الأستاذ الفاضل خالد صلاح.. لقد أسعدنى جدا مقالك "كرامة مصر" وفى هذا الإطار أود أن أنقل لك ملحوظة من أزمة مصر والجزائر الأخيرة وهى أن جميع المصريين أبدوا انتماءهم الشديد للبلد بكل طوائفهم وبأى أداة يملكونها واكتشفت أن السبب الرئيسى فى هذا هو الإعلام، فعندما تكاتف الإعلام وأعطى للمواطن رسالة مفادها أنه قوى وكبير وله كرامة لا يجب المساس بها، كلنا بالفعل شعرنا بذلك، وكان لهذه الأزمة الفضل الكبير فى توقف البرامج الحوارية عن بث السموم فى عقل وقلب المواطن المصرى تجاه حكومته وبلده وتحول هذه البرامج إلى دعوة المواطن إلى حب مصر والإلتفاف حولها، وانا لا أعنى هنا أن الحكومة لا غبار عليها ولكن هذه الأزمة جعلتنى أكتشف أن البرامج الحوارية، عالية المشاهدة فى الداخل والخارج من المصريين وغير المصريين، ذات تأثير قوى جدا ويجب استخدامها بشكل إيجابى لخدمة المواطن والحكومة فى آن واحد. ونظرا لأننى من دارسى الإعلام فإننى أعلم جيدا كيف يمكن أن نتناول أى تقصير من المسئولين إعلاميا دون أن نجعل صورتنا بهذا السوء وأن نزرع فى الإنسان المصرى الضعف والمهانة من كثرة تكرار كلمات مثل: المصرى مهان فى الداخل والخارج، المصرى طيب، المصرى متسامح وغيرها من كلمات تجعل الغير يتطاول علينا، نتيجة أن الإنسان المصرى صدق بالفعل أنه لا كرامة له وبالتالى يقف مكتوف اليدين. يجب أن تتوقف كافة أجهزة الإعلام والصحافة عن ذكر هذه الكلمات لأننا جميعا أصبحنا نكررها كالببغاء دون أن ندرك عميق أثرها على النفس الإنسانية المصرية، وعميق أثرها أيضا على غير المصريين فى التأكيد عليهم أن المصرينن ضعفاء بدون كرامة وبالتالى يمكن أن يفعلوا بهم ما يريدون دون خوف من أى رد أو عقاب. أرجو أن يرحمنا الإعلام من الشحن الزائد تجاه الوطن وأن يظهروا الإيجابيات وأيضا السلبيات ولكن بطريقة إيجابية، يجب أن يعلموا أنهم، بالأسلوب المتبع حاليا، يضرون بمصلحة الوطن والمواطن وأن كل ما يهمهم هو عرض الفضائح وتعليم الشعب النميمة وتعرية المستور لكى يجذب المشاهد ويجذب الإعلانات وبالتالى الأموال. إن هذا ليس بإعلام وإنما هو سلاح مسموم موجه نحو صدورنا جميعا. أرجوكم ازرعوا فى المواطن المصرى العزة والكرامة وأنه قوى وإن خيره على الجميع، حتى يستطيع أن يتصرف فى الداخل والخارج من هذا المنطلق، تخيل معى أن كان لديك طفلان أحدهما دائما تقول له إنه مهان وتربيه على ذلك والآخر تزرع فيه القوة وتعلمه كيف يأخذ حقه وإنه شىء عظيم. فكيف تتخيل الفرق بين شخصية هذين الأخوين وتصرفهما فى المواقف المختلفة؟. أرجوكم أيها الإعلاميون والصحفيون توقفوا عن هدم المواطن المصرى دون أن تشعروا، إن دوركم هو توعيته بحقوقه والتزاماته، دوركم أن تكشفوا الفساد والسلبيات ومواجهة المسئولين بكل مصداقية، بما لا يحط من قدر مصر ويقدمها أضحية لكى يذبح فيها من يسوى ومن لا يسوى. وأيضا عليكم البحث عن الإيجابيات وعرضها وإتاحة الوقت الكافى لها لكى تكون دافعا للجميع بدلا من إتاحة الوقت لخلافات المشاهير التى لا تهم أحدا. عليكم أيضا أن تعلموا أن العالم كله يراكم فحافظوا على واجهة مصر وعلى شعور مواطنيها وكفانا تشريحا وتقطيعا فى بعضنا البعض أمام من يتفرج ومن يشمت ومن يستهين بنا. * المستشار الإعلامى بمشروع تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة الوكالة الكندية للتنمية الدولية