تعليمات لرؤساء لجان امتحانات الثانوية العامة بالفيوم    "الإصلاح المؤسسي وتحسين كفاءة الخدمات الحكومية".. جلسة تثقيفية بجامعة أسيوط    وزير الإسكان يتابع مع محافظ كفر الشيخ سير العمل بمشروعات المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"    محافظ المنيا يسلم 328 عقد تقنين أراضي أملاك الدولة    لو كانت الشرعية الدولية حاضرة!!    روبرت باتيلو: إسرائيل تستخدم الاتفاقات التجارية لحشد الدعم الدولي    أكرم توفيق: مشروع نادي الشمال وراء انضمامي.. وأتطلع لتحقيق البطولات    كأس العالم للأندية| محمود عاشور حكم فيديو رئيسي في مباراة بايرن وأوكلاند    السجن المؤبد وغرامة نصف مليون جنيه لتاجر شابو وهيروين في قنا    أول ظهور لتامر حسني ورسالة مؤثرة لجمهوره بعد الحالة الصحية لنجله | شاهد    طارق فهمي: أمريكا ستدخل بشكل مباشر في حرب مع إيران إذا هددت مصالحها    صوت أم كلثوم على تتر مسلسل «فات الميعاد» | شاهد    مصر تستهدف 166 مليار جنيه استثمارات للصناعات التحويلية فى 2025-2026    أفضل أدعية العام الهجري الجديد.. تعرف عليها    السعودية تنشئ غرفة عمليات خاصة وتضع خطة متكاملة لخدمة الحجاج الإيرانيين    ولي العهد السعودي يبحث مع رئيس وزراء بريطانيا تداعيات العمليات الإسرائيلية ضد إيران    الرقابة النووية تطمئن المصريين: لا مؤشرات على أي تغيّر إشعاعي داخل البلاد    شركة سكاى أبو ظبي تسدد 10 ملايين دولار دفعة مقدمة لتطوير 430 فدانا فى الساحل الشمالي    بأغاني رومانسية واستعراضات مبهرة.. حمادة هلال يشعل أجواء الصيف في حفل «بتروسبورت»    ديمبيلي يكشف عن الهدف الأهم فى مسيرته    «الصحة» تُصدر تحذيرات وقائية تزامناً مع ارتفاع درجات الحرارة واقتراب فصل الصيف    الأكاديمية العسكرية تحتفل بتخرج الدورة التدريبية الرابعة لأعضاء هيئة الرقابة الإدارية    امتحانات الثانوية العامة.. الصحة تعتمد خطة تأمين أكثر من 800 ألف طالب    كأس العالم للأندية.. باريس الباحث عن موسم استثنائي يتحدى طموحات أتلتيكو    لتفقد المنشآت الرياضية.. وزير الشباب يزور جامعة الإسكندرية- صور    ب"فستان جريء".. أحدث ظهور ل ميرنا جميل والجمهور يغازلها (صور)    رئيس الوزراء يتفقد مركز تنمية الأسرة والطفل بزاوية صقر    جامعة سيناء تعلن فتح باب القبول لطلاب الثانوية العامة وما يعادلها بفرعي القنطرة والعريش    تعاون بين «إيتيدا» وجامعة العريش لبناء القدرات الرقمية لأبناء شمال سيناء    محافظ كفر الشيخ يُدشن حملة «من بدري أمان» للكشف المبكر عن الأورام    لطلاب الثانوية العامة.. نصائح لتعزيز القدرة على المذاكرة دون إرهاق    مصدر ليلا كورة: بيراميدز مدد عقد ماييلي لموسم واحد.. ومحاولات لزيادة المدة    بعد توصية ميدو.. أزمة في الزمالك بسبب طارق حامد (خاص)    والد طفلة البحيرة: استجابة رئيس الوزراء لعلاج ابنتى أعادت لنا الحياة    خبير اقتصادي: الدولة المصرية تتعامل بمرونة