سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أكبر تجمع لصناعة الطوب الطفلى فى العالم على وشك الانهيار..أصحاب المصانع: نستغيث برئيس الوزراء ونطالبه بمد مصانعنا بالغاز..نصف مليون عامل مهددون بالتشرد .. ولن نقف مكتوفى الأيدى عندما يجوع أولادنا
على الرغم من أن منطقة عرب أبو ساعد بجنوبالجيزة تحوى أكبر تجمع لصناعة الطوب الطفلى فى العالم، حيث يصل عدد مصانع الطوب الطفلى بهذه المنطقة ما يزيد على 300 مصنع، وتقدم لسوق الإسكان فى مصر 80% من احتياجات الطوب الطفلى سنويا، ويعمل فيها قرابة النصف مليون عامل من محافظات مصر المختلفة إلا أن هذه المصانع مهددة بالانهيار الكامل. فقد فوجئ أصحاب مصانع الطوب الطفلى والعاملون فى هذه المصانع مؤخرا بقرار غريب تتخذه الحكومة دون أى حسابات لآثاره الاقتصادية والاجتماعية، فقد خفضت الحكومة معدلات توريد الغاز لهذه المصانع، وقامت بقطع الغاز كاملا، لأيام متواصلة مما أصاب هذه المصانع بالشلل التام والتوقف عن الإنتاج. أبعاد هذه الأزمة وآثارها المدمرة نتعرف عليها فى سياق تحقيقنا التالى: فى البداية، يقول الحاج صلاح غريب رئيس مجلس إدارة جمعية منتجى الطوب الطفلى: يتصور البعض خطأ أن أزمة قطع الغاز على مصانع الطوب الطفلى بعرب أبو ساعد مجرد أزمة يواجهها بعض أصحاب المصانع وعدد من العمال بها وحسب، لكن الواقع يؤكد أن هذه الأزمة أكبر من ذلك وأعم وأشمل وتصل فى تأثيراتها السلبية لتطال الاقتصاد المصرى كله تقريبا، فمصانع الطوب الطفلى بعرب أبو ساعد هى التجمع الأكبر لمصانع الطوب الطفلى فى العالم بشهادة خبراء هذه الصناعة، وتعتبر منطقة واعدة من حيث التصدير وتوفير العملة الصعبة فهذه المصانع تصدر بالفعل طوب طفلى إلى دول مجاورة مثل ليبيا على سبيل المثال فضلا عن التوقع بزيادة معدلات التصدير خلال المرحلة القصيرة القادمة، وعلى المستوى الاقتصادى العام المنطقة الآن تحتوى استثمارات تزيد على 3مليارات جنيه، فهل يعقل لمنطقة صناعية بهذه الأهمية ولقطاع صناعى بهذه الخطورة أن يفكر المسئولون بحجب أهم رافد لتشغيله وهو الوقود ما يهدده بالانهيار الكامل. ويتابع صلاح غريب: أوجه حديثى للمهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء فهو أكثر من يعرف خطورة توقف منطقتنا عن الإنتاج على قطاع الإسكان فى مصر وبالتالى على قطاعات متعددة أيضا فمجمع مصانع الطوب الطفلى بعرب أبو ساعد يوفر أكثر من 80% من حجم استهلاك الطوب الطفلى فى مصر، فلك أن تتصور مدى المشكلة التى يمكن أن تنجم عن فقدان 80% من حجم الطوب الطفلى وتأثير ذلك على قطاع المقاولات والإنشاءات وتأثير ذلك على أسعار المساكن وعلى الوضع الاقتصادى بشكل عام. المهندس على صلاح فرج نائب رئيس مجلس إدارة جمعية منتجى الطوب الطفلى بعرب أبو ساعد من جانبه، يؤكد أن الرأى العام المصرى لابد أن يقف على حقيقة مشكلتنا عندما يتم قطع الغاز عنا، وتقلل حصصنا من المازوت وماذا يعنى انهيار هذه المنطقة الصناعية وشلل هذا النشاط الاقتصادى، فتجمع مصانع الطوب الطفلى بعرب أبو ساعد منذ أنشئ أول مصنع به عام 1986وإلى الآن يمثل حلا لكثير من المشكلات العامة التى واجهت صناعة الطوب الطفلى فى مصر لعقود طويلة وبعض المشكلات التى واجهت قطاع الزراعة، ولم يكن مشكلة فى حد ذاته، فاختيار المنطقة جاء مناسبا، حيث إنها