إننا كمصريين نشتعل غضبا لما حدث فى الخرطوم... وحق لنا ذلك... وعلى العالم أن يحترم مشاعرنا... ولكن دعنى أطرح سؤالا ينتاب فكرى الآن.. لماذا ثارت وسائل الإعلام المصرية وثار الجمهور المصرى بعد أحداث العنف ضد الجمهور المصرى فى "أم درمان".. ولم تثر فى أحداث العنف ضد المصريين المقيمين فى الجزائر..؟؟!!...... لماذا ثارت وسائل الإعلام ضد كل ما هو جزائرى بعد الخروج من كأس العالم، ولم تثر بعد الفوز على الجزائر فى لقاء القاهرة؟.... بالرغم من أن الجزائريين ما قاموا به فى بلدهم ضد المصريين بعد لقاء القاهرة ليس بالشىء الهين... فقد قاموا بالاعتداء على المصريين أنفسهم وعلى ممتلكاتهم الخاصة... وعلى الهيئات الاستثمارية التى يعود رأس مالها لرجال أعمال مصريين... ولم يخرج الإعلام المصرى ليتحدث عن "كرامة الشعب المصرى".. كما فعل بعد أحداث أم درمان؟؟؟... فيا عجبا..... الآن تسألون عن "كرامة" المواطن المصرى؟... وأين كنتم بعد أحداث "وهران" الجزائرية... أم أن ليس للمصرين المقيمين فى الجزائر أى كرامات... وكأنكم اختزلتم كرامة المواطن المصرى على محمد فؤاد وهيثم شاكر وفردوس عبد الحميد؟!!!... حقيقة لا أجد مبررا إلا واحدا من اثنتين.. إما هو الحزن من عدم التأهل لكأس العالم.. وإما التمييز العنصرى بين الفنانين والفنانات وبين المصريين البسطاء المقيمين فى الجزائر... إن ما يفعله إعلامنا المصرى اليوم ما هو إلا تعبئة للجمهور المصرى ضد كل ما هو جزائرى..... سب وقذف وسخرية والتربص بالتاريخ الأسود للجزائر. أصبح كل ذلك الشغل الشاغل للإعلام المصرى.... وللأسف الشديد أن أصواتنا لا يسمعها إلا أذاننا.. ولا يرى مشاكلنا سوانا.. حتى فقد العالم من حولنا احترامه لمصر شعبا وحكومة.. وتصور العالم أن ما تفعله مصر مقتصر على عدم التأهل لكأس العالم... أين العقلاء فى وسائل الإعلام... لقد شوهنا اسم بلدنا بأصواتنا وأقلامنا... كفانا شحنا للنفوس... كفانا صخبا للرؤوس... أفيقوا يا أهل الإعلام... إنه مما لاشك فيه.. الجرم والجرح الذى تسببت به فئة ضالة من الجماهير الجزائرية... ضد الشعب المصرى... وأن خطأ الجزائريين تجاهنا أجلّ من خطئنا ضدهم... وأن ما قاموا به أمر لا يمكن استساغته بأى حال من الأحوال، لكن هذا لا يعطى لنا الضوء الأخضر لوصف الشعب الجزائرى بأكمله أنه شعب بربرى إرهابى همجى... أذكر جيدا ما قاله أحد اللاعبين القدامى فى النادى الأهلى المصرى... عندما كان يصف أحداث شغب كان قد وقعت له فى مدينة الإسماعيلية... فقال إن الجماهير الإسماعيلية كانت تلاحقهم وتراشقهم بالحجارة فى الشوارع، حتى إنه استجار بأحد البيوت الإسماعيلاوية لتجيره من تلك المحنة.. ويذكر الناس جيدا.. إبان عصر مرتضى منصور، رئيس نادى الزمالك الأسبق، .. وصراعه الذى كان على أشده مع السيد إسماعيل سليم.. وكيف اقتحم النادى "بالمطاوى".. و"الشومة"... بل وأصيب إسماعيل سليم وقتها... وبعد كل هذا إذا خرج