واستباقية مع أي تطورات جيوسياسية    رئيس جامعة القاهرة يهنئ عميدة كلية الإعلام الأسبق بجائزة «أطوار بهجت»    السجن المؤبد ل5 متهمين بقضية داعش سوهاج وإدراجهم بقوائم الإرهاب    تخفيف عقوبة السجن المشدد ل متهم بالشروع في القتل ب المنيا    «التعليم العالي» تنظم حفل تخرج للوافدين من المركز الثقافي المصري لتعليم اللغة العربية    إعلام عبرى: نقل طائرة رئيس الوزراء الإسرائيلى إلى أثينا مع بدء هجوم إيران    ثقافة الإسماعيلية تنفذ أنشطة متنوعة لتعزيز الوعي البيئي وتنمية مهارات النشء    أهم أخبار الكويت اليوم السبت 14 يونيو 2025    غدا.. بدء التقديم "لمسابقة الأزهر للسنة النبوية"    غدا .. انطلاق فعاليات مؤتمر التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" ومؤسسة "شجرة التوت" يطلقان فعاليات منصة "القدرة على الفن - Artability HUB"    مصرع شاب سقط من الطابق الرابع بكرداسة    باستخدام المنظار.. استئصال جذري لكلى مريض مصاب بورم خبيث في مستشفى المبرة بالمحلة    طلب إحاطة يحذر من غش مواد البناء: تهديد لحياة المواطنين والمنشآت    إيران تؤكد وقوع أضرار في موقع فوردو النووي    إجرام واستعلاء.. حزب النور يستنكر الهجمات الإسرائيلية على إيران    وكيل تعليم الإسماعيلية يجتمع برؤساء لجان الثانوية العامة    الطبيب الألماني يخطر أحمد حمدي بهذا الأمر    إحالة عامل بتهمة هتك عرض 3 أطفال بمدينة نصر للجنايات    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    حجاج مصر يودّعون النبي بقلوب عامرة بالدعاء.. سلامات على الحبيب ودموع أمام الروضة.. نهاية رحلة روحانية في المدينة المنورة يوثقوها بالصور.. سيلفي القبة الخضراء وساحات الحرم وحمام الحمى    جماهير الأهلي توجه رسائل مباشرة ل تريزيجية وهاني قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص تقرير «المفوضين» حول حل «الشورى»: الثورة تملك إلغاء «إعلان مرسي»
نشر في المصري اليوم يوم 12 - 05 - 2013

تنشر «المصرى اليوم» النص الكامل لتقرير هيئة مفوضى المحكمة الدستورية العليا بشأن دعوى حل مجلس الشورى، التى كانت انفردت بنشر تفاصيله فى مارس الماضى، والذى انتهى إلى توصيتين، الأولى «أصلية» وتوصى بعدم قبول الدعوى، والثانية «احتياطية» وتوصى برفض الدعوى.
فى البداية، استعرض التقرير الذى أعده المستشار عوض عبدالحميد، رئيس بهيئة المفوضين، وقائع الدعوى، وإجراءاتها، وفجر التقرير مفاجأة من العيار الثقيل، حيث تطرق للحديث عن يوم حاصر الإسلاميين المحكمة الدستورية العليا فى 2 ديسمبر الماضى، واعتبره «يوماً أسود فى تاريخ القضاء المصرى» حيث ذكر التقرير أن ثورة 25 يناير جاءت لتكون ثورة العزة والكرامة (عيش - حرية - كرامة إنسانية - عدالة اجتماعية)، لتكمل العقد الفريد الذى يزين جيد الوطن من أيام المجد والفخار، ولتصبح ثورة مصر الحديثة، مصدر إلهام لشعوب العالم أجمع فى سلميتها وقدسية أهدافها ووحدة أمتها.
