صبح البنزين السلعة الأكثر طلبًا فى إقليم كردستان بشمال العراق. فكل قطرة الآن لها ثمن حتى تلك التى تسيل على الأرض، وأمام ذلك تسعى حكومة الإقليم إلى تقنين استهلاك البنزين من خلال استخدام قسائم ورقية. وتم إعطاء سائقى السيارات الأجرة مهلة لبعض الوقت حيث يسمح لهم بالذهاب إلى محطات البنزين لمرتين فى الأسبوع. وبالطبع فإن أصحاب المشاريع يستفيدون من هذا الوضع. ومن بينهم كل من صالح ماجد وعماد أحمد، والاثنان أطلقا مشروعهما الخاص ببيع البنزين على طريق يصل بين أربيل والموصل، حيث يقوما باصطياد سائقى السيارات التى تمر عبر نقطة التفتيش فى منطقة خازر. وكل ما يحتاجانه هو وعاءين وخرطوم صغير وزجاجة بلاستيكية وبالطبع العنصر الرئيسى وهو البنزين. ويحصل الاثنان على أغلب احتياجاتهما من البنزين من الجارة سوريا، حيث تساق إليهما عن طريق سيارات الأجرة عقب رحلة سريعة عبر الحدود. وتضررت المنطقة الكردية فى شمال العراق كثيرًا من نقص البنزين فى الوقت الذى يحارب فيه المتشددون القوات الحكومية العراقية. ففى منتصف شهر يونيو الماضى سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على أكبر مصفاة لتكرير النفط فى بيجى الأمر الذى أدى فعليا قطع كميات كبيرة من البنزين التى تصل إلى إقليم كردستان. وتزايد الطلب أيضًا، نتيجة الاعتقاد بأن أكثر من 300 ألف شخص، فروا من أجزاء متفرقة من العراق إلى الإقليم الكردى الآمن، جلبوا سيارتهم معهم، ولكن شراء البنزين بطريقة غير شرعية ينطوى على كثير من المخاطر، وبعض التجار عرفوا بأنهم يقومون بوضع الماء أسفل البنزين، أو يضيفون مواد أخرى، لذلك يقوم العملاء باختباره أولا قبل شراؤه عن طريق الشم. كما أن البنزين المباع بطريقة غير شرعية غالى الثمن، فيبيع صالح وعماد اللتر مقابل 2000 دينار عراقى أى ما يوازى 1.7 دولار أمريكى، وهو أربع أضعاف ما يباع به فى محطات البنزين، حيث يبلغ سعر اللتر 500 دينار عراقى فقط، ولأسابيع أصبحت العملية كمنجم الذهب بالنسبة للثنائى، ولكن العمل تباطأ نتيجة نقص العملة. ويلقى مجيد باللائمة على الصراع المستمر فى البلاد، ويقول سامر حنا الذى يشترى من صالح وعماد إنه لم يكن أمامه خيار آخر. وبالنسبة لأولئك الذين يشترون الوقود من محطات البنزين، فقد حصلوا على قسائم ورقية مختومة تقدمها الحكومة الإقليمية عليها تاريخ ليتم تسليمها للموظفين فى المحطات. ويقوم هوجر نصير، مدير محطة تابان التى تديرها الحكومة، بمساعدة الموظفين على التعامل مع النظام الجديد. وتبيع المحطة لتر الوقود مقابل 500 دينار ( 0.42 دولار أمريكى ). وبالمقارنة فإن المحطات الخاصة تبيع اللتر مقابل 1250 دينار عراقى (1.07 دولار أمريكي). ويعتقد نصير أن صناعة بيع الوقود بطريقة غير شرعية ستندثر نتيجة السيطرة عليها فى المنطقة. ويقول: "لا أستطيع القول بأنه أمر مهم. تلك السيارات تقف فى طابور للحصول على الوقود ويمكنهم أن يبيعوه، والأمر على هذا الحال منذ ثلاثة أو أربعة أيام فى الأزمة. لكن الآن تمت السيطرة عليه ولا يوجد مزيد من الأماكن لهؤلاء الذين يبيعون الوقود فى جراكن". ولكن كثير من الناس لا يزالون يعانون من الأزمة. ومنهم المتقاعد ياسين عثمان مولود الذى يتوجب عليه العيش مقابل 429 دولار شهريا. ويقول عن ذلك: "لا أستطيع أن أشترى الوقود الغالى. لا أستطيع إذا عبئته بوقود غال فسيتكلف ذلك 70 ألف دينار (60 دولار). من أين آتى بهذا المبلغ من المال؟ راتبى 500 ألف دينار (429 دولار)، أنا متقاعد، هل أستطيع أن أشتريه ب500 ألف دينار؟".