عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا تحولت رحلات الصيد إلى أفلام رعب في أعالي البحار
نشر في الدستور الأصلي يوم 09 - 04 - 2010

7 مراكب مصرية تم احتجازها في ليبيا خلال شهر مارس فقط وعدد المحتجزين وصل إلى 133 صياداً.. وتونس احتجزت 4 مراكب قبل الإفراج عنهم بقرار رئاسي
لماذا تحولت رحلات الصيد إلى أفلام رعب في أعالي البحار
مطاردات وإطلاق رصاص.. صرخات استغاثة ولحظات أقرب إلي الموت منها إلي الحياة تنتهي بإلقاء القبض علي مجموعة من الصيادين البسطاء دفعتهم ظروف اقتصادية طاحنة لترك العمل في المياه المصرية التي ضاقت بهم علي اتساعها ولم تعد تعطيهم بقدر ما يحتاجون، فيعدون مراكبهم بكل ما لديهم من أموال وتسبقهم أحلامهم نحو كرم كان يمنحه البحر لهم قبل سنوات ليمكنهم من توفير لقمة عيش كريمة لأبنائهم، لكن لأن رياح قوات حرس الحدود وخفر السواحل والقراصنة وعصابات البحار التي صارت لها قوانينها التي تحكم بها وتتحكم في مياه البحار تأتي دائماً بما لا تشتهي سفن هؤلاء البسطاء فيقودونهم للسجون بعد مطاردات في عرض البحار تستعرض فيها قوات حرس الحدود للدول التي يدخل الصيادون المصريون مياهها الإقليمية قوتها عليهم.
وسواء كان الصيادون يحملون تصريحاً بالصيد في المياه الإقليمية لدول أخري، أم لا فإن الأمر لا يختلف كثيراً، فالإهانة واحدة والمطاردة تتم بنفس الطريقة إلي أن يلقي القبض علي الصيادين كأنهم مجرمون وليسوا مواطنين في دولة يتحتم عليها حمايتهم داخل أو خارج أراضيها.
تعتبر ليبيا من أكثر الدول التي تلقي القبض علي الصيادين المصريين بحجة الصيد داخل مياهها الإقليمية، ففي شهر مارس الماضي فقط تم إلقاء القبض علي 7 مراكب مصرية بواسطة قوات خفر السواحل الليبية، وبالطبع لم يقتصر الأمر علي ذلك فحسب وإنما تمت مصادرة الأسماك، وغالباً ما تكون هي حصيلة الصيد في مياه أخري بعيداً عن المياه الإقليمية لليبيا، كما تتم مصادرة الأجهزة التي داخل المراكب وأحياناً تتم مصادرة المركب بأكمله ويحكم علي الصيادين بالحبس بعد إلزامهم دفع غرامات كبيرة.
بالإضافة لاحتجاز 3 مراكب أخري منذ أيام قليلة وعلي متنها 50 صياداً مصرياً قالت قوات خفر السواحل إنهم دخلوا المياه الليبية الإقليمية بطريقة غير شرعية والصيد بها دون ترخيص من السلطات الليبية.
وبالطبع تطايرت بعد الأخبار كما هي العادة تصريحات المسئولين بالخارجية المصرية بضرورة احترام الصيادين للمياه الإقليمية للدول الأخري واحترام اتفاقيات الأمم المتحدة لقانون البحار واللذين يحظران الصيد داخل المياه الإقليمية للدول الأخري.
لكن ما يدعو للدهشة أن ليبيا ليست هي الدولة الوحيدة التي تحتجز سفن الصيد المصرية وتصادرها لأن اليمن أيضاً سبق وأن أوقفت مركب صيد مصرية يمتلكها أحد أبناء عزبة البرج بمحافظة دمياط وعلي متنها 22 صياداً مصرياً، رغم أنهم أكدوا أنهم لم يقوموا بالصيد في المياه الإقليمية اليمنية وأن ما حدث هو عطل أصاب محرك المركب، مما أفقدهم التحكم فيه في عرض البحر، فقامت القوات اليمنية بإلقاء القبض عليهم، اليونان أيضاً ألقت القبض علي مركب صيد مصري وعلي متنه 19 صياداً مصرياً.
وألقت السلطات السعودية منذ عدة أسابيع القبض علي تسعة بحارة مصريين، قالت إنهم كانوا يزاولون مهنة الصيد داخل المياه الإقليمية للمملكة، وقالت السلطات السعودية بعدها إنها لم تكن تعرف هوية مركب الصيد الذي تم إلقاء القبض علي طاقمه، إلا بعد تفتيشه وتبين أنه لا يوجد به أي ممنوعات ولكنهم خالفوا نظام أمن الحدود.