وتابع: إلا أن قلة من أبناء هذا الوطن، أبت إلا أن تشوه وجه الثورة الصبوح، وتجعل من أحد أيامها سبة فى جبينه، قلة أبت إلا أن تدنس ثوب القضاء المصرى عامة، والمحكمة الدستورية العليا خاصة، يوما غير مسبوق فى تاريخ القضاء فى أرجاء المعمورة، فيه قتب الزمان جبينه ألماً وغضباً وحسرة لما آل إليه حال العدالة فى وطن كان من المفترض أن يعيش فى أشهر عرسه الأولى بعد نجاح ثورته العظيمة، كان من المفترض أن يعيش بهجة الانتصار على دولة الظلم والطغيان، كان من المفروض أن ينتصر لقيمه الأصلية وتقاليده العريقة، وما عهد فيه وعرف عنه من تقديس للقضاء وإجلال للقضاة، ففى اليوم المحدد لنظر الدعوى، حاصرت هذه القلة مبنى المحكمة الدستورية العليا الشامخ، ومنعت قضاتها من الدخول للفصل فى قضاياها، ليكون هذا اليوم وصمة عار على جبين من قام بذلك، أو شارك فيه، عار تردد صداه فى أرجاء المعمورة، وسطرته أحكام قضائية فى دول أوروبية عديدة، لتبرهن على أن مصر قد هانت يوم أهين قضاؤها، وها هى أكثر من 60 محكمة دستورية عليا على مستوى العالم أجمع توقف عملها مشاركة لقضاء مصر الدستورى فى محنته، ولتشاركه فى استصراخ كل القوى الوطنية المحبة للعدل والخير والسلام، لتهب لإنقاذ القضاء المصرى من هذا المحنة.
وأشار إلى أنه أحيل بين قضاة المحكمة الدستورية العليا ومباشرة أعمالهم، وقررت الجمعية العامة للمحكمة تعليق العمل بها، وبعد زيادة على الشهر، عادت المحكمة للانعقاد بجلسة 15/1/2013.
وتطرق التقرير إلى الطبيعة القانونية للإعلانات الدستورية،حيث أكد أن الدساتير هى عبارة عن الكادر القانونى لمشكلة الصراع بين الحاكم والمحكوم ولهذا فإن أفضل الدساتير هو ما يتضمن الحل الذى يتلاءم مع نتائج هذا الصراع والعوامل المختلفة المحيطة به والمؤثرة فيه، وليس مجرد النص على حلول لا يؤمن بها الحاكم أو لا يستطيع أن يدافع عنها المحكوم، وإلا لأدى ذلك إلى اختلاف التطبيق العملى عن النصوص، وبعبارة أخرى اختلاف الواقع عن القانون، وهذا الاختلاف يؤدى دائماً إلى صورة جديدة للصراع تتمثل إما فى قيام الشعب بثورة ضد الدستور أو الحاكم، وأما فى حدوث انقلاب، والانقلاب يأخذ إحدى صورتين إما انقلاباً يهدف به الحاكم إلى تقوية سلطته ضد الشعب أو ممثليه عن طريق تغيير الدستور أو مخالفة بعض أحكامه على الأقل، وأما انقلاباً، يهدف القائمون به إلى تدعيم سلطة الشعب التى لم تتضمنها النصوص، أو التى لم يراعها الحاكم. مشيرا إلى أنه يترتب على نجاح الثورات والانقلابات:
أولاً: قيام حكومات فعلية، ثانياً: وضع دساتير جديدة دائمة أو مؤقتة، ويمكن تسميتها بدساتير الثورات، ولهذه الدساتير خصائص معينة تختلف عن الدساتير التى توضع فى ظروف عادية، وهذه الخصائص تتفق مع ظروف الثورات والانقلابات وأهدافها والأشخاص القائمين بها، وتتضح هذه الحقيقة من كثرة الدساتير الفرنسية نتيجة عدم ملاءمتها بين المبادئ الجديدة التى كانت تستهدفها الثورة الفرنسية، والقديم الذى كان مازال يتمثل فى الواقع.
ويجب أن نلاحظ أن الدساتير المؤقتة التى يعلنها القائمون بالثورة فى حالة نجاجها لا تعتبر دساتير بالمعنى القانونى لأنهم ليسوا أصحاب السيادة فى المجتمع، وإنما تعتبر هذه الدساتير بمثابة التزام سياسى من جانبهم يحدد الأهداف التى يعملون من أجلها حتى يتم إدماجها فى صلب دستور دائم عن طريق صاحب السيادة أى الشعب. كما أن فشل الثورة أو الانقلاب الذى يستهدف القائمون به صالح الشعب يؤدى بالحكام (وخاصة الملوك) إلى وضع دساتير تمثل اتجاهات تغلب السلطة على الحرية، وإن أقرت ببعض الحقوق والحريات للشعب فعلى أساس أنها منحة من الملك صاحب السيادة، وليس باعتبارها حقاً أصيلاً للشعب طبقاً لمبدأ سيادة الأمة (مثال ذلك دستور سنة 1914 الفرنسى الصادر فى عهد ملكية البربون).
