جبهة جديدة فتحتها الولاياتالمتحدة مع غريمتها روسيا، لكن هذه المرة ليست فى أوكرانيا وإنما على الأراضى السورية، بعدما أكدت واشنطن أن لديها معلومات عن تزايد التدخل العسكرى الروسى فى سوريا، وهو ما وصفه باراك أوباما مساء الجمعة بأنه مؤشر على أن الرئيس بشار الأسد قلق ويلجأ للمستشارين الروس لمساعدته. المعركة بدأت بتسريبات لصحف أمريكية وأخرى إسرائيلية أشارت إلى وجود لجنود ومستشاريين عسكريين روس داخل الإراضى السورية، وتبعتها تقارير أخرى تحدثت عن حصول دمشق على معدات جديدة من موسكو، والغريب أن كل هذه الأحاديث جاءت بعد الحركة الدبلوماسية النشطة التى قادتها موسكو لإيجاد حل سياسى للأزمة السورية، بدأته باستضافة مكونات المعارضة السورية، ثم لقاءات مع مسؤولين سعوديين، ثم اللقاء بين الرئيسين عبد الفتاح السيسى وفيلاديمير بوتين بحضور العاهل الأردنى الملك عبد الله، والشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبوظبى. كل المؤشرات كانت تقول إن روسيا مع مصر والسعودية والإمارات سيقودون تحركاً نحو الحل الدبلوماسى والسياسى للوضع السورى، خاصة أن هذه التحركات جاءت بعد استضافة الرياض للمرة الأولى منذ اندلاع الشرارة الأولى للثورة السورية، مسؤول رفيع المستوى من نظام الأسد، وهو اللواء على مملوك رئيس مكتب الأمن القومى السورى الذى عقد لقاءات مهمة مع مسؤولين سعوديين، كشفت عن تغيرات فى السياسة السعودية تجاه سوريا، وأن الرياض تتجه للقبول ببقاء الأسد فى الحكم مع تغيرات تمنح المعارضة سلطة القرار. ووسط كل هذه التحركات جاءت التسريبات الخاصة بالوجود العسكرى الروسى فى سوريا، وهو الأمر الذى لا يعد جديداً فروسيا تعترف منذ فترة بأن لها قاعدة عسكرية فى سوريا وتحديداً فى ميناء طرطوس، بل أن وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف، دعا قبل يومين الولاياتالمتحدة إلى تنسيق نشاطها العسكرى فى سوريا مع بلاده، تجنبا لأى تبعات غير مقصودة، وقال إن على البنتاجون أن يرفع تعليق التنسيق العسكرى مع الجيش الروسى، فروسيا لها قاعدة عسكرية فى سوريا، والجيش الأمريكى ينشط فى المنطقة، مؤكداً أيضاً أن بلاده ستواصل إمداد الرئيس السورى، بشار الأسد، بالأسلحة، لمساعدة قواته على إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش. السؤال الآن هو لماذا الإكثار من التقارير الغربية والتهديدات الأمريكية للوجود الروسى فى سوريا، خاصة أن هذا الأمر ليس بجديد، الأمر يبدو أن له علاقة برغبة تركيا فى توسيع هجماتها داخل الأراضى السورية بزعم مهاجمة داعش والأكراد، وأن أنقرة طلبت من واشنطن الضغط على موسكو حتى لا تحدث مواجهة روسية تركية على الأراضى السورية. الأمر ليس بالبراءة التى نظنها، فالقصة وراءها محاولات تركية لتكون الساحة السورية خالية لها، لمواجهة الأكراد والقضاء عليهم تماماً تحت زعم مواجهة تنظيم داعش، وتحاول أنقرة أن تستعين بكل الأصدقاء بدأت بفرنسا التى أجرت طلعات فى السماء السورية، واليوم تحاول أن تحجم روسيا حتى لا تقف أمام طموحاتها.