أعجبتنى العبارة التى قالها الفقيه الدستورى الدكتور إبراهيم درويش قبل إعلان نتيجة الانتخابات على رئاسة حزب الوفد، "وقال إنه هذا يوم الوفد"، نعم كان يوم الجمعة الماضى يوم الوفد يوماً عبر فيه الوفديون عن إرادتهم فى التغيير، وهم جزء من إرادة شعب يريد التغيير، وهى رسالة ليست لقيادات الوفد فقط، ولكنها إلى قيادات هذه البلد القابعون على قلوبنا منذ عشرات السنين، فالرسالة تقول إن الشعب يريد التغيير السلمى يريد تداولاً للسلطة عبر انتخابات حرة نزيهة مثل انتخابات الوفد، فما حدث لم يكن يوماً للوفد فقط ولكن لمصر كلها. لأن كل من أدلوا بأصواتهم فى الجمعية العمومية لحزب الوفد مصريون، وهم من جميع فئات وطوائف هذه الأمة من رجال أعمال ومهندسين وأطباء ومحامين وصحفيين وعمال وموظفين وفلاحين وغيرهم وأرادوا أن يضربوا مثل أن أى انتخابات حرة ونزيهة سوف يقبل الناس عليها، فهذه الجمعية العمومية للوفد هى من أكبر الجمعيات التى عقدت فى السنوات العشر الأخيرة وهذه الانتخابات تميزت بأنها شهدت منافسة بين شخصيتين من رجال الوفد، وهما من أكثر الأشخاص الذين عرفتهم احتراماً وأدباً وأخلاقاً، لذا كانت مشفقاً على أعضاء الجمعية العمومية من صعوبة الاختيار والمفاضلة بينهما، ولكن كانت إرادة التغيير هى الأقوى، وهى الأكثر فحدث ما حدث وفاز الدكتور السيد البدوى برئاسة الوفد، وهو جدير بهذا المنصب وقادر على القيام بأعبائه ومهامه، وقادر على النهوض بالحزب ومؤسساته. ولكن الأهم فى انتخابات الوفد هى الرسالة والمكاسب التى تحققت من هذه الانتخابات، وهى أن الديمقراطية تجمع ولا تفرق، وأن الانتخابات الحرة والنزيهة تقوى ولا تضعف مهما أتت من نتائج، فالوفديون خرجوا من هذه الانتخابات متحدين ومتماسكين ولم يخرج واحد منهم شكك فى الانتخابات ونزاهتها، وعندما حدث خلاف على عدد من الأصوات تم حسمه داخل العرفة المخصصة للانتخابات، وكان المظهر المشرف الذى خرجت قيادات الوفد أيديهم فى يد بعضهم رسالة بأن الوفد قوى بوحدة أعضائه والتفاف المصريين حوله. والمكسب الثانى، أن الدكتور محمود أباظة والدكتور السيد البدوى كسبا، ليس احترام الوفديين فقط، ولكن احترام المصريين والمتابعين للهم المصرى فى البلدان العربية، فخرجا متعانقين ونسيا كل جراح الحملة الانتخابية طوال الأيام الماضية وكان همهما هو الوفد، والمكسب الثالث أن هذه التظاهرة الديمقراطية أنست الناس الأحداث المؤسفة التى شهدها الوفد فى عام 2006. والمكسب الرابع هو عودة الثقة للوفديين ولكل المنتمين إلى الأحزاب السياسية فى أنفسهم وأنهم قادرون على حمل لواء التغيير فى هذه الأمة وأن الوفد هو البديل الآمن لهذه الأمة، وهى مقولة للدكتور محمود أباظة وحققتها الجمعية العمومية التى أعادت للوفد مفكريه وخبرائه الذين هجروه وابتعدوا عنه وبدأوا فى التوافد على مقره بعد إعلان النتيجة فوراً. أما الرسالة التى وجهها الوفديون، أن التغيير قادم لا محالة وإن تأخر كثيراً، وأن التغيير ليس كرهاً فى شخص من يقود، ولكن رفضاً لأوضاع وأخطاء ارتكبها أشخاص محيطون به وعزله على الناس، حيث لا يسمع إلا بآذانهم ولا يرى إلا بعيونهم ويبعدون عنه كل من يريد أن يخلص له القول أو النصيحة أو من يريد الإصلاح بدعوى أن هذا من أعدائنا أو ليس من رجالنا أو خارج عن سيطرتنا، وهو الأمر الذى ينطبق على مصر، فعزل القيادة عن الناس يوقع القائد فى مصيبة، سوء اختيار معاونيه ويضطر إلى اللجوء إلى لعبة التوازنات ومحاولة إرضاء كل المحيطين به، وبالتالى تتكرر الأخطاء ولا تتحقق الإنجازات الملموسة والتى يريدها الناس، وبالتالى تنمو الرغبة فى التغيير ومع أول فرصة تحدث إما بانتخابات حرة نزيهة أو بالإطاحة به عن طريق حركة تصحيحية أو إصلاحية يقوم بها أطراف من داخل المنظومة، وهما حالتان شهدهما الوفد فى السنوات الخمس الأخيرة. وهو الأمر الذى يجب أن يكون نصب عين القيادة الجديدة للوفد حتى تتم إعادة ترتيب البيت وإعادة هيكله الحزب وتشكيل لجانه النوعية، التى هى بمثابة حكومة ظل وأن ينزل الحزب إلى الشارع والجامعة والمدرسة وأن تستعين بأهل الخبرة وليس أهل الثقة فى وضع خطط التطوير وتنفيذها، لأن إصلاح الوفد بداية لإصلاح مصر بكافة مؤسساتها، لأن الشعب يريد معارضة قوية تقف ضد تجاوزات السلطة معارضة تدافع عنه وتدافع عن مصالحه، معارضة لا تخشى فى الحق لومة لائم، معارضة تضحى بمصالحها الشخصية لصالح الصالح العام لهذه الأمة. إنها مهمة ثقيلة جداً، لكن الوفديين بوحدتهم قادرون عليها، طالما التفوا حول قيادتهم بصدق وبإخلاص، وبعيداً عن الشللية والانعزالية وتقسيم الناس إلى هذا معنا وهذا ضدنا. نائب رئيس تحرير جريدة الوفد