ولهذا، فإن هذا الإعلان إنما هو بمثابة «التزام سياسى» من جانب قادة الثورة للشعب يتضمن المبادئ والأحكام التى سيتبعونها طوال الفترة المؤقتة حتى يتم وضع الدستور عن طريق من يملك وضعه قانوناً وهو الشعب، وهذا الالتزام السياسى لا يقيد قادة الثورة، وإنما تملك الثورة مخالفته والعدول عنه، دون أن يعتبر ذلك مخالفة قانونية منها لأحكامه.
وحول الطبيعة القانونية للإعلان الدستورى الصادر عن رئيس الجمهورية فى 21/11/2012، وأثره، قال التقرير: أجريت انتخابات رئاسة الجمهورية فى شهر يونيو 2012، واستناداً إلى أحكام الإعلان الدستورى الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى 30/3/2011، عقب توليه إدارة شؤون البلاد، فلقد حدد هذا الإعلان شروط الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، ومدة الرئاسة، وسلطات السيد رئيس الجمهورية، على النحو الوارد فى المواد «25، 26، 27، 29، 30، 31، 56» من الإعلان الدستورى المشار إليه.
وقد وضع المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى المادة «61» من هذا الإعلان، نحو ما أشرنا من قبل، خارطة طريق لتسليم السلطة إلى سلطة مدنية منتخبة عن طريق الشعب، وذلك بأن يتخلى عن السلطة التشريعة فور انتخاب مجلس الشعب والشورى فتنتقل إليهما سلطة التشريع، كما يستمر فى مباشرة سلطات رئيس الجمهورية لحين انتخاب رئيس جديد للجمهورية ومباشرته مهام منصبه المحددة بنص المادتين «25، 56» من ذلك الإعلان الدستورى، وذلك إلى حين وضع دستور جديد للبلاد عن طريق الجمعية التأسيسية المشكلة، وفقاً للمادة «60» من الإعلان ذاته، وكان أن تم انتخاب مجلسى الشعب والشورى الجديدين بداية عام 2012، وباشرا سلطاتهما التشريعية، وكذلك تم تشكيل لجنة لإعداد مشروع دستور جديد للبلاد، وبدأت انتخابات رئاسة الجمهورية، وقبل إجراء انتخابات الإعادة على منصب رئيس الجمهورية، تم حل مجلس الشعب بناء على حكم المحكمة الدستورية العليا، فأصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى 17/6/2012، إعلاناً دستورياً مكملاً استرد بموجبه سلطة التشريع وسلطة إقرار السياسة العامة للدولة والموازنة العامة ومراقبة تنفيذها لحين انتخابات مجلس الشعب الجديد، وأعلنت نتيجة الانتخابات الرئاسية، وتولى الرئيس مهام منصبه اعتباراً من 30/6/2012، فهل كان من بين السلطات والاختصاصات المخولة لرئيس الجمهورية المنتخب إصدار إعلانات دستورية لتنظيم شؤون الحكم على النحو الوارد بالإعلان الدستورى الصادر فى 21/11/2011.
