قالت صحيفة "الفايننشيال تايمز"، مصر لم تختار أبداً حاكمها عبر التاريخ، والمصريون يعلمون ذلك جيداً، فعلى الرغم من التواجد الديمقراطى للبرلمان، إلا أن القرارات الحاسمة فى البلاد تتخذ من قبل مؤسسة الرئاسة وفى أفضل الأحوال يتم طرح الأمور فى انتخابات شكلية فقط. وأشارت الصحيفة إلى عودة التساؤلات حول الرئيس القادم الذى يخلف مبارك إلى الصدارة من جديد خلال الأشهر القليلة الماضية وسط تكهنات بأن هناك خططاً لحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، فى الوقت نفسه يبدو أن السلطات تكثف حملات مكثفة لاعتقال أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المحظورة التى تعتبر المعارضة الحقيقية الوحيدة فى البلاد، والبعض يستنتج من هذا أن النظام بدأ التمهيد للانتقال السلس للسلطة وربما لجمال من خلال ضرب الأعداء والتخلص من البرلمان الذى يسيطر على خمس مقاعده الإخوان المسلمين. ويلعب جمال مبارك دوراً متزايد الأهمية فى صياغة السياسات المحلية، كما أنه كان القوة الدافعة وراء الإصلاحات الاقتصادية فى السنوات الخمس الماضية. وتنقل الصحيفة عن المحلل السياسى البارز عمرو الشوبكى، أنه منذ حكم محمد على فى أوائل القرن ال 19 كان يعرف المصريون دائماً من سيكون رئيسهم الجديد، حيث التوريث فى النظام الملكى وخلال الحكم الجمهورى كان هناك نائب للرئيس، ويرى الشبكى أيضاً، أن الرئيس مبارك يتمتع بالشخصية البرجماتية، فهو لن يضع ابنه فى الحكم بشكل مفاجئ، كما لن يقدم لابنه الدعم الكامل، حيث أنه يعى خطورة مثل هذا الأمر، فهو يتصرف وفق الوضع الذى أمامه، كما أنه يمتلك العديد من الطرق الناعمة. ويقول محمد حبيب نائب مرشد الإخوان، إن الأحداث فى مصر تتخذ وتيرة سريعة جداً، فالنظام يحاول أن يوقف أى نشاط سياسى أو اجتماعى، ويقوم بإخراس معارضيه، لذا فما يريد النظام فعله يمكن أن يمرره بهدوء ودون مناقشة. وترى الصحيفة، أنه حتى لو لم يأت الوقت المناسب لمناقشة من سيخلف الرئيس، وأن الرئيس سيخوض الانتخابات الرئاسية فى 2011، كما يتوقع الكثيرون، فإن السؤال عن من سيخلفه والتوقعات بأنه سيكون جمال، أمر يلقى بظلاله على الحاضر، إذ يرى الكثيرون أن هذا هو العامل الأهم الوحيد الذى يكبح أى معنى للتقدم نحو الديمقراطية فى البلاد. وفى حال الإصرار على جمال مبارك، فإنه فى تمثيلية سياسية، سيقوم الحزب الوطنى الديمقراطى بترشيح جمال مبارك للرئاسة فى مواجهة مرشحى أحزاب المعارضة الذين لن يجد أحد منهم الدعم الكاف، فعلى مر عقود من العقبات تم تقييد قدرتهم على الوصول للناخبين وتنشيط أنفسهم داخلياً. وعلى النقيض يتوقع بعص المحللون، أنه إذا ما خرج جمال مبارك عن نطاق السلطة، فإن الرئيس القادم غالباً سيتم اختياره من الحزب الوطنى أو من داخل المؤسسة العسكرية، كما سيستمر الوضع السياسى والاقتصادى على ما هو عليه كذلك العلاقات مع أمريكا وإسرائيل.