فى البداية أهم سبب يؤرق المجتمع المصرى وهو السبب الرئيسى فى الهجرة والسفر للخارج هو شبح البطالة، لقد تخرجت من المرحلة الجامعية بعد تعليم 15 عاما فى المراحل التعليمية المختلفة، وفى أثناء الدراسة التعليمية كنت أحلم كغيرى من الشباب بمستقبل مشرق وحياة كريمة أفضل كانت الحياة وردى وخصوصا فى الجامعة، كل واحد كان لديه حلم بعد التخرج ولم نكن نعلم أننا سنواجه خطرا كبيرا يقضى على طموحات وحياة ملايين من الشباب الذى كافح وتعب هو وأسرته حتى تخرج. بطالة الشباب من المشكلات التى تستحق مزيدا من البحث والدراسة إذ تمثل تحديا حقيقيا يواجه التنمية بكل أشكالها وتهدد الاستقرار الأمنى والسياسى لأى مجتمع. وقد أفاد المراقبون أن المجتمعات العربية تشهد معوقات اجتماعية واقتصادية وثقافية تؤدى إلى تفاقم ظاهرة البطالة خاصة بين فئة الشباب ومن أبرزها سوء التخطيط على المستوى القومى، وأن تحدى إيجاد فرص العمل ستزداد قوة فى المستقبل، وأن البحث عن أسباب مشكلة البطالة لابد من ربطه بنمط عملية التنمية السائدة. وقالت دراسة للبنك الدولى إن نسبة البطالة بين الشباب فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من أعلى النسب فى العالم حيث بلغت فى المتوسط إلى أكثر من 25% عام 2009 وهذه النسبة تضم فئة الشباب الذين تلقوا تعليما جيدا نسبيا والذين يبحثون لأول مرة عن عمل. لذلك ساد اليأس والإحباط فى قلوبنا وعقولنا بعد التخرج فى البحث عن فرصة عمل سواء مناسبة لمؤهلنا الدراسى أو غير مناسبة هناك بعض الحاقدين من الجيل القديم دائما يرمون اللوم على الشباب ويقول عليه جيل بلا طموح ولا إرادة يريد أن يعمل على مكاتب وفى وظائف حكومية وهذه نظرية خاطئة تماما والدليل هو أنه الآن فى مصر فقط تجد المؤهلات العليا تعمل فى أدنى الأعمال التى لا تتناسب حتى مع إنسان عادى حاصل على شهادة محو الأمية مثل أعمال الإنشاءات والأمن ومندوبى مبيعات وغيرها من الأعمال الشاقة. وقد رصد لنا برنامج "واحد من الناس" فى إحدى حلقاته شابا حاصلا على امتياز فى كلية آثار ويعمل عاملا فى الصرف الصحى، شىء مهين للكرامة الإنسانية أن يكون شاب يتعب ويكافح فى التعليم ولا يجد أى فرصة عمل فى أى مكان تتناسب مع مؤهله وتخصصه، وكل الأبواب تغلق فى طريقه، ولا يجد طريقا إلا الانحراف أو السقوط للهاوية. أى نعم العمل ليس عيبا ولا حراما ولا خجل منه طالما رزق حلال ولكن أتسائل عن المناسب لماذا تعلمنا حتى المرحلة الجامعية وفى الآخر نشتغل فى عمل غير تخصصنا ولا دراستنا؟! ذلك يخلق جوا من الكراهية واليأس بسبب عدم تكافؤ الفرص فى العمل أو حتى إيجاد بديل مناسب. وتلك تعد من أخطر النتائج القائمة على شبح البطالة هو الضياع والانحراف والإجرام وارتفاع معدل الجريمة والإدمان، كلها كوارث قائمة وكان نظام مبارك يعرفها ويتجاهلها بل وشارك فى تفاقمها.. هناك الكثير يبحث عن حلم الهجرة والبحث عن حياة أفضل فى بلد لم تكن بلده ولا وطنه ويعيش فيها طوال حياته غريبا، وفى النهاية يحن إلى وطنه الغالى المغروس فى وجدانه (مصر). هناك من ينجح فى طلب الهجرة وهناك الكثير يفشلون وفريق آخر من الخريجين يبحثون عن السفر للخارج وأنا واحد منهم بعد طول انتظار فى البحث عن فرصة عمل فى مصر. وقسوة المعاناة مع كثير من مكاتب السفريات التى لا ترحم من ابتزاز واستغلال وتضليل مع الانتظار ثم الإجراءات فى السفر وهذه معاناة أخرى فى رحلة الهروب من الواقع المؤلم وحلم السفر للخارج لإيجاد فرصة عمل فى الخارج تتناسب مع المؤهل أو الخبرة، وعندما علمت بقدوم التأشيرة كنت فى غاية الفرحة أننى أنهيت طريق طويل فى البحث والمعاناة حتى جاءت الفرصة بعد الاستدانة من هنا وهناك على أمل السداد بعد السفر وتحقيق ما لم استطع تحقيقه فى مصر وطنى الغالى.