"القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" ينظم ندوة توعوية لتعزيز المشاركة الانتخابية    زراعة الأقصر تتابع توزيع السماد المدعم وتنظم فعاليات إرشادية وميدانية    ارتفاع مؤشرات البورصات العالمية عقب إبرام الاتحاد الأوروبي اتفاق تجاري مع إدارة ترامب    ماليزيا: بدء وقف إطلاق النار بين تايلاند وكمبوديا منتصف الليل    خبيرة اقتصادية ألمانية تصف رسوم واشنطن الجمركية ال15% بعبء ثقيل    تقرير: سقوط مسيرتين في أربيل بشمال العراق    الكرملين لا يستبعد لقاء بين بوتين وترامب في سبتمبر في الصين    محمد صلاح يشارك في جلسة تأمل مع ليفربول في طوكيو    الأندية الأوروبية والعربية تطلب مواجهة بيراميدز وديا في معسكر تركيا    زوج يقتل زوجته بالمحلة ويسلم نفسه للشرطة    انتظام امتحانات النقل للدور الثاني في الغربية للعام الدراسي 2024- 2025    جنازة زياد الرحباني.. فيروز تتلقى التعازي من سيدة لبنان الأولى    150 عنوانا للقومي للترجمة في معرض الإسكندرية ال10 للكتاب بخصم 25%    الأعلى للإعلام: حفظ شكوى نقابة الموسيقيين ضد طارق الشناوي وخالد أبو بكر ومفيدة شيحة وسهير جودة    وزير الصحة: مصر الأولى عالميا في الحصول على التصنيف الذهبي بالقضاء على فيروس سي    مدبولي يستعرض استجابات منظومة الشكاوى الحكومية لعدد من الحالات بقطاعات مختلفة    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل دراسة "تكنولوجيا الملابس الجاهزة" في جامعة حلوان التكنولوجية    حالة الطقس اليوم الاثنين في السعودية    كشف ملابسات قيام أحد الأشخاص بإلقاء مادة حارقة على سيدة بالقليوبية    انطلاق امتحانات الدور الثاني لمراحل النقل بالغربية وسط متابعة يومية من التعليم    مقتل 4 أشخاص جراء أمطار غزيرة وفيضانات في شمال الصين    محافظ أسيوط يتفقد مبادرة إعادة تدوير رواكد الأخشاب إلى مقاعد دراسية    "التعليم العالي" تعلن أماكن معامل تنسيق الثانوية العامة 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 28-7-2025 في محافظة قنا    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها.. المفتي يوضح    النصر ورونالدو.. بوابة جواو فيليكس نحو كأس العالم    تمرين ينظم نسبة السكر في الدم لدى مصابي السكري.. احرص عليه    "بطاقة لكل عبوة".. مصدر يكشف موعد تطبيق منظومة "التتبع الدوائي"    انخفاض أرباح أودي بأكثر من الثلث في النصف الأول من 2025    المصري يستنكر بشدة ما حدث من تجاوزات في مباراة الترجي الودية    شوبير يدافع عن طلب بيراميدز بتعديل موعد مباراته أمام وادي دجلة في الدوري    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    لبنان يودع عبقرى الموسيقى والسياسة.. جنازة زياد الرحبانى اليوم فى بكفيا    الصفاقسي: معلول سيتولى منصبا إداريا في النادي بعد الاعتزال وهذا موقف المثلوثي    نشاط مكثف لتحالف الأحزاب في انتخابات الشيوخ 2025    وكيل الأمم المتحدة: الأزمة الإنسانية في غزة مدمرة    أمين الفتوى: الصلاة بالبنطلون أو "الفانلة الداخلية" صحيحة بشرط ستر العورة    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    رئيس وزراء السودان يصدر قرارا بتعيين 5 وزراء جدد    في مستهل زيارته لنيويورك.. وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    الصحة العالمية : مصر أول بلد بالعالم يحقق المستوى الذهبي للتخلص من فيروس C    طلاب الأزهر يؤدون امتحانات الدور الثاني في مواد الفرنساوي والجغرافيا والتاريخ    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري الإثنين 28-7-2025 بعد ارتفاعه الأخير في 5 بنوك    الأرز والعدس.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية اليوم الإثنين 28 يوليو 2025    "خرج عن مساره".. وفاة 4 أشخاص في حادث قطار بألمانيا    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    بالصور.. اصطدام قطار بجرار أثناء عبوره شريط السكة الحديد بالبحيرة    هدي المفتي تكشف علاقتها ب ويجز لأول مرة: "مش مقربين"    هدى المفتي تحسم الجدل وترد على أنباء ارتباطها ب أحمد مالك    «اقعد على الدكة احتياطي؟».. رد حاسم من حسين الشحات    بداية فوضى أم عرض لأزمة أعمق؟ .. لماذا لم يقيل السيسي محافظ الجيزة ورؤساء الأحياء كما فعل مع قيادات الداخلية ؟    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 28 يوليو    السيطرة على حريق بشقة سكنية في البلينا وإصابة 3 بحالات اختناق    إدريس يشيد بالبداية المبهرة.. ثلاث ميداليات للبعثة المصرية فى أول أيام دورة الألعاب الإفريقية للمدارس    أم وابنها يهزمان الزمن ويصنعان معجزة فى الثانوية العامة.. الأم تحصل على 89% والابن 86%.. محمد: ليست فقط أمى بل زميلتي بالدراسة.. والأم: التعليم لا يعرف عمرا وحلمنا ندرس صيدلة.. ونائب محافظ سوهاج يكرمهما.. فيديو    الباذنجان مهم لمرضى السكر والكوليسترول ويحمي من الزهايمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دم غالى.. واستقالة متأخرة
نشر في اليوم السابع يوم 28 - 10 - 2009

أشلاء متناثرة.. دماء أبرياء متطايرة.. صراخ وعويل يكسوان المكان.. ذعر ورعب يسوقان العشرات للهروب من عربات الموت.. أطفال تستغيث.. أمهات يبحثن عن أبنائهن بين حطام القطارين.. شباب فى زهرة العمر يفقدون أطرافهم.. مسنون يرددون الشهادة قبل المنية بدقائق.. غيبوبة يغرق فيها العشرات بعد تعرضهم لارتجاج فى المخ.. رائحة الموت تخيم على الأجواء.. "ولاد بلد" تملأهم الشهامة يتسابقون من أجل إنقاذ من كتب لهم البقاء على قيد الحياة.. سيارات إسعاف تتوافد من أجل إنقاذ الجرحى..