وقال التقرير إن رئيس الجمهورية بحكم منصبه هو الحكم بين السلطات، والدولة لاتزال فى مرحلة بناء مؤسسات جديدة، ومجلس الشورى قائم بلا اختصاصات تذكر، والجمعية التأسيسية معرضة للانهيار فى أى وقت نتيجة للانسحابات والتهديدات التى تلاحقها قضائياً، ومحاكمات قتلة الثوار لا تسير على النحو الذى يرضى الشعب بأسره وليس فقط أسر الشهداء، والشعب ثائر ضد نائبه العام، والأمر يدفع نحو المزيد من الفوضى، وفى نهاية الأمر، فإن رئيس الدولة هو المسؤول الأول عن مواجهة كل هذه الموجات المتتالية من الثورة لامتصاص غضب الثوار وتحقيق مطالبهم، وسلطاته مقيدة ويده فى تحقيق هذه المطالب مغلولة، لذلك أضحى لزاماً عليه، وهو الحكم بين السلطات أن يبادر إلى اتخاذ إجراءات حاسمة تكفل حماية المؤسسات الدستورية القائمة رغبة فى بناء تلك المؤسسات على أسس ديمقراطية سليمة، كما كان لزاماً أيضاً ألا يتقيد فى مباشرته لاختصاصاته ببنود إعلان يقيد من تلك السلطات والاختصاصات على نحو لا ترضاه الجماهير الثائرة، وهذا أيضاً يعطى للرئيس المنتخب سلطة الحفاظ على مؤسسات الدولة القائمة ومنع عدوان بعضها على البعض الآخر، وتقييد بعض السلطات أمر ليس بدعاً من الرئيس بل يحفل التاريخ الدستورى المصرى الدولى بنماذج عديدة له.
وأشار إلى أن هناك رأياً بعدم اختصاص رئيس الجمهورية بإصدار الإعلان الدستورى الصادر فى 21/11/2012، فإنه على النقيض من الرأى الأول، هناك رأى آخر يرى عدم أحقية السيد رئيس الجمهورية فى إصدار إعلانات دستورية بحسب الأصل، ويرى أن ما صدر عنه لا يعد إعلاناً دستورياً تنحسر عنه رقابة القضاء، لأنه لم يتضمن أى قواعد من طبيعة دستورية، وأن ما ورد به من أحكام لا تقتضيه طبيعة المرحلة الانتقالية، ولم يقصد منه سوى تحصين قرارات رئيس الجمهورية من أى طعون توجه إليها، وتحصين مجلس الشورى من الحل، وكذلك الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور، وهى أيضاً قواعد لا علاقة لها بالحالة الثورية، فما الذى يعود على الثورة من ذلك التحصين للقرارات الرئاسية والمجالس المطعون فى شرعيتها، وما قامت الثورة أصلاً إلا للقضاء على الاستبداد وحكم الفرد، كما يقوم هذا الرأي علي عدد من الحجج والأسانيد منها أن الحديث عن استمرار الحالة الثورية والمرحلة الانتقالية ومسؤولية الرئيس عن إدارة تلك المرحلة هو حديث سياسى تتدافع فيه آراء السياسيين وليس القضائيين، فتقدير الحالة الثورية وآثارها ومداها وما تخلفه من صراعات على السلطة واختصاصاتها، هو مما تحفل به العلوم السياسية وليست القضائية، وبالتالى فإن إقحام المحكمة الدستورية العليا فى هذا الجدل هو إقحام لجهة قضاء فيما لا تختص به.
وأكد التقرير أنه يترتب على هذا الرأى نتيجة مهمة، وهى أن هذا الإعلان يتعارض تماماً مع مبادئ ثورة يناير وأهدافها، فالثورة التى قامت من أجل الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية لا يمكن أن تقبل بإعادة إنتاج نظام حكم الفرد، ولو كان مؤقتاً، وبالتالى يفقد هذا الإعلان صفته كعمل ثورى قصد به حماية مكتسبات الثورة، وذلك لأن الأعمال الثورية هى التى تكتسب مشروعيتها من الثورة مباشرة، وتلقى دعم الثوار ورضا الشعب وهو ما يكسبها الشرعية. وقد افتقد هذا الإعلان أهم شرط لاعتباره إعلاناً دستورياً وهو أن يكون عملاً ثورياً قصد به حماية الثورة والتمكين لأهدافها التى قامت من أجلها، ولا يمكن القول بتوافر هذا الشرط بمجرد الإشارة إليه فى مقدمة ذلك الإعلان الدستورى، من أنه صدر حماية للثورة من أعدائها والمتربصين بها، فهذا قول مرسل لم تقم عليه إشارة أو دليل، بل وحتى فى حال توافر هذه الحالة، فقد كان يمكن مواجهتها بالتشريعات العادية وليس بالإعلانات الدستورية. كما أن توافر الحالة التى تستوجب إصداره، وقيام شرائط صحته هو مما يخضع لرقابة المحكمة الدستورية العليا دون غيرها. ومن ثم يضحى هذا الإعلان هو والعدم سواء، ولا يمكن أن ينتج أثراً.