امرؤ وادعى أن الشعب المصرى بأكمله همجى وبربرى فلن أستطيع أن أقول له "مه يا رجل".. علينا أن نفكر بعقولنا لا بقلوبنا فى تلك الأزمات.. وأن ندرك أن تلك التصرفات الهمجية غير الأخلاقية لا تترجم إلا من فئة ضالة وليس من العوام جميعهم.. لذا لا يمكن اعتبار الشعب الجزائرى بأكمله بربرى .. إرهابى.. همجى...... ولكن الصمت السياسى والدبلوماسى الجزائرى الذى خيّم على حكومة بوتفليقة تجاه تلك التجاوزات الجزائرية على الجماهير المصرية.. يجعلنى أسترسل فى وضع علامات تعجبية واستفهامية مكثفة... ليس لها سوى إجابة واحدة.. ومن هنا أقول... إنى أطلب كمواطن مصرى أولا: اعتذار رسمى من السيد الرئيس بوتفليقة تجاه الشعب المصرى على التجاوزات الجزائرية.. ودفع الخسائر المالية المقدرة ب10 ملايين جنيه مصرى التى تسبب بها شغب الجمهور الجزائرى.. وبل وإسقاط الجمارك المفروضة على المؤسسات المصرية كمحاولة لإبداء نية الصلح. ثانيا: اعتذار رسمى من محمد روراوة، رئيس الاتحاد الجزائرى لكرة القدم، لنظيره المصرى على التصرف اللأخلاقى للمشجعين الجزائريين بعد المباراة الفاصلة. ثالثا: اعتذار من الصحف الجزائرية التى أدت إلى شحن الجماهير الجزائرية تجاه المصريين وتكذيب الأخبار التى أدت إلى اشتعال الفتنة بين الشعبين. رابعا: اعتذار من السيد سمير زاهر، رئيس الاتحاد المصرى لكرة القدم، لنظيره الجزائرى على التصرفات اللأخلاقية التى قامت بها عدد من الجمهور المصرى من رشقه للحجارة على الحافلة الخاصة بالفريق الجزائرى.. خامسا وأخيرا: اعتذار السيد الدكتور أنس الفقى، وزير الإعلام المصرى، للشعب الجزائرى عما بدر من ألفاظ لا تليق بشعب الجزائر عامة من بعض الإعلاميين المصريين. وأقول ختاما.... إن ما تفعله مصر من قطع العلاقات مع الجزائر وسحب السفير ما هو إلا امتصاص الغضب المصرى الشعبى.. لأنه ببساطة شديدة.. مصر لا تمتلك القوى الدولية لعزل الجزائر دوليا واقتصاديا وسياسيا وحتى فنيا... لذا كل ما يتم سرده فى الأيام القليلة الماضية ما هو إلا ردم الغضب المصرى على قدر المستطاع... كما يؤسفنى دخول بعض الأيادى الخبيثة للوقوع بين مصر والسودان واتهام السيد الرئيس البشير رئيس السودان بالتواطؤ مع بوتفليقة... أو اتهام أحد الدول الخليجية فى "الصدع المصرى الجزائرى"... كل هذا لا أراه سوى "لت وعجن". إن واجبنا أن نصمت قليلا... لندع عقولنا تتحدث وتملى علينا... إن نصمت قليلا لنتح لآذاننا فترة كافية لسماع صوت عقولنا... رياضيا: علينا أن ننسى بطولة كأس العالم، وأن نفكر فى الأخطاء التى وقعنا بها فى التصفيات من أجل تفاديها فى البطولات القادمة.. كلمة أخيرة: أكرر يا وسائل الإعلام كفى شحنا للنفوس.. كفى صخبا فى الرؤوس اذكروا ما فعله نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - عندما ضرب بالحجارة فى حادثة الطائف فلم يدع على أهلها ولم يسبّهم، بل دعا لهم بالهداية..و كفى لنبيكم قدوة وأسوة.