سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لما الشتا يدق البيبان.. نستقبله بصندوق الذكريات.. هو الشتا إيه غير جرى فى المطر ووابور جاز وحلة عدس وقعدة قصب على السطح و«الهاى كول» وشوية برتقال ويوستفندى؟!
«اللى قضى العمر هزار واللى قضى العمر بجد، شد لحاف الشتا من البرد»، كل شتاء وأنتم بخير، ها قد هل علينا الشتاء بغموضه وسحر نهاره القصير، ولياليه الطويلة التى تأتى محملة بالعديد من الذكريات والعادات التى لا نراها إلا كل شتاء، واسمح لى عزيزى القارئ أن أقوم معك بجولة سريعة بين ليالى وأيام هذا الفصل لأذكرك وأتذكر معك ذكرياته. - وابور الجاز قديمًا وقبل أن ينعم المولى علينا بنعمة الغسالة الأتوماتيك «اللهم أدمها نعمة وطورها لنا»، كان هناك نوع آخر من الغسالات وهو «الغسالة الكهرباء العادية»، وقبلهما كان الغسيل اليدوى، الذى كانت له طقوس محددة ومنظمة لا تنحرف عنها السيدة المصرية، وله موعد ثابت فى معظم البيوت وهو بعد فجر يوم الجمعة من كل أسبوع. أما الأدوات المستخدمة فى هذه العملية فكانت محددة أيضاً وهى «طشت ألمونيوم كبير للغسيل بالصابون، وطبق بلاستيك كبير لشطف الملابس بالماء النظيف، وطبق للنشر، ووابور الجاز الذى كان أهم ما يميز هذا اليوم. -اليوستفندى وابن عمه.. البرتقال ليالى الشتاء متشابهة، لكنها أبدًا لم تكن مملة، إذ كان بها موعد يومى ثابت مع العائلة، غالباً بعد العشاء، يرحلون جميعهم البطاطين و«الألحفة» وكل وسائل التدفئة إلى الغرفة التى تضم جهاز التلفاز، سواء كانت غرفة الضيوف أو غرفة النوم أو غرفة الأبناء، لا يهم، المهم أن الجميع أمام هذا الجهاز أجسادهم ملقاة «اللى على السرير، واللى على كنبة، واللى مسطح على الأرض»، وكل منهم ملتف ببطانية، وبجواره شنطة كبيرة من البرتقال أو اليوستفندى أو كليهما، بها على أقل تقدير 4 كيلو برتقال. وكان من الصعب على أى من أفراد الأسرة أن يتناول ثمرة برتقال واحدة، فلا بد أن تكون «شنطة البرتقان» كلها حاضرة، بجوار الأم، التى تجلس لتقشر البرتقال، وتبدأ فى توزيعه على أفراد العائلة بداية من الأب ثم الأبناء ومن ينتهى من برتقالته تمده الأم بالمزيد حتى تفرغ الشنطة. - حلة العدس مازال بعض البيوت المصرية يحتفظ بهذا الطقس الذى قد يكون الأبرز فى فصل الشتاء، والحقيقة أن كل ما فى حلة العدس يبعث الدفء، فرائحة السمن البلدى تفوح من داخل المطبخ لتشعرك بالأمن والطمأنينة، البخار يتسرب من غطاء الحلة فينتشر فى أرجاء الغرف ممزوجا بالدفء، حتى لونه الأصفر الداكن يرسل رسائل دافئة وكأنه حضن كبير يسع كل من ترتعش أجسادهم من البرد، ويضمهم إليه فتزول رعشتهم. -السحلب وحمص الشام لكل فصل مشروب مميز يتناسب ودرجة الحرارة، وبطبيعة الحال فإن فصل الشتاء تناسبه المشروبات الدافئة وعلى رأس قائمة هذه المشروبات حمص الشام والسحلب وغيرها كثير، لكن السحلب تميز قديما بأنه كان