منطقة صحراوية لم يكن بها عمران يذكر قبل تأسيس المصانع بها، وبعد إنشاء المصانع تباعا وتأسيس مصانع أخرى أصبحت منطقة عرب أبو ساعد المنطقة الصناعية الآن واحدة من التجمعات الصناعية المهمة فى مصر قاطبة، ومن أكثر المناطق الصناعية فى مصر جذبا للعمالة، حيث يعمل فى مصانعنا فى الطوب الطفلى نصف مليون عامل تقريبا. أما البعد الآخر للأزمة، فيلقى عليه الضوء اللواء أحمد سيف النصر أحد أصحاب مصانع الطوب بالمنطقة بقوله: وجود مصانع الطوب الطفلى فى هذه المنطقة وحصوله على مواده الخام (الطفلة) من الصحراء المجاورة قضى على مشكلة خطيرة كانت تواجه قطاع الزراعة فى مصر، وهى مشكلة تجريف الأرض الزراعية، وكان قرار إنشاء المصانع فى هذه المنطقة فى العام 1986 قرارا يستهدف محاربة ظاهرة تجريف الأرض الزراعية بالأساس بنقل مصانع الطوب من الكتل السكانية ومن قبل الأراضى الزراعية جيدة التربة إلى مناطق صحراوية تستفيد من مكونات الصحراء للاستغناء عن التربة الزراعية الجيدة. أما الحاج عاطف هليل صاحب مصنع لإنتاج الطوب الطفلى بعرب أبو ساعد يقول: إذا كنا نتوقع من الدولة أن تدعمنا فيما نواجه من مشكلات وتحديثات كقطاع صناعى مهم، فإننا أبدا لم نتوقع أن تقوم الدولة ذاتها بأن تقطع عنا شريان الحياة لمصانعنا وهو الوقود اللازم فإننا نذكر الجميع بأننا بخلاف كل أصحاب المصانع الكبرى فى كل المناطق الصناعية فى أنحاء الجمهورية وفى المدن الصناعية لم نكلف الدولة شيئا تقريبا فى تنفيذ البنية الأساسية للمنطقة وللمصانع، فنحن منذ قدومنا إلى هنا قبل أكثر من 28عاما نحن من قمنا بأنفسنا ودون أن تتحمل الدولة شيئا بتوصيل المرافق والبنية الأساسية للمنطقة للتحول من مجرد أرض صحراوية قاحلة إلى واحدة من المناطق الصناعية المهمة فى مصر، وأكبر تجمع لمصانع الطوب الطفلى فى العالم بشهادة الخبراء فى هذا المجال. "من لا يعرف حقيقة مشكلتنا يتصور أننا نعمل بعيدا عن القانون ولسنا أصحاب حق" بهذه العبارة بدأ الحاج أشرف هليل صاحب مصنع مستعرضا لوجهة نظره فى المشكلة مستكملا: عندما أنفقنا الملايين على تحويل مصانعنا للعمل بالغاز الطبيعى لم نغتصب حقا أو نخالف قانونا وعلى العكس تماما فالاتجاه إلى تشغيل مصانع الطوب الطفلى بالغاز الطبيعى اتجاه عالمى وهدف بيئى سعت لتحقيقه العديد من دول العالم ونحن حولنا مصانعنا إلى الغاز الطبيعى تحت إشراف الدولة وبتوجه عام وفى إطار عالمى، ففى منطقتنا بعرب أبو ساعد وفى العام 2003 قدمت الحكومة الكندية منحة منها تم الانفاق على توصيل الغاز الطبيعى إلى 50 مصنعا من مصانعنا على أن يتم الإنفاق من المنحة بمقدار50% من التكلفة، ونحن نتحمل ال50% المتبقية، وبعد هذه المنحة ومنذ 2008 قام أصحاب باقى المصانع بتحمل نفقات توصيل البنية الأساسية للتشغيل بالغاز الطبيعى على حسابنا الخاص، حيث وصل عدد المصانع العاملة بالغاز الطبيعى فى منطقتنا فى شهر أبريل من العام 2011 ما يتجاوز الآن 270مصنعا. وباستنكار شديد لما يحدث عبر شريف هليل أحد أصحاب المصانع عن رأيه فى الأزمة بقوله: لا يعقل بعد أن أنفقنا الملايين على تأسيس البنية الأساسية لمصانعنا وعدنا لننفق الملايين أيضا لتحويل مصانعنا للعمل بالغاز تحت إشراف وزارة البيئة وتحملنا نحن، وليست الدولة تكلفة توصيل الغاز كاملة لمصانعنا لا يعقل بعد كل هذا أن تفكر