سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
كارنيجى: الإخوان فشلوا فى مصر سياسيا وأيديولوجيا وتنظيميا.. التنظيم لم ينجح فى تكرر النموذج التركى لافتقاره للخبرة والكوادر.. وأخفق فى استيعاب التغييرات الاجتماعية التى أسفرت عنها ثورة يناير
أصدر مركز كارنيجى الأمريكى للسلام الدولى دراسة جديدة ترصد إخفاقات جماعة الإخوان المسلمين فى مصر، وقال مؤلف الدراسة الباحث أشرف الشريف، إنه لفهم الوضع السياسى الحالى فى مصر، من المهم دراسة كيف ولماذا سقطت بشكل قوى ومفاجئ جماعة الإخوان المسلمين التى كانت طرفا سياسيا رائدا قبل عام. وتقول الدراسة، إنه على الرغم من أن الجماعة اضطرت للعمل فى ظل مناخ سياسى معاد لها، إلا أنها سقطت فى النهاية بسبب إخفاقاتها السياسية والأيديولوجية والتنظيمية. ويذهب كارنيجى، إلى القول بأن الإخوان فى أعقاب ثورة يناير واجهوا تحديا يتعلق بالتوازن بين مبادئهم الإسلامية والمطالب الشعبية بالديمقراطية والإصلاحات الاجتماعية الاقتصادية، وفشلت الجماعة فى الارتقاء لمستوى الحدث وانتهى بها الأمر إلى الفشل كإسلاميين، أو ديمقراطيين محافظين. وكان نجاحها الوحيد هو الحفاظ على الوحدة التنظيمية، إلا أن هذا جاء على حساب استمرار افتقار الحركة لأيديولوجية مستدامة ومشروع سياسى. وتتابع الدراسة قائلة، إنه قبل صعود الإخوان للسلطة، اعتقد كثيرون أن شمولها السياسى يمكن أن يؤدى إلى تحولها إلى الديمقراطية والاعتدال، إلا أن هذا الرأى انكسر على صخور الواقع وكان انهيار الجماعة نتيجة لسلسلة من إخفاقاتها على المستوى السياسى والتنظيمى والأيديولوجى، كما أن الإخوان لم يستطيعوا قراءة التوازن الحقيقى للقوى والحقائق الاقتصادية والاجتماعية فى مرحلة ما بعد مبارك والتصرف وفقا لها. فمن الناحية السياسية، فشلت محاولة الإخوان للهيمنة فى إرضاء أو مواجهة قواعد القوى المؤسسية للدولة القديمة، التى كانت صاحبة السلطة الحقيقية فى المرحلة الانتقالية بعد مبارك وحتى انتخاب محمد مرسى. كما أن قيادات الإخوان لم يكونوا قادرين على تقدير التغييرات العميقة فى المجتمع المصرى التى أسفرت عنها ثورة يناير. ومن الناحية الأيديولوجية، فشل الإخوان فى تطوير برنامج دقيق يعالج الاحتياجات السياسية ويستند إلى الشريعة الإسلامية والديمقراطية. وأثبتت أيضا استعداداها لتقديم تنازلات أيديولوجية أساسية من أجل تحقيق انتصارات سياسية تكتيكية قصيرة الأمد. ومن الناحية التنظيمية، فإن جمود هيكل الإخوان الذى افتقر إلى الجدارة والشمول وشفافية صناعة القرار ساهم فى عدم قدرة التنظيم على التكيف مع المشهد السياسى سريع التغير، وتلك الإخفاقات مجتمعة جعلت كثيرا من المصريين يعتقدون أن الإخوان هم بقايا للنظام القديم وليس بداية لعهد جديد يتطلعون إليه. وتقول الدراسة، إنه على الرغم من ولع الإخوان فى مصر بنموذج حزب العدالة والتنمية فى تركيا، إلا أنهم فشلوا فى اتباع هذا النموذج لافتقارهم للرؤية الإستراتيجية والكوادر المؤهلة والخبرة السياسية مقارنة بالعدالة والتنمية، فلم يكن الإخوان قادرين على إحداث التنمية الاقتصادية وفشلوا فى بناء تحالف يمين وسط فى المجتمع لدعم نضالهم ضد الدولة القديمة، ولم يقدموا مراجعة أيديولوجية حقيقية مهمة لإنتاج نسخة من الليبرالية الإسلامية، كتلك التى يتبناها العدالة والتنمية.. وبدلا من ذلك، فإن جماعة الإخوان تعاملت كمجرد فصيل سياسى محافظ لتهدر بذلك مزاعمها على مدار عقود طويلة بأنها رائدة فى النضال ضد النماذج الإمبريالية. وكان هناك نموذج إسلامى آخر لفت انتباه قادة الإخوان، وهو النموذج السودانى فى الستينيات والثمانينيات. حيث اكتسب الإسلاميون السلطة من خلال تحالف مع الجيش. لكن أى محاولة لتكرار النموذج السودانى كانت غير واقعية فى ظل فشل الإخوان فى بناء علاقة فعالة مع جيش مصر. ومن إخفاقات الإخوان أيضا التى تحدثت عنها دراسة كارنيجى، فشلهم فى ضم الفصائل الثورية الأخرى، وتقول إن الجماعة قللت من أهمية مستوى غضب الحركات الثورية والإصلاحية. حيث اعتقد الإخوان أن انتصارهم الكبير فى الانتخابات كان كافيا لهيمنتهم سياسيا بشرعية شعبية. إلا أن هذا كان خطأ بالغا فى التقدير، فربما لم يكن للقوى الليبرالية والقومية واليسارية نفس القوة الانتخابية التى يملكها الإخوان والسلفيون، إلا أن هذا لا يعنى أن بإمكانهم أن يقبلوا بسهولة نتيجة الانتخابات وسيطرة الإخوان على البرلمان والرئاسة وعملية صياغة الدستور. واستفاضت الدراسة فى الحديث عن الإخفاقات الأيديولوجية للإخوان، وقالت إن من بينها أن الإخوان لم يهتموا ببناء أيديولوجية متطورة تتبنى التقليد الإسلامى والحداثة بطريقة خلاقة، بل كانت هناك فجوة بين مزاعم الإخوان الأيديولوجية بالأصالة الإسلامية وممارستهم الفعلية التى التزمت بنماذج الحداثة الغربية العلمانية التى تقوم على سياسات السوق الاقتصادية. ومن إخفاقاتهم الإيديولوجية أيضا دفعهم لتفسيره الخاصة للعقيدة الدينية والذى لا يساوى بين المواطنين ويميز بينهم على أساس الدين والعقيدة وعوامل طائفية أخرى.