إلا أن إحدي أهم عمليات القبض علي صيادين مصريين بالمياه الإقليمية التي كادت أن تتسبب في أزمة بين البلدين كانت عندما قامت السلطات التونسية باحتجاز أربعة مراكب صيد مصرية علي متنها 65 صياداً مصرياً قبل أن يتم الإفراج عنهم بقرار رئاسي.
أحمد نصار - رئيس جمعية رعاية الصيادين ببرج مغيزل - أكد ضرورة النظر لأحوال الصيادين قبل أن يسأل أحد عن أسباب قيامهم بالصيد في دول أخري، مشيراً إلي أن أوضاع الثروة السمكية في مصر صارت سيئة جداً ولا يستطيع أي صياد أن يوفر حياة كريمة له ولأولاده من الصيد في الشواطئ المصرية، خاصة في منطقة يعتمد كل سكانها علي الصيد كمورد رزق وحيد لهم ويوجد بها ثلث أسطول الصيد البحري المصري باستثمارات وصلت قيمتها 5 مليارات جنيه كلها من القطاع الخاص.
وتحدث نصار عن الأسباب التي تدعو الصيادين لمغادرة مصر والعمل في البلاد الخارجية، قائلا: الأسماك في مصر صارت قليلة جداً بطول السواحل المصرية وأرجع ذلك إلي أن هيئة الثروة السمكية اتبعت أساليب وطرقاً جديدة أدت إلي الإضرار بالثروة السمكية المصرية، وبالتالي الصيادين الذين يعتمدون عليها في رزقهم.
حيث سمحت الهيئة بمعدات وأدوات صيد ممنوع استخدامها في أي دولة في العالم لأنها تؤدي إلي موت الزريعة، كما أنها أعطت تصريحات لأصحاب المزارع السمكية الخاصة تسمح بصيد الزريعة، رغم أنه غير مسموح لكنهم مسئولون كبار أو أقارب مسئولين، بالإضافة لاعتماد معظم دول العالم مسافة خمسة أميال من شواطئها كمحميات طبيعية للتكاثر وتفريخ الأسماك، وذلك لكون المياه بها دافئة وأكثر أمناً لعمليات نمو الزريعة ومصر لا تطبق هذه الأمور، لكنها قامت برفع الدعم عن معدات الصيد، مما أدي لارتفاع ثمنها ومنعت السلطات المصرية إعطاء القروض التي كانت تمنحها للصيادين بفائدة منخفضة 2% بهدف تطوير معداتهم وأدوات الصيد ولم تعد تسمح بها إلا للمحاسيب وأصحاب الوسايط وأقارب المسئولين.
ونفي نصار وجود أي مظلة مهنية أواجتماعية لحماية الصيادين، وقال: إن الاتحاد النوعي للثروة المائية الذي يفترض به أن يدافع عن الصيادين ويقوم بحل مشاكلهم هو الذي يقف في وجه الصيادين ويتعنت في تنفيذ مطالبهم ويقوم بفرض أعباء كبيرة عليهم بدليل فرض تأمين إجباري علي المراكب يتراوح بين 5 و6 آلاف جنيه لكل عام.
وأشار رئيس جمعية رعاية صيادي برج مغيزل إلي مفارقة غريبة تتمثل في قيام هيئة الثروة السمكية بمنع الصيد شهرين كل عام هما مايو ويونيه، وفي الوقت نفسه أبرمت اتفاقية مع الأسطول البحري التركي تسمح له بالصيد في المياه الإقليمية المصرية في الفترة نفسها، وهو ما يثير الكثير من علامات الاستفهام حول هذه الاتفاقية التي لا تستفيد منها الهيئة أي شيء بل تؤدي لمخاطر جسيمة علي الثروة السمكية المصرية.
وأوضح نصار أنهم يطالبون منذ سنوات بإنشاء نقابة للصيادين يتم فيها إنشاء صندوق للزمالة ومن خلالها يستطيع الصيادون أن يبحثوا عن حقوقهم بصوت مسموع وطبقاً لطرق قانونية، لكن مسئولي الاتحاد النوعي والهيئة يقفون في وجه إنشاء هذه النقابة ليظل الصيادون فريسة لهم دون أن يجدوا من يحقق مطالبهم.