وأيد التقرير ما جاء بالرأى الأول للأسباب الواردة فيه وأن الإعلان الدستورى الصادر عن رئيس الجمهورية - رغم ما خلفه من انقسامات - هو عمل من أعمال السيادة وهو عمل سياسى يناقش فى دائرة ما وراء القانون، وليس فى إطار الشرعية الدستورية، ويحاكم فى ميادين السياسة وعالمها، وليس فى محراب العدالة وساحات القضاء، كما أن الإعلانات الدستورية وإجراءات إصدار الدساتير وتعديلها هى أمور سياسية، عصية على الرقابة القضائية، وهو ما وقر فى قضاء المحكمة الدستورية العليا والمحكمة العليا من قبل، ومن ثم فلا محل لإسباغ الرقابة الدستورية على هذا الإعلان، لكون ذلك متجاوزاً تخوم ولاية هذه المحكمة، إضافة إلى أن الشعب المصرى العظيم، إذا ما أقر الوثيقة الدستورية فلا معقب على قراره، ولا تحلل من إرادته، حتى وإن لم تلق تلك الوثيقة الدستورية رضا نفر كثير من الشعب، أو كانت لا تحقق غاية الآمال المعقودة عليها فى تنظيم العلاقة بين الدولة ومواطنيها، إلا أن نصوص الدستور تظل دائماً فوق كل مهمة ملزمة للجميع إلى أن يتقرر تعديلها، وإذا أبقى الدستور نفاذ آثار تلك الإعلانات خلال الفترة السابقة على صدوره، فقد أضحى لزاماً على الجميع احترام تلك الإرادة وإنفاذ هذه النصوص، ولم يعد جائزاً لأحد أن يكون لأحكام الدستور منكر أو معرض أو يكون لها عصى بل هى واجبة الإعمال، عصية على الإهمال يحكم بها لا عليها فإذا ما ورد بهذه الوثيقة نص ما صدر عن رئيس الجمهورية بأنه إعلان دستورى، فإن إعمال هذا النص هو امتثال للإرادة الشعبية، لإرادة الشعب الذى يحكم القضاء باسمه.
وقال التقرير: «حيث إن مجلس الشورى القائم، بتشكيله الحالى، وقت نفاذ الدستور الجديد، وقبل الفصل فى هذه الدعوى، قد تحصن من الزوال والإبطال والحل خلال فترة زمنية محددة بموجب نص المادة (230) من الدستور الجديد، فإن الفصل فى الدعوى الدستورية المعروضة لم يعد له أى مردود على الطلبات المبتغاة من الدعوة الموضوعية. ومن جانبنا، نرى الحكم بعدم قبول الدعوى لزوال المصلحة فيها».
أما الرأى الثانى برفض الدعوى فقال التقرير «إرادة السلطة التأسيسية للدستور، التى صاغتها الجمعية التأسيسية ضمن أحكامه، من المفترض أنها تعبر عن مطالب الجماهير، وتلبى رغباتهم باعتبارها مفوضة عنهم فى وضعه، ويعد طرح مواده عليهم فى استفتاء عام والموافقة عليه قبولاً منهم لأحكامه، التى تعد تعبيراً مباشراً عن إرادتهم، التى لا ينبغى لأحد أن يراجعها، حتى ولو كانت جهة الرقابة على الدستورية، التى يتعين أن تخضع لأحكام الدستور، شأنها فى ذلك شأن جميع سلطات الدولة، فلا يجوز أن تعلو أحكامها على ما قررته السيادة الشعبية التى تنعقد للمواطنين فى مجموعهم باعتبارهم وعاء هذه السيادة ومصدرها، يمارسونها ويصونون من خلالها وحدتهم الوطنية، على ما تنص عليه المادة (5) من الدستور القائم، ولا يجوز للمحكمة مراجعتها أو الرقابة عليها باعتبار أن الدستور مظهر تلك الإرادة الشعبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.