المشروب العزيز الذى يعد واحدا من علامات الرفاهية، وربما يعود ذلك لكونه مشروبا ثقيلا سواء فى كيفية تحضيره أو على المعدة، عكس حمص الشام الذى كانت تجهز الأمهات لتحضيره قبلها بأيام، فتقوم أولا بنقع الحمص «البلدى» أياما قبل طهوه حتى يلين، وبعد النقع يسلق فى «حلة كبيرة». -الجرى تحت المطر «ربنا ما يقطعها عادة»، فهطول المطر حتى الآن ماراثون كبير تحرص البنات فى مصر على الاحتفال فيه بالمشى فى الشوارع، فنحن شعب لا يعترف بثقافة المظلات للحماية من المطر أو أشعة الشمس، ونفضل أن نمشى ونخرج للنوافذ وقت هطول المطر حتى يغمرنا ويغرق ملابسنا. - «الهاى كول».. لشتاء أكثر أناقة علامة مميزة للشتاء أواخر التسعينيات، خاصة اللونين الأسود والأبيض منه، بمجرد ارتدائك له تحصل على صك «الشياكة والأناقة»، للشباب والبنات معا، «موضة مكس»، كان يصنع من القطن ولابد أن يحمل اسم الماركة على الرقبة، لأنها الجزء الوحيد الذى يميزه، ولن يختفى أبدا إن تم ارتداؤه تحت أى قطعة، سواء كانت قميصا أو «جاكيت». لكن ثورة حدثت فى ارتداء الهاى كول بعد أن ظهر عدد من الفنانين وهم يرتدونه وحده من دون قميص، وكان أبرزهم هشام عباس وحميد الشاعرى وحسام حسنى وإيهاب توفيق ومحمد فؤاد، فتحول الهاى كول لقطعة مستقلة بذاتها. - القصب على السطوح بعد العصر ساعة العصارى، لا تحلو إلا فوق السطوح مع الإخوة والأصحاب وأولاد العم والخال للرغى، ولعب الكوتشينة وبنك الحظ والسلم والتعبان، تحت أشعة الشمس الدافئة فى نهار الشتاء، ولأن التجمعات المصرية لا تتم إلا بالمأكولات والمشروبات، فكان تجمع ساعة العصر لا يكتمل إلا بالقصب والشاى، فيحبس المواطن بعد الأكل بالشاى التمام ثم تبدأ فترة القصب، فتجد عيدانه ملقاة على الارض. - مسابقة البخار الفموية هى مسابقة سنوية يستحيل إقامتها إلا فى فصل الشتاء، المسابقة يجريها الأولاد الصغار فيما بينهم، ولا توجد جوائز لمن يفوز بها، ولا يعين لها حكم، فهى مسابقة ودية تماما، يجتمع فيها الصغار ليلا أو فى الصباح الباكر وهم متوجهون للمدرسة ويبدأون فى الحديث لإخراج البخار من أفواههم ومن يخرج كمية أكبر من البخار إما أن يكون الأكثر إحساسا بالبرد، أو الأكثر خرقا للطبيعة باعتباره يستطيع إخراج كمية أكبر من البخار مقارنة بباقى أقرانه، المهم أنه سيصبح المميز بين الجميع. - اللحاف القطن وأطقم اللكلوك والجوانتى الصوف والآيس كاب والكوفيه فى صندوق خشبى مظلم معلق فى سقف المنزل يسمى «الصندرة»، كانت تنتظر هذه الأشياء بين الشتاء والآخر لتظهر مع البرد، وقد تكون كل أو معظم هذه النوعيات من الملبوسات اختفت وحلت محلها أخرى أكثر تطورا، ومنها لحاف مصنوع يدويا من القطن بواجهة ستان، هناك أيضا طقم «اللكلوك» والجوانتى الصوف، وكذلك طقم الآيس كاب والكوفيه، وهى الإكسسورات التى تستخدم لتدفئة الرقبة والرأس، كما تعمل أيضا على تدفئة الأطراف من «السقعة».