وقال نصار في حديث ل «الدستور»: الصيادون ليس أمامهم حل إلا الصيد في الخارج، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار أن المركب يتكلف يوم عمله في مصر 5 آلاف جنيه أي أنه يتكلف ما يقرب من 70 ألف جنيه كل أسبوعين تتمثل في أجور ومصروفات وصيانة معدات وبأي حال من الأحوال لن يستطيع صاحبه توفيرها من العمل في مصر، لذلك لابد من العمل بالخارج حتي ولو امتنعت الخارجية المصرية عن حمايتهم أو علي الأقل متابعتهم أثناء رحلاتهم، مشيراً إلي قيام السلطات القضائية بإخلاء سبيل 49 صياداً مصرياً كانت قد ألقت القبض عليهم أثناء وجودهم بالمياه الإقليمية الليبية، وصادرت ثلاثة مراكب لهم هي: الأمانة والحاج عبدالهادي، وسعد كارم، وسمحت لهم بالبقاء داخل مدينة بني غازي لحين الفصل في التحقيقات بشرط موافقة السفارة المصرية في ليبيا، ولما توجهت المحامية الخاصة بهم وهي ليبية الجنسية للسفارة للتوقيع علي خطاب الضمان وافق القنصل المصري لكن السفير المصري امتنع عن الموافقة متعللاً أن الصيادين المصريين سيحاولون الهرب، وهو لا يريد أن يتحمل هذه المسئولية.
واختتم رئيس الجمعية حديثه قائلا: هناك 173 مركباً مصرياً تم احتجازها في ليبيا في الفترة الأخيرة منها 13 مركباً تحمل 250 صياداً يعولون 300 أسرة في آخر خمسة أشهر ويصل ثمن المركب الواحد إلي مليون و300 ألف جنيه علي السلطات المسئولة في مصر أن تجد حلاً لهم لأنهم أصبحوا في الشارع بعد ضياع مراكبهم.
الصيادون وأصحاب المراكب من جانبهم أشاروا إلي أن هناك عدة دول مجاورة لنا تتعامل مع المراكب والصيادين المصريين علي أنهم لقطاء أو «بني آدمين درجة تالته» علي حد تعبير أحدهم، باعتبار عدم تمتعهم بأي حماية من أي نوع من أي جهة دبلوماسية بالمقارنة بصيادي الدول الأخري.
سعيد شبانة - صاحب أحد المراكب المحتجزة - تحدث عن تعامل الدول المجاورة مع المراكب المصرية والصيادين المصريين كأنهم أعداء وليسوا أشقا، وأشار إلي أن هناك مناطق مسموح فيها بالصيد لأي مركب في العالم مثل منطقة «مالطا»، لكن لا يتم الاستهانة إلا بالمركب المصري، حيث يتم توقيفه ومصادرته سواء بالحق أو بالباطل، وتحدث شبانة عن ليبيا تحديداً، وقال: إن المسئولين فيها يتعاملون معنا حسب المزاج أحياناً تمر الأمور بسلام وأحياناً أخري مطاردة واحتجاز وسجن، وعن مركبه قال: إنه تكلف حوالي 60 ألف جنيه في المرحلة الواحدة ويكون علي متنه طاقم يتراوح بين 14 و20 صياد حسب الأحوال، ورغم أن مركبه كان في طريق العودة ولم يضبط متلبساً بالصيد داخل المياه الإقليمية الليبية فإنه تمت مصادرة المركب والسمك حصيلة الرحلة، وقررت السلطات حبس الصيادين ولا يعرف لمن يتوجه هو وأسر الضحايا في ظل عدم اهتمام الخارجية المصرية بهم، حيث اقتصر الأمر علي مكالمة هاتفية وفقط.
أما محمد السقا أحد الصيادين، فأشار إلي أن السلطات الليبية تتعامل معهم كأنهم جيش كامل، حيث تطلق عليهم الصواريخ وتصوب نحوهم النيران بشكل مكثف دون أي داع، خاصة أنهم لديهم تصاريح بالإبحار لمدة 20 يوماً ناحية الغرب مثلاً، لكن هناك حالة عصبية تنتابهم من المصريين بشكل عام والصيادين بشكل خاص لدرجة أنهم أطلقوا علي أحد المراكب ما يقرب من 200 ألف طلقة دفعة واحدة وكأنهم في الحرب، رغم أننا كنا في رحلة العودة وأحياناً يمكن أن يحدث خطأ أو يحدفنا الموج داخل مياه البلد الذي نمر عليه، لكنهم لا يلتمسون الأعذار والنتيجة دائماً مصادرة وسجن وبهدلة.
وقال السقا: إن قلة السمك هي السبب الرئيسي لسفرهم عبر البحار لشهور طويلة ولأن محدش يسأل فينا لازم نسافر رغم أننا نقوم بسداد التأمين التعاوني وجميع التزاماتنا.
أما أسر الصيادين المحتجزين وبيوتهم فقد تحولت إلي مآتم دائمة، في انتظار ما ستسفر عنه الأيام بعد ما حدث لأبنائهم والقضاء بحبسهم.
محمد الغرباوي - صياد والد أحد المحبوسين في ليبيا - قال: «إحنا دايماً كده طول عمرنا محدش عارف عن عيشتنا حاجة أنا كنت صياد بس بطلت أطلع البحر من سنة 2000 بعدما عملت عملية جراحية ومن ساعتها وابني «علي» 15 سنة بيطلع البحر مكاني «علي» يصرف علينا أنا ووالدته وأخوته التلاته وطلع من المدرسة من سنة تانية إعدادي».
