* لحظة 25 يناير وثورة 30 يونيو كانت مؤسسة لما بعدها * الثورة أسقطت الدستور القائم وأنهت الاحتكام له.. وشعارات الثورة تحولت عبر الدستور الجديد إلى نصوص دستورية جديدة * السلطة التأسيسية امتلكها الشعب الثائر وحده وأعطاها طواعية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المسئول ساعتها عن إدارة شؤون البلاد * عندما تشكلت الجمعية التأسيسية آلت لها السلطة التأسيسية التي وضعت الدستور الجديد * السلطة التأسيسية أم السلطات الثلاث ولا يملكها إلا الشعب وحده ممثلا فى جمعيته التاسيسية * الرئيس المنتخب أو الحكومة المنتخبة مقيدة بالدستور وإذا خالفت نصوصه سقطت مشروعية وجودها فورًا
عندما تحدث الثورة يسقط على الفور العقد الاجتماعي (الدستور) الموجود للدولة والذي قامت الثورة عليه فأبطلته. ثم تهدأ الثورة وتحط أوزارها وتخفت نارها قليلا لتأتي على الفور اللحظة الدستورية الجديدة فتنتخب الأمة جمعية تأسيسية لوضع عقد اجتماعي جديد للبلاد، دستور جديد للبلاد بديلًا للعقد الذي سقط لكن تلك اللحظة الدستورية مقيدة طبعا حيث تتقيد بالمطالب الثورية التى بلورتها ثورة الشعب حيث يتأسس الدستور الجديد على المطالب الثورية والشعارات الثورية التى تصدرت المشهد الثورى ساعة الثورة. فإذا تعذر انتخاب الجمعية التأسيسية وقتها تكونت جمعية الدستور من الممثلين للطوائف الاجتماعية المختلفة ومن الشخصيات الوطنية الكبيرة التي وثقت بها الثورة ورضيت عنها. ويجلس وقتها أعضاء جمعية الدستور يملكون ما يُعرف بأم السلطات وهى (السلطة التأسيسية) التى تملك وحدها صياغة وكتابة العقد الاجتماعي الجديد مقيدة بقيد المطالب والشعارات الثورية التى حددها الشعب الثائر فى ثورته. فإذا طالب الشعب فى ثورته بالحرية مثلًا فعلى جمعية الدستور أن تعظم من شأن الحريات فى الدستور الجديد طبعا وأن تضع القيود الدستورية على المساس بها. وإذا طالب الشعب الثائر بالعدالة الاجتماعية مثلا فإن على المشرع الدستوري أن يصبغ جميع نصوص الدستور الجديد بصبغتها ويعطيها أولوية مطلقة على ما عداها ويجعلها أساسًا للمشرع العادى فى مجلس النواب يلتزم به ولا يخرج عليه. وإذا أكد الشعب فى ثورته الهادرة على الوحدة الوطنية جعل منها المشرع الدستوري فورا أساسا وعمادا للحفاظ على الدولة واستقرارها وجعلها قوام الأمن القومي للدولة وجعل الحفاظ عليها وصيانتها واجبا على كل المواطنين وجرم جرحها أو خدشها وقيد تجاوزها ومنع إهمالها. وإذا أكد الشعب فى ثورته على رفض الدولة الدينية والتوسل بالدين لتحقيق أهداف سياسية ورفض الطائفية والإرهاب باسم الدين وأسقط كل النعرات الدينية ورفض دولة الفتوى وطالب بدولة القانون، فإن على المشرع الدستوري أن يؤكد عبر نصوص الدستور على وطنية الدولة وعلى مدنية الدولة وعلى دستورية الدولة وجرم الطائفية وجرم التوسل بالدين وجعله وسيلة لتحقيق المكاسب السياسية ومنع قيام الاحزاب الدينية وألزم المسؤولين عن