يوم الاثنين الماضي 2010/8/2 كان يوما داميا علي الطرق في خمس محافظات مصرية حيث لقي 25 شخصا مصرعهم كما سالت دماء 68 آخرين علي الأسفلت.. كما فاجأتنا الأخبار المؤلمة أيضا بمصرع المستشار ممدوح السقا أحد أبرز أساطين القانون المصريين وهو في طريقه لقضاء إجازته علي الساحل الشمالي مع أسرته وكذلك زميلنا خالد بكير مدير مركز تدريب الصحفيين بالمجلس الأعلي للصحافة الذي مازال علي فراش المرض. ومع اعتقادنا الراسخ بالقضاء والقدر وأن لكل إنسان عمره الذي لن يزيد أو ينقص ثانية واحدة إلا أنه وبنظرة فاحصة واعية وطبقا لرأي خبراء المرور وشهود العيان يتأكد لنا أن وراء كل هذه الحوادث المرورية الدامية وغيرها عددا من الأسباب في مقدمتها غيبة »الرقابة المرورية« وسلوكيات قائدي مركبات لايعرفون فن وأصول القيادة بل وأخلاقياتها بالإضافة إلي الطرق غير المضاءة والسير بسرعة جنونية وفي بعض الأحيان بدون تراخيص. بالأمس كنت عائدا من الساحل الشمالي مستخدما طريق مصر / إسكندرية / العلمين والذي يعد واحدا من أهم الطرق السريعة في مصر والتي يسدد عنها رسوم مرور يفترض أنها تستخدم في تحسين وتطوير حال هذه الطرق حتي ولو كانت بعض »الحفر« الصغيرة إلا أنها يمكن أن تربك قائد السيارة الذي يسير بسرعة كبيرة سواء طبقا لما هو محدد أو زيادة عنها ويؤدي إلي وقوع حوادث نحن في غني عنها. والحقيقة أنني لم استشعر وجود رقابة مرورية مكثفة أو غير مكثفة علي هذا الطريق الهام والخطير علي مدي رحلتي الذهاب والعودة والتي يجب أن يستشعرها أيضا كافة قائدي السيارات وخاصة الشباب والمنحرفين وحتي يكون هناك رادع قوي لهم حماية لباقي المسافرين. »والرقابة المرورية« ليست مجرد وجود كمائن علي الطرق منظورة أو غير منظورة وإنما تتأكد هذه الرقابة وتزداد فاعليتها من خلال الرقابة المرورية المتحركة سواء عن طريق الدراجات البخارية السريعة أو السيارات التي لاتحمل علامات الشرطة والتي تجوب الطرق بين الحين والآخر بصورة فجائية تراقب سلوكيات قائدي السيارات أثناء قيادة سياراتهم سواء فيما يتعلق بالسرعة الجنونية المتهورة غير القانونية وغير المسئولة أو الانحراف من حارة لأخري بصورة فجائية دون اعطاء إشارة تنبيه أو الإصرار علي السير ببطء في الحارة المخصصة للسيارات السريعة وهو مايؤدي إلي عرقلة إنسيابية المرور علي الطرق السريعة وازدحامها بالسيارات بل واحتمال وقوع حوادث قاتلة.. وقد أدي ذلك التصرف من قبل البعض الجاهلين بأصول وقواعد المرور والسير علي الطرق السريعة إلي ظهور عادة مرورية خطيرة ومدمرة لدي الكثيرين وهي أنه في حالة الرغبة في أن تسبق السيارة التي أمامك أن تسلك الحارة اليمني المخصصة لسير البطيء. وفي إطار استعراضنا للرقابة المرورية المتحركة ومدي أهميتها لتحقيق إنسيابية المرور وخاصة علي الطرق السريعة والحفاظ علي أرواح المواطنين كان لابد من التعرض لهذا الخطأ المروري الجسيم المتمثل في هذه المتاريس التي أقيمت في بحر الطريق السريع المعروف بمحور 26 يوليو بجوار السيارات الستة الرابضة علي جانبي الطريق ثلاث منها في كل اتجاه والتي يشاع أنها تحمل أجهزة رادار لمراقبة السرعة علي الطريق في حين أن هناك أجهزة رادار أخري مثبتة علي جانبي الطريق هذه السيارات الستة التي تعسكر علي الطريق منذ حوالي