ملف اراضي توشكي يظهر من جديد في طلب إحاطة تقدم به نائب «التجمع» عبدالرشيد هلال يطالب فيه الدكتور احمد نظيف وحكومته بالرد علي المعلومات والمخالفات التي يستعرضها الطلب بشأن هذا المشروع خاصة بعد أن أثارت بنود عقد بيع 100 ألف فدان للوليد بن طلال في مشروع توشكي ،مؤخرا ردود أفعال حادة ، بعد أن كشفت البنود عن بيع الأرض بسعر 50 جنيهاً للفدان، و6 قروش للمياه، وأقل سعر للكهرباء والإعفاء من الضرائب، مع حق امتلاك الأرض بعد سداد كامل ثمنها ، مما اعتبره البعض إهداراً للمال العام.طرح طلب الاحاطة بعض التساؤلات وأجاب عنها كاشفا حالة الفساد المستمرة في هذا المشروع مستشهدا بآراء بعض الخبراء والمتخصصين وعدد من الدراسات والابحاث ومنها:كيف أنفقنا 7 مليارات جنيه واستصلحنا 60 الف فدان فقط في 13 عاما؟!!، ولماذا لم يجر التحقيق في ملاحظات "المركزي للمحاسبات" عندما قال إن المشروع أهدر المليارات و دراسة الجدوي أعدت بعد بدء التنفيذ ب 17 شهرا؟، وهل نحن في حاجة الي تشكيل مجلس قومي حقيقي من كبار العلماء لفتح الملف؟، ولماذا قارن الرئيس مبارك بين المشروع وبناء الاهرامات في ظل ضعف التخطيط؟، وهل فشل المشروع قبل ان يبدأ؟ وهل كانت هناك فرص اقتصادية بديلة ؟، وماذا حدث عندما أبلغ حسب الله الكفراوي الرئيس كتابيا بعدم جدوي المشروع؟، وهل كانت حجم الاستثمارات التي تم ضخها في المشروع لا تتناسب مع مساحة الأراضي المزروعة؟، وهل نحتاج إلي 2400 سنة أخري لكي نستكمل مشروع توشكي؟!! مأزق واستشهد طلب الاحاطة بما جاء في تقرير حديث لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية والتي قالت إن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تواجه مأزق الاختيار، ما بين زراعة الصحراء لتوفير المزيد من المحاصيل الزراعية لسكانها المتزايدين ،وبين الحفاظ علي حصصهم القليلة من المياه، وأشارت الصحيفة إلي أن العديد من دول المنطقة لجأت لمشروعات تعمير الصحراء، لتوفير الغذاء، غير أن هذه المشروعات كانت مكلفة للغاية واستهلكت كميات كبيرة من المياه وعندما بدأ استصلاح الأراضي في توشكي عام 1997،قارن حسني مبارك رئيس الجمهورية بين هذا المشروع وبناء الأهرامات، حيث كان الهدف من مشروع توشكي استصلاح حوالي 500 ألف فدان من الصحراء ونقل عشرات الآلاف من السكان إليها،ولكن لم ينتقل إليها أحد، ولم تتم زراعة سوي 60 ألف فدان وقد دعا خبير زراعي معروف وصاحب عدد من الدراسات وهو عريان نصيف إلي ضرورة مراعاة مجموعة من المحاور في حالة الاصرار علي الاستمرار في هذا المشروع العملاق، وأولها ضرورة تشكيل مجلس قومي حقيقي من كبار علماء مصر في مختلف المجالات المرتبطة به : الزراعة والارض والمياه والاسكان والاقتصاد لتقييم الجدوي الاقتصادية والاجتماعية له ، ثانيا الا يترتب عليه الاضرار بالاراضي الزراعية الخصبة في الدلتا والوادي من نقص المياه الضرورية لريها ، ثالثا أن يتم إنجازه بالايدي المصرية ، وتكون ثماره للمجتمع المصري. قضية خطيرة وقال طلب الاحاطة إن الجهاز المركزي للمحاسبات نفسه برئاسة «جودت الملط» يصف هذه القضية بأنها خطيرة حتي