التعليم الوطنى بمكافحة تلك الأفكار عبر المقررات الدراسية وجرم التمييز بين المواطنين على أساس ديني أو طائفي أو غيره. والدستور هو القانون الأعلى للبلاد يعلو ولا يعلى عليه، ويسمو ولا يسمو عليه. والمشرع الدستوري هو محض منفذ للإرادة الشعبية الثائرة يحول شعاراتها وطلباتها الثورية إلى نصوص دستورية تضع قيودًا على المشرع العادي (نواب الأمة) كى يلتزموا التزامًا صارمًا بها ولا يشرعون منفكين عنها أبدًا. ويكون على الحكومة المنتخبة التالية للدستور الجديد واجب أصيل فى نشر الثقافة الدستورية للعقد الاجتماعي الجديد بين المواطنين مستخدمة كل الوسائل التعليمية والإعلامية التى تحقق الهدف المنشود. ويكون عليها غرس ثقافة دستورية ومعرفة دستورية بكل مواد العقد الاجتماعى الذي يحكم الدولة الجديدة أو الجمهورية الجديدة التى أوجدتها الثورة ورسختها اللحظة الدستورية. وإذا ما تطلب المشرع الدستوري فى الدستور الجديد أمرًا ما لدعم حق ما فلا يجوز للمشرع العادي فى مجلس النواب التذرع بالاعتبارات العملية لتعطيل حكم الدستور بزعم استحالة تطبيقه، وإلا غدا الدستور بتقريره هذه الضمانة عابثًا وحالمًا، ولانحلت القيود التى يضعها الدستور محض سراب واهٍ . وإذا كانت اللحظة الدستورية مقيدة طبعا بمطالب الثورة وشعاراتها وإذا كان المشرع الدستورى مقيدًا بشعارات الثورة ومطالبها فإن المشرع العادى فى مجلس النواب مقيد أيضًا بنصوص الدستور الذى وضعه المشرع الدستورى ووافق عليه الشعب عبر استفتاء عام. من هنا نشأ مبدأ (المشروعية) لأى رئيس منتخب أو حكومة منتخبة وصارت (المشروعية) أساسا لشرعية الرئيس المنتخب أو الحكومة المنتخبة. *وعلينا أن نفرق بين المشروعية والشرعية.. فالمشروعية شرط لاستمرار الشرعية، فإذا فقد الرئيس المنتخب المشروعية سقطت على الفور شرعيته. ولكن ما هي الشرعية وما هي المشروعية؟! الشرعية: هي أن تأتي إلى الحكم عبر الانتخابات الحرة عبر صندوق الانتخابات النزيهة، أما المشروعية فهي أن تحكم بعد انتخابك مقيدًا بالدستور والقانون، فإذا خرجت على مبدأ سيادة القانون وعزلت النائب العام الذي لا يملك أحد عزله دستوريًا مثلًا، وإذا خرجت على الدستور نفسه وأنت رئيس منتخب ترأس حصرا السلطة التنفيذية التى هى إحدى سلطات الدولة الثلاث واغتصبت السلطة التأسيسية التى ليست لك أصلًا والتى تضع دستور البلاد وأصدرت إعلانات دستورية فقدت على الفور شرعية وجودك، فلا "تصدعني ساعتها" بأنك رئيس منتخب وأنك أتيت عبر انتخابات حرة وعبر الصندوق، وأنك لا تذهب ولا تترك الأمر إلا عبر الصندوق أيضًا. فالصندوق الذى أتيت من خلاله محكوم بالدستور بالعقد الاجتماعي فإذا خرجت على الدستور سقطت مشروعيتك وبالتالي فقدت شرعيتك. المشروعية هى أساس الشرعية وهى شرط الشرعية الشارط وفقد المشروعية يفقدك الشرعية فورًا.. وهذا ما جهله الإخواني محمد مرسي وتنظيمه الإرهابي العتيد الفقير فى السياسة والاقتصاد والدين أيضًا.