الدولة مجرد تفكير لتقطع عنا الغاز، وكأننا مغتصبون لحق أو أننا قمنا بتحويل مصانعنا للغاز فى غياب الدولة وأجهزتها وأن تضحى بنا الأجهزة الإدارية وبمصير مئات الآلاف من عمالنا دون أى اكتراث لمخاطر ذلك كله كذب وتضليل. المهندس على صلاح فرج يعود من جانبه لينفى ما يشاع عن مصانع الطوب الطفلى بقوله: يروج البعض أن مصانع الطوب الطفلى هى التى تستنفذ حصص الغاز المقررة للاستخدام المنزلى، وأن ذلك ما يخلق أزمات فى أنبوبة الغاز من وقت لآخر، وهذا كله كذب وتضليل للرأى العام وتشويه متعمد لن يؤدى إلا إلى دمار صناعتنا، وحتى لو أغلقت جميع مصانع الطوب الطفلى التى تعمل بالغاز فى مصر، فلن يوفر ذلك كله نسب تذكر من الغاز، فالحقيقة، وكما يذكر كل خبراء الطاقة أن مصانع الطوب الطفلى التى تعتمد على الغاز ليست مصانع كثيفة الاستخدام للغاز مثل مصانع الأسمدة على سبيل المثال فكل مصانعنا فى عرب أبو ساعد والتى تتجاوز 270مصنعا وتعتمد على الغاز الطبيعى لا تستهلك مجتمعة مثل استهلاك مصنع واحد من مصانع السماد على سبيل المثال، ولا تستهلك جميعها مثل محطة كهرباء واحدة على سبيل المثال وأناشد المسئولين ممن يبحثون عن شماعة يضعون عليها فشلهم فى توزيع متوازن للغاز إلا يكرروا هذه الأكاذيب وإلا يكونوا من حيث لا يدرون معاول هدم لصناعة مهمة من الصناعات المصرية يعتمد عليها فى كسب قوت يومه أكثر من 750 ألف عامل. مصانع صديقة للبيئة وعن سبب آخر من أسباب الهجوم على مصانع الطوب الطفلى وعدم اكتراث متخذى القرار بتقليل حصص الوقود عن هذه المصانع يقول اللواء أحمد نصر: التصور الخاطئ أن هذه المصانع فى مجملها وعلى كل أوجه عملها هى مصانع ملوثة للبيئة، وهذا كلام لا يمت للواقع بصلة وتنكره الدراسات البيئية تماما، فأولا استخدام الغاز الطبيعى فى الحرق، وكما هو معروف عالميا يعتبر غير ضار بيئيا كما أن المعالجة الجيدة والإشراف البيئى والرقابة الكاملة على حرق المازوت يقلل جدا جدا من مخاطره البيئية، لذلك نحن نقول لكل المسئولين، ونناشد كل من يتشدق بعبارات فضفاضة دون أن يعرف عنها شيئا من قبيل حماية البيئة ومخاطر التلوب نقول للجميع، وفروا لنا الغاز الطبيعى والمازوت وراقبوا عملنا بكل صرامة وإذا ما وجدتم خللا ما نسببه للبيئة وفق المقاييس العالمية، فنحن ومن الآن نفوضكم فى اتخاذ ما ترونه من قرارات. نصف مليون عامل فى خطر حنفى أبو خضرة صاحب مصنع يلقى الضوء على أحد أهم الآثار السلبية لحجب وقطع الغاز عن المصانع يقول أبو خضرة: مجرد التفكير فى توقف مصانع الطوب الطفلى بعرب أبو ساعد يعنى كارثة حقيقية على أكثر من نصف مليون عامل يعولون أكثر من 2مليون شخص ويأتون من كافة أنحاء الجمهورية للعمل هنا، فالشىء الذى يتجاهله صانعو القرار السياسى عند النظر لمشكلة مصانع الطوب الطفلى بعرب أبو ساعد أن هذه الصناعة هى كثيفة الاستخدام للعمالة، حيث يعمل فى خط الإنتاج الواحد داخل المصنع الواحد قرابة ال 150عامل وهناك مصانع بها خطى إنتاج وثلاثة وأربعة خطوط وداخل خط الإنتاج الواحد أكثر من مهنة فهناك عامل الترابيزة، والتباع، والخلاى، والرصيص، وهناك عمالة مساندة مثل السائقين ومن ينقلون الطوب ويقومون بتحميله وتفريغه وغيرهم وكل هؤلاء العمال حينما يتوقف المصنع عن العمل فليس لهم مرتب. ويضيف أبو خضرة: إذا كنا نبحث عن خطط بها