حشد من المترجمين والباحثين والمهتمين بأدب أمريكا اللاتينية كانوا فى مقدمة الحضور فى الندوة التى أقامها المركز القومى للترجمة فى المجلس الأعلى للثقافة، لمناقشة المختارات التى جمعها وترجمها د. محمد أبو العطا تحت عنوان "قصص" لخورخى لويس بورخيس، التى لم تصدر فى طبعة عربية من قبل. تأتى أهمية الترجمة فى أنها تمثل مراحل مفصلية فى أدب بورخيس، تعطى القارئ والباحث أهم مفاتيح قراءة نصوص بورخيس التى وصفها البعض بأنها "أقرب إلى الألغاز"، وللجهد الكبير الذى قام به د. محمد أبو العطا فى ترجمتها، حيث استغرقت منه 28 سنة على فترات متقطعة، إلى أن انتهى من ترجمتها مع بداية العام الجارى، وصدرت خلال هذا الشهر.. وهو ما دفع صاحب الترجمة لأن يتساءل خلال الندوة: لمن أترجمها؟ وما فائدتها؟ د. نادية جمال الدين، رئيس قسم اللغة الإسبانية بكلية الألسن، توقفت كثيراً أمام الترجمة العربية لتؤكد أنها فقدت حاجز الزمان والمكان أمام اجتماع النص الأصلى والمترجم، لدرجة جعلتها لم تفرق بينهما أثناء القراءة. إلا أنها انتقدت مستوى الطباعة الردئ الذى خرجت فيه الطبعة العربية، رغم أن إصدارات المركز القومى للترجمة عادة ما تخرج فى مستوى أفضل بكثير من ذلك. د. محمد أبو العطا كشف عن جوانب عديدة فى حياة بورخيس ومن بينها أن آراءه كانت غريبة للغاية، وكان يهتم بقراءة الأدباء المغمورين، وكثيراً ما جانبه الصواب فى أرائه حول الكثير من الأدباء المشهورين، فضلاً عن رؤيته للكون باعتباره وحدة واحدة مليئة بالمتناقضات، جعلته يمر على التاريخ العالمى من خلال مجموعة شخوص هم فى النهاية بطل واحد يلبسه عدة أثواب لشخصيات متناقضة ومتداخلة! الناقد محمد الشحات تطرق إلى بدايات بورخيس الذى انطلق من قراءة مكتبه أبيه الضخمة، ثم عمله لفترة طويلة كأمين مكتبة. مؤكداً أن فقد بورخيس لبصره فى الثلث الأخير من حياته جعله يتعامل مع الكون من منظور داخلى.. كل هذا دعم أسلوب التكثيف الشديد فى كتاباته، فأصبحت كل كلمة وصورة إشارة ثرية فى تجربته الإبداعية. هوس بورخيس بقضية الخلود يضيف الشحات جعله يتخذ من الكتابة حيلة لمقاومة الفناء، وربما هذا ما دفعه لترديد مقولته الشهيرة حول الكتابة التى جعلت من العالم "مكتبة كبيرة يشترك فى تأليفها كل مبدعى العالم لينتجوا جميعاً كتاباً واحداً". المترجم طلعت الشايب، الذى أدار الندوة، أكد أنه سيطالب المركز بإصدار طبعة ثانية من المجموعة تتناسب فى طباعتها وإخراجها مع قيمة الكاتب والترجمة، وحتى قبل أن تنفد الطبعة الأولى. يذكر أن الندوة تأتى فى إطار الصالون الشهرى للمركز القومى للترجمة والذى يعقد فى الأحد الأخير من كل شهر.