ذبحت داعش الصحفيين الأمريكيين وكل ضحاياها باسم الجهاد.. وفجرت قبور الأنبياء باسم الجهاد.. وقامت الميليشيات الشيعية بتفجير مساجد السنة في العراق في صلاة الجمعة باسم الجهاد. وقامت أنصار بيت المقدس بمذبحتي رفح الأولي والثانية ومذبحتي الفرافرة الأولي والثانية للجنود المصريين تحت شعار الجهاد في سبيل الله.. وقتل المدنيون في تفجيرات بوسطن ولندن ومدريد باسمه أيضا.. وقتل المدنيون المسلمون في تفجيرات الرياض والرباط والدار البيضاء وشرم الشيخ باسمه.. وخطف الشيخ الذهبي العالم الأزهري الجليل باسمه.. وفجر الشيعة مساجد السنة وفجرت السنة مساجد الشيعة باسمه.. وقتل العلماء أو فجروا في المساجد باسم الجهاد.. وكل ذلك وأمثاله لا يمت للجهاد الحق بصلة.. بل يمثل أكبر طعنة لهذه الفريضة العظيمة.. وأكبر خنجر في ظهر الشريعة الغراء الرحيمة. إنها الفريضة المظلومة التي ظلمها الجميع.. ومنهم أهلها الذين وضعوا السيف في غير موضعه فقاتلوا في المكان والزمان الخطأ وبالطريقة الخطأ فأساءوا إلي هذه الفريضة العظيمة التي شرعها الإسلام لحفظ الأوطان وردع الأعداء وحقن الدماء وليس إراقتها دون مبرر. وهي الفريضة التي ظلمها خصومها الذين ينكرونها ويرفضونها أو يقولون أنها ليست من الإسلام.. ناسين أن الحق لابد أن تحميه قوة عادلة راشدة تحمي ولا تبطش تدافع ولا تظلم. فليس للمسلمين أخلاق فحسب.. ولكن لسيوفهم أخلاق أيضا.. فهي لا تقتل طفلا ولا امرأة ولا شيخا ولا تقطع شجرة ولا نخلة في حالة الحرب.. فكيف يكون حالها في السلم. الجهاد هي الفريضة المظلومة والتي أساء إليها أهلها الذين يكفرون المسلمين والمدنيين ويقتلونهم باسم الإسلام.. فيضروا الإسلام أكثر من أعتي أعدائه. فالذين يكفرون الجيش والشرطة والحكام والبرلمان يجرون بلادهم إلي الخلف ويسيئون إلي الإسلام والدين بل الجهاد في سبيل الله أعظم إساءة.. ويلطخون ثوب الإسلام النقي الأبيض بالدماء الحرام.. ويلوثون دعوة الإسلام الطاهرة. وبدلا أن يقدموا الإسلام للناس غضا طريا صافيا نقيا قدموه مشوها ممزقا باهتا جامدا. إن رسالة الإسلام الأساسية تكمن في التبشير لا التنفير.. والتجميع لا التفريق.. والرحمة بالناس لا القسوة عليهم.. فمن نفرهم ولم يبشرهم.. وفرقهم ولم يجمعهم.. وعسر ولم ييسر عليهم.. وقسا عليهم ولم يرحمهم فليبحث له عن زعيم آخر غير النبي( صلي الله عليه وسلم) وعن دين آخر يتحدث عنه سوي الإسلام. إن القتال ليس فخرا في حد ذاته.. فالوحوش في البراري تتقاتل ويقتل بعضها بعضا.. ولكن الفخر الحقيقي هو أن تقاتل في سبيل الله نصرة للدين وإعزازا للإسلام ودفعا للفتن ودفاعا عن الأوطان. أما القتال والتكفير وتفجير المدنيين وخطف المسلمين وذبح المدنيين لا ثمرة له سوي إراقة دماء الأبرياء وسفك الدماء المعصومة وزرع الأحقاد وإضعاف الأمة أمام أعدائها الحقيقيين وزرع الخوف من كل ما هو إسلامي.. وهذا يلحق بقتال الفتنة الذي حرمته الشريعة ومنعته نصوص الكتاب والسنة. إن أمة الإسلام لها أخلاق وسيوفها أيضا لها أخلاق.. فهل نسينا قولة الصحابي أبو دجانة لقد أكرمت سيف رسول الله( صلي الله عليه وسلم) أن أقتل به امرأة. رغم أن هند وقتها كانت تقاتل في جيش المشركين في غزوة أحد وتحثهم علي الحرب. لقد بلغ من أخلاق سيوف أمتنا أنها تحمي المساجد التي يذكر فيها اسم الله كثيرا وتحمي الكنائس ومعابد اليهود في بلاد المسلمين رغم اختلاف العقيدة.. وتدافع عن حرية عقائدهم وأموالهم وأعراضهم. لقد أساء البعض لفريضة الجهاد العظيمة التي قرنت دوما بالرحمة.. فهذا رسول الله( صلي الله عليه وسلم) يقف علي رأس امرأة مقتولة في أحد معاركه فيقول من قتل هذه.. وفي رواية ما كانت هذه لتقاتل.. وكأنه يفسر بالروايتين معا علة الحرب والقتال في الإسلام وهي المقاتلة.. كما قال أغلب فقهاء السلف.. فمن قاتلك أو اعتدي عليك تقاتله.. امتثالا لقوله تعالي وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا. فالجهاد في الإسلام ليس اعتداء علي الآخرين أو تسلطا عليهم أو فرض الإسلام أو الرأي والفكر عليهم بالقوة.. ولكنه الدفاع عن بلاد المسلمين والذود عن حرماتهم.