تلك هى الأجواء المخيمة على مكان حادث القطارين عند قرية جرزا بمحافظة الجيزة، فقد كُتب لى أن أرى هذا الحادث أثناء عودتى لبلدتى ببنى سويف، وتوقفت سيارتنا لنشاهد هذه الأجواء الكئيبة.
وقد أثرت فى كلمات شاب كان غارقا فى دمائه بعد نجاته من الحادث، حيث انتابته حالة هستيرية وأخذ يردد: "لأمتى دمنا هيبقى رخيص على البلد دية لأمتى هيعملونا معاملة الكلاب، مش كفاية عذاب أبوية المطحون بالليل والنهار عشان يصرف على دراستى بالجامعة، حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم"، وعندما حاولت أن أتكلم معه وأعرفه بهويتى الصحفية، ما كان منه إلا أن انفجر مرددا: "صحافة إيه، ما انتم قلتوا كتير بعد احتراق المئات فى قطار الصعيد، وطلع المسئولين بتصريحات وردية، وبالرغم من ده كل يوم والتانى بتزيد مآسى الشعب وعمالين نغرق فى دمنا، قولوا للكبار احنا زهقنا مش عارف هنلقيها من الفقر ولا الخوف ولا تسلط الكبار علينا".
بهذه الكلمات أنهى الشاب الناجى من الحادث كلامه معى وترك المكان رافضا أن تحمله سيارات الإسعاف لأقرب مستشفى، لكنه ترك لى كثيرا من علامات الاستفهام التى لا أجد لها حلاً ومنها:
إلى متى ستستمر مهزلة الاستخفاف بفقراء هذا الوطن؟ ألم يكفى حكومتنا الرشيدة أنها تفننت فى فرض كل ألوان الجباية تحت مسمى الضرائب؟ وكان من المنطقى أن يجد من يدفعون هذه الضرائب خدمات تخفف من أعبائهم التى تزداد يوما بعد يوم؟!
إلى متى سيكون دم المصريين رخيصا على حكومتنا؟ فهناك الآلاف الذين يلقون مصرعهم على الطرق المصرية، سواء البرية أو البحرية، فطريق الصعيد وحده يشهد مصرع أكثر من ثلاثة آلاف شخص سنويا.
بل إلى متى تدفن حكومتنا رأسها كالنعام فى الرمال تجاه ما بها من خلل فى أجهزتها التنفيذية؟ كلنا نعلم الوضع المهلهل الذى يسود أجهزة الدولة، فهل سمعنا عن نظام إدارى وتنفيذى فى العالم يغرق فى الفساد كما فى بلدنا؟ بل هل سمعنا عن حكومة مكونة من رجال أعمال يعيشون فى كوكب ثانى، ولا يشعرون بمدى ما يتعرض له المواطن المصرى من عذاب خلال حياته اليومية؟!
بل هل سمعنا عن حكومة مصممة على تكرار أخطائها؟ فبعد حريق قطار الصعيد انهال علينا سيل من الوعود التى أكدت أن مصر ستشهد نهضة فى قطاع النقل عامة والقطارات خاصة، لكن منذ هذه الكارثة وقد شهد هذا القطاع أكثر من 20 حادثة راح ضحيتها المئات من أبنائنا؟
قد يقول البعض إن الحكومة أحست بخطئها، وأكبر دليل على ذلك ما أقدم عليه وزير النقل من إعلان استقالته، وتأكيده لوسائل الإعلام أنه يشعر بالمسئولية تجاه الحادث.
وهنا أقول: لماذا لم يقدم وزيرنا الهمام على هذه الاستقالة فى نفس يوم الحادث إذا كان بالفعل يستشعر المسئولية؟ بل لماذا أعلن الوزير استقالته بعد جلسة البرلمان العاصفة، والتى عجز فيها الوزير عن الرد خاصة وأن الدكتور زكريا عزمى كان على رأس المنتقدين للإهمال الذى كان سببا رئيسيا فى وقوع الحادث.
لقد فهم الوزير الإشارة التى أرسلت له من خلال هذه الجلسة البرلمانية العاصفة، فأراد أن يكون بطلا على أشلاء شهداء قطار العياط، وحاول أن يجد لنفسه دورا يسلط عليه الإعلام أضواءه كأول وزير يستقيل ويقبل استقالته فى عهد حكومة الكوارث.
وإنى على يقين أن النظام المصرى يحاول امتصاص غضب المصريين، من خلال حزمة إجراءات وهمية ستنتهى بمجرد دخول حادثة قطار العياط "تخزينت" النسيان، والهدف تحسين وجه النظام، خاصة وأن الحادث تزامن مع مؤتمر الحزب الوطنى، واقتراب البلاد من انتخابات رئاسية وبرلمانية، فالفقراء لهم الله.. وللنظام حساب التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.