وعن تمسكهم بهذه المهنة رغم المخاطر التي تواجههم قال: إحنا مالناش شغلانة غير دي وبعدين بنآكل ونشرب ونصرف بالدين زينا زي كل أهل المنطقة لحد ما أولادنا يرجعوا ويبيعوا السمك ونسدد اللي علينا».
واختتم محمد الغرباوي حديثه قائلا: «علي اتسجن شهرين لأنه لسه صغير والكبار أدوهم 6 أشهر ولما يرجع هايطلع البحر تاني عشان نعيش».
وأكمل عيد الغرباوي أحد أفراد العائلة الحديث مشيراً إلي أن نجله ذكي 14 سنة حكم عليه هو الآخر بالسجن لمدة شهرين بعد أن قبضت عليهم السلطات الليبية أثناء رحلة صيد بالمركب الأمير شبانة، منذ شهر و13 يوماً مع حوالي 150 صياداً آخرين مع 8 مراكب تمت مصادرتها، وأشار إلي أن هناك مجموعة من العاملين المصريين في الموانئ الليبية يبلغونهم إذا ما تم القبض علي أي مركب مصري، ورغم أن المركب الذي كان نجله فيه لم يدخل المياه الإقليمية الليبية، فإنه تمت مصادرته وحكم علي أفراد طاقمه ال 14 بالسجن لمدة تتراوح بين 6 أشهر وشهرين حسب أعمارهم.
وأضاف أنهم تمكنوا من الاتصال بأبنائهم عن طريق أحد الأشخاص الذي كان يعطيهم هاتفه المحمول داخل الحجز ليتمكنوا من الاطمئنان علي أهلهم في مصر، لكنه لم يحدث ابنه منذ الحكم عليه.
من جانبه قال السفير محمد عبدالحكم - مساعد وزير الخارجية لشئون القنصليات والمصريين في الخارج - ل «الدستور»: إن ما يحكم وزارة الخارجية المصرية في التعامل مع هذه الأمور ويعد بمثابة «بوصلة» لإرشادهم هو القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لعام 1982 التي شددت علي أهمية احترام سيادة الدول علي أراضيها ومياهها الإقليمية، وأشار إلي أن المياه الإقليمية تتمثل في البحر الإقليمي بمسافة 12 ميلاً بحرياً بخلاف المنطقة الاقتصادية الخالصة التي تمثلها مسافة 200 ميل بحري ممنوع الصيد فيها نظراً لأن اتفاقيات الأمم المتحدة تعطي للدول حقوقاً منها عدم استغلال ثرواتها المائية سواءً الحية كالأسماك أو غير الحية كالبترول.
وأشار عبدالحكم إلي أن المراكب المصرية تدخل المياه الإقليمية للدول الأخري، لذلك يتم التعامل معها وفقاً للقوانين الدولية، لأنهم تواجدوا في منطقة ال 12 ميلاً بحرياً من الحدود لبعض الدول منها: اليمن وتركيا وتونس والسعودية وليبيا التي ألقت القبض علي أطقم 7 مراكب مصرية خلال شهر مارس الماضي فقط، منها 4 مراكب يوم 2 مارس وثلاثة أخري بعدها بأيام قليلة.
وناشد مساعد وزير الخارجية أصحاب المراكب والصيادين ضرورة احترام القانون الدولي وعدم الصيد في المياه الإقليمية لأي دولة أخري حتي لا تتم مصادرة المراكب والقبض علي الصيادين الموجودين بها.
وعن اتهام أصحاب المراكب وأهالي الصيادين للخارجية المصرية بعدم الاهتمام أو التحرك لمساعدتهم في عودة أبنائهم ومراكبهم، رغم أنهم يحملون تصاريح وموافقات بالصيد في الأماكن التي ألقي القبض عليهم فيها، قال عبدالحكم: لا يعترف أحد بخطئه، لذلك كل يتحدث علي هواه ويقول ما يريد لكننا في الخارجية بمجرد وقوع أي من هذه الأشياء نقوم علي الفور بالتحرك في ثلاث جهات، حيث نتحدث إلي وزارات الخارجية والداخلية والعدل في البلاد التي تم احتجاز المراكب المصرية بها لنتعرف علي ملابسات الوضع ونتحدث عن التسهيلات التي يمكن أن نحصل عليها، ثم المساعدات التي نستطيع تقديمها لأبنائنا، واختتم حديثه قائلا: لن يتم القضاء علي هذه الحوادث إلا باحترام القوانين الدولية وسيادة الدول علي مياهها الإقليمية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.