أكثر من 2 مليون صياد مصرى - حسب الإحصائيات الرسمية - يعانون التجاهل منذ سنوات لا أحد يستمع لهم أو يعطيهم آذانا صاغية، ومعظمهم من المطحونين الذين يواجهون ظروف الحياة فى واقع غاية السوء، هؤلاء المطحونون قهرتهم الحكومة بوعودها مراراً بحل مشاكلهم، أو التقليل من معاناتهم، أو حتى بحثها، لذا يلجأون إلى المجهول، خصوصا فى وجود الجاهزين دائما للمتاجرة بقوت البشر، ولن يكون أولئك الناجون مؤخراً من «معركة الصومال»، آخر الصيادين الباحثين عن لقمة العيش أينما تكون، طالما البحيرات جففت، وقل خيرها بالإهمال والتواطؤ تارة، أو بالحيتان البشرية التى استولت على مساحات كبيرة لحسابها الشخصى دون رادع. وبسبب الكوارث السابقة تداعت البحيرات الأربع «مريوط - إدكو - البرلس - المنزلة» منذ السبعينيات وحتى اليوم، لذا لا يجد الصيادون سوى البحث عن الرزق على حدود الصومال رغم المخاطر الموجودة بها عن سواحل مصر الفقيرة بالأسماك. ويقول محمد صقر 25 سنة أحد الصيادين العائدين: «بحيرة المنزلة بها رزقى وقوت أولادى، كان الرزق فى الماضى كثيرا والآن أصبح شحيحا لدرجه أننى بالكاد أصطاد ما يسد رمق أسرتى، لقد ردموا البحيرة، وما تبقى منها يسيطر علية الصيادون (الغيلان) الذين يمتلكون القوارب الحديثة ويصطادون حتى الزريعة ولا يبقى لنا شيئاً». ويضيف «كنت عندما أراهم يردمون جزءاً من البحيرة كأنهم يقتطعون جزءاً من لحمى ولحم أولادى، لم يبق لدينا شيئا من البحيرة حتى ما تبقى منها لم يعد لنا فهناك من الصيادين من يصطادون السمك الصغير ويستخدمون شباكا ذات ثقوب ضيقة، وهذا مخالف للقانون لكن شرطة المسطحات المائية جعلت أذنا من طين وأخرى من عجين». ويكمل الحكومة هى التى أجبرتنا للبحث عن أرزاقنا فى سواحل أخرى بعد أن ندرت الأسماك بسواحلنا وأجبرتنا على التوقف عن الصيد شهرى مايو ويوليو كل عام، وأضاف أن بحيرة المنزلة هى الكنز الذى أهدرته الحكومة ممثلة فى هيئة الثروة السمكية بدمياط بسبب كثرة التعديات المستمرة عليها، مما أدى إلى تشريد عشرات الآلاف من الصيادين، وأعطت الإشارة لحيتان الأراضى وأصحاب النفوذ ليستحوذوا على معظم مياه البحيرة، وممنوع على الصيادين الاقتراب من مناطق النفوذ التى وضعوا أيديهم عليها. الحسينى عبدالجليل صبيح «39 سنة» يقول: لم أكن أبدا أفكر فى الصيد خارج بحيرة المنزلة، ولكن الصيد بها أصبح يهدد حياة الصيادين، لذلك كان علينا المغامرة وهو الصيد على مركب بدون تصاريح بالبحر الأحمر فسافرت إلى اليمن وإريتريا وكلما عدت من سفر أفكر ألا أعود إليه مرة أخرى، ولكنه الرزق، ويجب أن نسعى وراءه ويجب أن تنظر الدولة للصياد نظرة أخرى حيث إن المطرية بها 100 ألف صياد كلهم مشردون بعد سيطرة الإقطاع على البحيرة، وبالرغم من تظاهرنا أكثر من مرة فإن الإقطاعيين بالبحيرة يزيدون. أما إبراهيم محمود عيسى 40 سنة فقال إن بحيرات مصر تموت بالتجفيف الذى بدأ فى بحيرة المنزلة والدولة تشق ترعة السلام وسط البحيرة، جففت الأراضى التى حولها، وكانت تعيش بها أجود أنواع الأسماك والمساحة الباقية تحولت إلى أحواش ووقف البلطجية يدافعون عنها بالأسلحة الثقيلة، فما إن يقترب منها صياد حتى يطلق عليه الرصاص من جميع الاتجاهات ومات عدد كبير من الصيادين بالبحيرة بهذه الطريقة، علاوة على تجار الزريعة الذين يبيدون الثروة السمكية فى مصر دون أى رادع. الصياد محمود غالى يؤكد أن بحيرة البرلس لم تعد مثل سابق عهدها وهناك تعديات من الكبار عليها واتفق معه مختار ومبروك غالى وأشار إلى سيطرة عائلات معينة على رزق البحيرة. وقالت وردة غالى إن الصيادين يلجأون إلى الصيد بالشواطئ الدولية بسبب قلة العائد المادى من الصيد فى البحيرات المصرية واتفقت معها الحاجة وطنية والدة محمود غالى. حسام خليل رئيس جمعية الصيادين بعزبة البرج يقول: «شواطئ مصر أصبحت فقيرة من الأسماك وتفتقر للأنواع الجيدة العديدة التى كنا نصطادها فى السابق مما يدفع الصيادين للسفر فى رحلات طويلة، خارج حدود المياه الإقليمية بحثاً عن شواطئ غنية بجميع الأسماك ولأن الصومال وإريتريا، لا يملكان أسطول صيد بالمعنى المعروف، ولا يستهويهم العمل بالصيد، يذهب الصيادون إليها وغالبا ما تأتى المراكب التى تنجو، بكميات كبيرة من الأسماك المختلفة وهى التى تساعد صاحب المركب والصياد على المعيشة. عبدربه الجزايرلى شيخ الصيادين بالبرلس بكفر الشيخ قال إن الانتهاكات والتعديات التى حدثت مؤخراً على بحيرة البرلس كانت السبب المباشر وراء ما يحدث اليوم من هجرة غير شرعية وأيضا خروج الصيادين للصيد خارج مياهنا مما عرضهم لأعمال القرصنة والاختطاف. أشار الجزايرلى إلى تدنى مستوى بحيرة البرلس وقلة مساحتها التى وصلت إلى 90 ألف فدان بعد أن كانت 200 ألف فدان، وذلك بسبب التجفيف الذى يحدث كل يوم بأيدى بعض المسيطرين على البحيرة والذين يقومون بالاستحواذ على مساحات من البحيرة. لمعلوماتك... ◄15 مليون جنيه ميزانية صندوق رعاية الصيادين