عندما تمثل السيارات فوضى وخطورة كبيرة على أرواح الكثيرين من أفراد المجتمع فلابد أن تكون هناك وقفة للوقوف على أسباب تلك الفوضى والتوصل إلى حلول عملية نحقن بها تلك الخطورة، تتجسد تلك الخطورة فى مكاتب تعليم قيادة السيارات الغير مرخصة حكوميا، تلك المكاتب التى تعتمد على الربح السريع فقط دون النظر إلى توفير سبل السلامة للمتعلم والمحيطين به. نحن نشاهد كثيراً فى تلك الأيام سيارات مختلفة الماركات والموديلات تعلو سقفها لافتات "مكاتب تعليم قيادة السيارات" تصول وتجول فى مختلف شوارع القاهرة، كما نشاهد أيضا مشاكل كثيرة تنتج عن المتعلمين الذين بداخلها ومعظمهم من النساء، تلك المشاكل تتجسد فى حوادث واصطدامات بسيارات وأشخاص يعتبرون ضحايا تلك المكاتب الغير شرعية. يقول محمد جمال صاحب أحد مكاتب تعليم قيادة السيارات إن هناك فعلا فوضى تثيرها مكاتب تعليم قيادة السيارات ولكن الغير مرخصة، حيث إنها قائمة على أساس الربح فقط دون النظر إلى تنظيم عملية تعليم القيادة واختيار الطرق المناسبة والبعيدة عن زحام السيارات والمشاة. فإنه ليس من المعقول أن يقود المتعلم سيارة لأول مرة فى عمره على طرق رئيسية وكبارى وداخل شوارع مليئة بالسيارات والمشاة، فهذا الأمر غير منطقى، ويسفر عنه الكثير من الحوادث والاصطدامات، ولكن هذه الطريقة تعتبر بمثابة وسيلة جذب وإغراء للمتعلم لكى يتجة إلى تلك المكاتب الغير مرخصة دون المكاتب المرخصة، والتى تضع قواعد محددة لتعليم القيادة أهمها إجراء مرحلة تعليم القيادة فى أماكن مخصصة لذلك، وغالبا ما تكون فى الأماكن الحكومية التى تخصصها المحافظات لتعليم القيادة عن طريق إدارات المرور. ويشير محمد أن هذه المكاتب الغير مرخصة لا يتوافر بها كوادر جيدة لتعليم القيادة، فى الوقت الذى لابد أن يتسم فيه القائم بعملية التعليم بصفات معينة أهمها أن تكون لديه رخصة مهنية وليست خاصة، وأن يكون لديه القدرة على تلقين خطوات تعليم القيادة بشكل مرن يسهل على المتعلم استيعابها بسهولة ودون عناء، وأن يكون صبوراً، نظراً لأن المتعلم قد ينتج عنه أخطاء كثيرة ومتكررة فى بدايات تعلمه القيادة، ويكون لديه القدرة أيضا على تفادى الأخطاء بسرعة تامة قبل وقوع حادث أو اصطدام. فى نفس السياق يقول مصطفى رشدى صاحب أحد مكاتب تعليم قيادة السيارات، إن عملية تعليم القيادة لابد أن تتم فى إطار أمنى يحافظ على سلامة المتعلم والسيارة التى يقودها، بمعنى أن تبدأ عملية التعليم فى أماكن مخصصة لذلك تكون خالية من السيارات والمشاة، حتى يتدرب المتعلم على كل أشكال وفنون القيادة كالسير للأمام والرجوع للخلف والركنات وغير ذلك، وعندما يتمكن المتعلم من كل ذلك يمكن وقتها أن يقود على الطرق والكبارى وداخل الشوارع تحت إشراف المعلم المرافق له. ويشير رشدى إلى أن المشكلة الكبرى فى عملية تعليم القيادة هى أن المتعلم يريد أن يصبح فى يوم وليلة قائداً ماهراً للسيارات ويفرح كثيراً بأنه سيقود للمرة الأولى فى حياته على طرق حية مليئة بالسيارات لإشباع رغبته، الأمر الذى يدفعه إلى التعامل مع المكاتب الغير شرعية والتى توفر له تلك الأمور وتشبع رغباته، ولكن فى أوقات كثيرة يكون المقابل كبيراً، حيث إنه إذا صدم المتعلم السيارة التى يتعلم عليها فى الطريق سيتحمل تصليحها على حسابه الشخصى، وذلك غير معترف به فى المكاتب المرخصة. الملفت للنظر أن معظم المترددين على تلك المكاتب من النساء، والمعروف أن تعليم النساء القيادة ليس بالأمر السهل، نظراً لضعف قلوبهن وعدم قدرتهن على السيطرة على السيارة خاصة أثناء مراحل التعليم الأولى، فلا يجوز أن يتم تعليمهن القيادة وسط الزحام والمشاة لأن أخطائهن أكثر بمراحل من الرجال وفرصة الاصطدام بالسيارات الأخرى أو المشاة تكون أقرب بكثير، فلابد من تخصيص أماكن محددة لمزاولة تلك العملية حفاظا على سلامة الجميع.