فى بداية الأمر دعني أخبرك بالقاعدة المهمة التى لا يمكن لنا أن نغفلها أو نجهلها وهى (أنه لا يوجد مجتمع فى أنحاء العالم الذى نعيش فيه يخلو من الفساد) هذة حقيقة لا يمكن إنكارها كما لا يمكن لأحد أن ينكر الدور والتأثير الكبير لذلك الإخطبوط الذى يضرب بأيديه فى كل الاتجاهات، وما يخلفه من إحباط للنفوس العاملة بجد واجتهاد، وتدمير للقيم، التى تربى عليها الناس منذ وعيهم الأول بالحياة، ولا آثاره السلبية على أساس الدول وبنائها. منذ أن نشأنا وأدركنا ما يدور حولنا ونحن نقرأ ونسمع وربما نشاهد بأم أعيننا بأن المواطن يحارب الفساد وأن الدولة أيضًا تحارب الفساد. ولكن ليس هذا هو سؤالنا وليس هذا ما نعنيه. أن سؤالنا هو. من أين جاء هؤلاء الفاسدون وكيف تمت صناعتهم؟ بكل تأكيد أنهم لم يأتوا من المريخ مثلاً على شكل كائنات خضراء. ولكنهم بشر مثلنا نمت أشجارهم بمائنا وهوائنا وتحت شمسنا. نعم أنهم بشر تمت صناعتهم بصمتنا نحن بعدم التلبيغ عنهم تمت صناعتهم بتركنا للأمر كله للدولة لأنها هى المنوطة بذلك. تمت صناعتهم بمعتقداتنا الزائفة بأننا لا نستطيع أن نقف فى وجه هؤلاء وألا نستطيع تنظيف المستنقع الذى يعيشون فيه من مؤسسات وإدارات ويتغذون فية على حياة البسطاء وعلى حساب خدمتهم. أحيانًا يخطر ببال أحدنا ويعتقد بأن أى تدخل لن يفيد فى تغير دفة الأمور وعودتها إلى نصابها الصحيح. هذه تبريرات نقنع به أنفسنا، لم يعد يصلح الصمت عنه، فنحن بتلك العقلية نشارك الفاسدين فسادهم، ونسمح لهم بتكرار الفعلة طالما آمنوا بألا أحد غير الأجهزة الرقابية تراقبهم بعد أن فقدوا الإحساس والشعور بانعدام الرقابة عليهم، هناك العديد والعديد من الأجهزة الرقابية التى تحارب مثل هؤلاء. ولكن ما هو دور هذه الأجهزة بدون مساعدتنا نحن؟ ماذا تفعل هذه الأجهزة وماذا فعلت؟ هل قضت على جذور هؤلاء؟ هل شعرت أنت عزيزى المواطن بأن حجم الفساد فى المصالح والمؤسسات والإدارات قد تقلص وأصبح منعدمًا؟ دائمًا ومع الأسف تكون الإجابة ب(لا) والسبب فى أننا نتحايل دائمًا بل ولا نفكر فى أن نحطم هذا الجدار الذى أغلق علينا أبوابة وهو جدار الخوف من هؤلاء الفاسدين. نجد الموظف يشاهد حجم الكوارث التى تحدث داخل المؤسسة ولا يستطيع أن يكون هو أول من يحارب هذه الكوارث ويقف فى وجهها خوفًا على وظيفته وعلى ألا ينفعه أحد.. نعم فإننا تعلمنا شيئًا ندركه الآن وهو (أن الصمت عن الفساد سوف يزيد من فساد الفاسدين) فكونوا أول من يطوى صفحات هؤلاء الفاسدين سواء كنتم مواطنين أو معلمين أو مهندسين أو أطباء أو محامين أو قضاء أو أى شيء أخر، فمصرنا الحبيبة لن تنهض بسكوتكم عن هؤلاء الناس ولن تنهض بخوفكم من محاربتهم. وأتمنى ألا نتناسى هذة الحقيقة وهى (كلنا ضد الوساطة ونعلم أن بسببها يعانى الكثير والكثير ولكن من منا لم يبحث عنها ذات يوم معتبرًا أنها حق من حقوقة) * المنسق العام لمبادرة الأقصر هتبدأ.