نوفر فرص عمل جديدة لاستيعاب مزيد من الشباب الذى يعانى من البطالة وإذا كنا نحاول إيجاد سبل كفيلة لجذب استثمارات جديدة لاستيعاب مزيد من العمالة فالاولى أن نحصن من بيدهم فرص عمل حقيقية ضد ضياع هذه الفرص وضد تشريدهم فمن يتحمل أن يفقد نصف مليون عامل مورد رزقهم ومن أين ينفق هؤلاء العمال على أسرهم إذا فقدوا مورد رزقهم. وقال محمد عبد الجواد40عاما، عامل ترابيزة بأحد مصانع الطوب الطفلى بعرب أبو ساعد: أعمل فى هذه المهنة منذ ما يزيد على 20عاما ولا أعرف مهنة أخرى وأعول زوجة وأربعة أولاد بمراحل التعليم المختلفة وكل أولادى متفوقين دراسيا والحمد لله، وأحلم بأن أتمم رسالتى فى تربيتهم ورعايتهم قدر المستطاع ودخلى من عملى فى حال انتظام عمل المصنع يكفينى وأسرتى والحمد لله لكن ما لا أستطيع أن أفكر فيه هو حالى إذا ما توقفت مصانع الطوب عن العمل لأى سبب ما فكيف لى حينها أن أجد مورد رزق يكفل لى دخل للإنفاق على أسرتى وهل عندها سوف أقدر على مصاريف المدارس ونفقات الحياة اليومية بل هل أقدر فى حينها على نفقات أكلهم وشربهم، ففى الأيام القليلة الماضية وعندما توقف المصنع عن العمل بعدما انقطع الغاز كان حالنا صعبا جدا. أما خالد فتحى 23عاما يعمل رصيص فيقول: قبل أن أحصل على دبلوم التجارة وفى فترات العطلات الصيفية والإجازات كنت آتى إلى هنا للعمل مثلى مثل مئات الآلاف من العمال وبعد حصولى على الدبلوم وتفرغى كاملا للعمل هنا تقنت مهنة الرصيص للطوب داخل الفرن ليتم إحراقه، وخلال فترة عملى الماضية وفقنى الله وبدأت تحويش بعض المبالغ لكى أتزوج وقبل عام من الآن تقدمت لإحدى الفتيات فى قريتى، وتمت خطبتنا وأنا الآن أعمل بكل ما أوتيت من قوة لكى أكمل نفقات زواجى واليوم الواحد الذى يتوقف العمل فيه يؤثر على ولا أعرف إذا ما توقفت مصانع الطوب عن العمل كيف أفى بالتزاماتى وماذا سوف أقول لأهل خطيبتى. أما فهمى سالم 33عاما ويعمل "خلاى" فيقول: توقف مصانعنا عن العمل ليوم واحد (مصيبة) كبيرة لنا جميعا " يبقى الوضع حيكون ازاى لو مصانعنا قفلت"، كلنا لا يعرف مهنة أخرى غير هذه المهنة وأنا نفسى قدمت من إحدى قرى محافظة سوهاج إلى هنا قبل عشر سنوات ووفقنى الله فى هذه المهنة وأصبحت كل حياتى وهناك من العمال من يأتون من أقصى قرى جنوب الصعيد، وهناك من يأتون من وجه بحرى، وهناك من يأتون من جميع مدن وقرى محافظة الجيزة والقاهرة و"الكل يرزق بفضل الله" وأرجو ممن يقررون أن يفصلوا الغاز عن مصانعنا أو يقللوا حصص المازوت أن يفكروا جيدا فينا وفى الأسر التى نعولها وأن يتخذوا القرار الصحيح فأرزاقنا مرهونة بقراراتهم، وبجرة قلم منهم يمكن أن يقطعوا أرزاقنا. أما ناصر عبد السلام 44 عاما سائق جرار فيقول: العمل فى مصانع الطوب مهنة "الغلابة" وكل من لم يتعلم مهنة يستطيع إيجاد فرص عمل هنا فالمصانع بها أشكال كثيرة من الأعمال لا تحتاج إلى خبرة أو حرفة أو مهارة خاصة، وبالنسبة لى شخصيا جربت السفر إلى الخارج، وذقت مرارة السفر ولم أعد بشىء يذكر لى ولأولادى، وعندما وجدت فرصة العمل فى مصانع الطوب" مسكت فيها بأيدى وسنانى" وأنا لست مستعدا أن أضحى بهذه الفرصة مهما حصل ولا أتمنى أن يأتى اليوم الذى أجبر فيه أن أحضر زوجتى وأولادى معى لنقف أمام مجلس الوزراء أو حتى رئاسة الجمهورية أو نقطع طريق لينظر إلينا المسئولون.