بأن هناك موانع كثيرة تمنع تطبيق مثل هذه الغرامات. كما كيف نقضى على تلك الظاهرة المشينة المعروفة بظاهرة المال السياسى التى ظهرت بقوة فى هذه الانتخابات الأخيرة، بل كانت السمة المميزة لها! وبعد طول بحث وتقصى ودراسة ميدانية مصغرة انتهيت إلى أن الحل السحرى يتمثل فى ضرورة إضافة قانون "فوز الأصوات الباطلة" والذى ينص على "أنه إذا تعدت نسبة الأصوات الباطلة نسبة الخمسين بالمائة من جملة المصوتين، فإنه يتم إعلان رسوب جميع المرشحين، على أن يكون هناك ملحق انتخابى للمرشحين الجدد شريطة ألا يلحق بالمرشحين الجدد أي من المرشحين السابقين فى الدورة نفسها". والجدير بالذكر إنى حينما طرحت فكرة قانون "فوز الأصوات الباطلة" على جميع الأصدقاء وناقشتها معهم مع اختلاف توجهاتهم السياسية والأيديولوجية، وجدت تأييدًا غريبًا وغير متوقع، لدرجة أن بعض أصدقائى المتعاطفين مع فصيل "جماعة الإخوان" والذين عزفوا كليًا عن المشاركة فى الانتخابات الماضية، وأقروا بأنهم كانوا سيكونون فى طليعة المصوتين إذا ما كانت وجدت هذه القاعدة أو هذا القانون. كما أن وجود مثل هذا القانون "قانون فوز الأصوات الباطلة" كان بلا شك سيجنب بلادنا تلك الثنائية البغيضة التى مرت ببلادنا فى الانتخابات الرئاسية قبل الماضية، ثنائية مرسي/شفيق، والتى عبرت عنها الغالبية العظمى من شعب مصر بأنه اختيار بين السيئ والأسوأ، وأصبح لسان حالنا يقول: "هذا قدرنا أن نختار دائمًا بين السيئ والأسوأ. ولذلك كله كان "قانون فوز الأصوات الباطلة" سيشجع الجميع على الذهاب إلى المقار الانتخابية، المحب والكاره، المؤيد والمعارض، الراضى والرافض، المساند والحانق على الجميع...إلخ. ومن ثم لن يكون هناك أبدًا وجود للعزوف، ولن يوجد أبدًا من لديه المقدرة على شراء أصوات جميع أفراد الدائرة أو الدولة مهما بلغ غناه وبلغت ثروته فتنتهى ظاهرة المال السياسى، كما تنتهى تلك التساؤلات عن كيفية وصول الأسماء البغيضة -إلى معظمنا- إلى الجلوس تحت قبة البرلمان.