عامين لم يرها أحد تتحرك مرة واحدة من مكانها وبالتالي فإن فائدتها تكون شبه معدومه لخدمة الحركة المرورية علي هذا الطريق الهام والغريب أنه عندما تقرر تمركز هذه السيارات علي طريق المحور السريع وضعت علي الحارة السريعة وهو ماكان بمثابة خطأ مروري جسيم تم استدراكه سريعا بعد 5 أشهر بعد أن تقدم العديد من قائدي السيارات بالشكوي من هذا الوضع الذي يمثل خطورة كبيرة لهم في طريق العودة والذهاب. هذه السيارات الستة متمركزة في أماكن كان من المفروض أن تكون مناطق انتظار للسيارات التي يصيبها عطل مفاجئ علي الطريق وهو شيء منطقي وبديهي طبقا لعلوم وأصول انشاء الطرق السريعة وضوابط المرور عليها.. أما أن تقام مثل هذه المتاريس بجوار هذه السيارات الست وتأخذ 1.5 متر من عرض الحارة اليمني للطريق فإن ذلك يمثل خطورة كبيرة ليس فقط لسائقي السيارات الذين يسلكون هذه الحارة وإنما أيضا لأولئك الجنود الذين ينتظرون داخل هذه السيارات.وحيث إنني قائد سيارة أجوب طريق محور 26 يوليو مرتين يوميا علي الأقل مثلي مثل كل سكان السادس من أكتوبر والشيخ زايد فإنني أعتبر طبقا للنظريات المرورية أحد عناصر »العملية المرورية« وبالتالي فإنه من الواجب أخذ آرائنا في المشكلة المرورية وأساليب علاجها محل الاعتبار.. ومن هذا المنطلق فإنني اقترح علي السادة قيادات قطاع المرور أن تتحرك هذه السيارات علي امتداد طريق المحور علي فترات مفاجئة لمراقبة حركة المرور علي امتداد الطريق وكشف المخالفات وما أكثرها في وقتها ومكانها ومعاقبة من يستحق العقاب وتوعية الكثيرين الذين لايفهمون في أصول وقواعد المرور بالرغم من حملهم »رخص قيادة« وبالتأكيد فإنهم سوف يضبطون العديد من المخالفات التي يمكن أن تؤدي إلي حوادث دامية بل وتعطيل حركة المرور علي الطريق. قبل عشر سنوات عندما كنت أعمل مستشارا إعلاميا بسفارة مصر في برلين كان علي أن أتوجه إلي مدينة درسدن وأثناء سيري علي الطريق السريع المعروف باسم »اوتوبان« سبقتني سيارة ملاكي عادية وسارت أمامي ببطء وأخرج قائدها عصاه الشرطية طالبا مني الوقوف وعندما توقفت تقدم مني وطلب رخصة القيادة ثم قال أعلم أنك دبلوماسي تتمتع بالحصانة الدبلوماسية ولكن هذا لايمنع من الالتزام بقواعد المرور. لأن فيها أمانا لك ولباقي قائدي السيارات علي الطريق. شكرته علي أدبه ورقته في المعاملة والحوار ثم سألته هل لي أن أعرف الخطأ الذي اقترفته؟ قال لقد تخطيت السيارة التي أمامك من جهة اليمين وهو ما يتعارض مع قواعد المرور.. شكرته ومضيت في طريقي وأنا سعيد لأني أيقنت قاعدة مرورية هامة كنت قد تعلمتها بصورة نظرية في مدرسة المرور الألمانية. مدارس تعليم قيادة السيارات ومما لاشك فيه أن مدارس تعليم قيادة السيارات تلعب دورا هاما للغاية لضبط سيمفونية المرور ليس فقط علي مستوي مصر وإنما في العالم كله فهي التي تؤدي إلي رفع الوعي المروري لدي جموع سائقي المركبات بمختلف أنواعها وتوضح لهم الأسس والقواعد المرورية التي يجب أن يسيروا عليها ويلتزموا بها حفاظا علي أرواحهم وأرواح ذويهم أو من يركبون معهم.. ولهذا فإنه لابد من التوسع في إنشاء مدارس تعليم القيادة والتشديد علي أساليب التعليم والتدريب فيها لتخريج قائدي سيارات ذوي كفاءة عالية وفهم سليم بكافة قواعد العملية المرورية.