يواجه المفكر الإسلامى ناجح إبراهيم، والباحث هشام النجار، فى كتابهمها الصادر مؤخرًا عن دار «الشروق»، بعنوان «داعش.. السكين التى تذبح الإسلام»، هذا التنظيم الإرهابى، والذى يصفاه بقولهما «ما هى إلا أداة وسكين فى يد خصوم ومنافسى هذه الأمة لذبح الإسلام». ويتناول الكتاب كيف أن الإسلام برىء من القتل بالجنسية الذى ابتدعته القاعدة وأفتت به من قبل بقتل كل أمريكى أو يهودى، فقد حارب الصحابة الروم والفرس ولم يقولوا بقتل كل رومى أو فارسى، بل إن عمر بن الخطاب كان سابقا لعصره حينما كان يقول لجيوشه التى تخرج للقتال «اتقوا الله فى الفلاحين فإنهم لا يناصبونكم العداء»، فقد نطق بالحكم وهو حرمة قتل الفلاحين وهم «المدنيون فى عصره»، وبيّن العلة فى ذلك «بأنهم ليسوا من أهل المقاتلة والحرب»، استلهاما لقوله تعالى «وَقَاتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ»، فمن يقاتلنا نقاتله، ومن لا يقاتلنا يحرم علينا قتاله. وهذا المعنى أوضحه النبى حينما رأى امرأة مقتولة فقال «ما كانت هذه لتقتل» وفى رواية «ما كانت هذه لتقاتل» وكلا الروايتين تفسر إحداهما الأخرى، فمادامت لا تقاتل فلا تقتل، ويلحق بذلك وصايا النبى وخلفائه «لا تقتلوا طفلا ولا امرأة ولا شيخا كبيرا ولا فانيا ولا راهبا فى صومعته»، وكل هؤلاء هم المدنيون فى لغة القانون الدولى الذى سبقه الإسلام بأكثر من 14 قرنا. إن القتل بالجنسية لم يكن يعرفه الفقه الإسلامى حتى جاءت القاعدة لتخرق أعظم خرق فى الإسلام وتفتى بالقتل بالجنسية، ناسية أن هناك أمريكيا مسلما أو يابانيا أو صينيا أو متعاطفا مع القضية الفلسطينية أو محبا للعرب أو لا شأن له بالسياسة ابتداء، ودون أن تفرق بين أمريكى وآخر، ناسية قوله تعالى وهو يتحدث عن أهل الكتاب «ليسوا سواء»، وهى قمة العدل القرآنى. ويرى الكتاب أن «داعش» وأخواتها يفهمون الآية الكريمة «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَة لِّلْعَالَمِينَ»، على نحو غريب: «وما أرسلناك إلا ذابحا للعالمين» أو «مفجرا للعالمين»، أو «مفرقا وممزقا للعالمين» أو «مدمرا للعالمين»، فيندر أن ترى أو تسمع أو تقرأ عن خبر رحيم وعطوف وفيه شفقة وعفو صنعته داعش وأخواتها. والسر فى ذلك أن داعش عاشت فى مغالطة كبرى وهى نسخ كل آيات الصفح والعفو والرحمة والتعددية الدينية بآية واحدة هى آية السيف، وكأن الإسلام طوال تاريخه بعد نزول آية السيف، لم ولن يعرف الرحمة بالآخر أو الصبر على الآخر، أو العفو أو الصلح أو التحالف مع الآخر، أو قبول التعددية الدينية أو الفقهية أو السياسية. موضوعات متعلقة.. جمال الغيطانى: السيسى طالبنا بإعادة النظر فى كتب التراث لتنقيتها