هذه اللحظة، فالمشروع أنفق عليه عشرة مليارات دون دراسة جدوي، بل إن دراسة الجدوي أعدت في مايو 1998، بعد بدء تنفيذ المشروع بنحو 17 شهرا، فلقد سبق أن طلب الرئيس أنور السادات من البنك الدولي دراسة المشروع وانتهت الدراسة إلي عدم جدواه فصرفت الدولة نظرها عنه،وبعد أن جاء الرئيس حسني مبارك قامت مجموعة من شركات إيطالية متخصصة في استصلاح وزراعة الأراضي بدراسة أخري انتهت إلي نفس النهاية بعدم جدواه، وكانت حجج الدراستين قاتلة: الفدان سيتكلف الفي جنيه كهرباء لرفع المياه وزراعته ستتكلف الضعف بأسعار السبعينيات، وبسبب شدة الحرارة تتبخر المياه بمعدلات لا مثيل لها في منطقة أخري،بجانب أن 85 في المائة من الأراضي بها أملاح وصخور وغير صالحة للزراعة،ولخلو المنطقة من الحياة تجهز تكاليف النقل علي فرص الربح،تماما، وتطلب العمالة ثلاثة اضعاف ثمنها علي الأقل. ويطالب عبدالرشيد هلال بقراءة بعض الدراسات القديمة التي اكتشفت الاخطاء التي وقعت فيها ويجب محاسبتها عليها فقد لوحظ أن خبراء وعلماء مهمين علي رأسهم شيخ الجيولوجيين د. رشدي سعيد قد توقعوا إلي حد بعيد ماحدث في توشكي منذ البداية. دراسة جدوي واستشهد طلب الاحاطة ايضا بمعلومات المهندس حسب الله الكفراوي وزير الإسكان الأسبق الذي قال إنه قام بإجراء دراسة جدوي لمشروع استصلاح أراضي توشكي مرتين في عهد السادات، وأثبتت الدراسات عدم جدوي المشروع، وذلك لوجود المياه علي بعد 250 متراً ، وذكر انه أبلغ الرئيس مبارك كتابياً،موضحا له في خطاب تم تسليمه بمعرفة أسامة الباز المستشار السياسي لرئاسة الجمهورية أنه تم عمل دراستي جدوي كان يعلمها جيداً وقت أن كان نائب رئيس الجمهورية، إلا أن المشروع تم تنفيذه، وأوضح الكفراوي أن رفع المياه من العمق الموجودة فيه يحتاج إلي ألفي جنيه للفدان تكلفة كهرباء، بالإضافة إلي أدوات الرفع،وانتقد عدم التفاف المصريين حول المشروعات القومية. حجم الاستثمارات وكشف طلب الاحاطة عن أن حجم الاستثمارات التي تم ضخها في المشروع لا تتناسب مع مساحة الأراضي المزروعة، حيث تبلغ مساحتها حتي الآن 2000 فدان فقط بنسبة 4.0% علي الرغم من تصريحات وزير الري باستصلاح ما يقرب من 60 ألف فدان تقريبا. وتساءل طلب الاحاطة عن كيفية إنقاذ مشروع قومي كبير أنفقنا عليه المليارات جنيه في 12 سنة ولم يحقق سوي نصف في المائة من أهدافه،هو مشروع توشكي،وقد توصل إلي هذه النتيجة المؤسفة مهندس استشاري محترف هو صالح الحديدي في بحث مكثف من ست ورقات، وقوله إن المشروع دخل منطقة انعدام الوزن و النفق المظلم،لكن توقف العمل في المحور الرابع بقرار من رئيس الحكومة أحمد نظيف، وتوقف العمل في الفرع الثالث رغم اكتمال البنية الأساسية، وسحبت الشركات معداتها من الموقع لعدم صرف مستحقاتها، واشتري الوليد بن طلال أرض الفرع الثالث بثمن بخس جدا نحو 120 ألف فدان ولم يزرع منها سوي ألف فدان،أما الفرع الأول فلم تزرع الشركة التي تسلمته سوي ألفي فدان. وقال طلب الاحاطة انه لا تشكل الألفا فدان التي زرعت »كانتلوب وفراولة وعنب« سوي نصف في المائة من أراضي المشروع، وهو ما يعني أن الفدان الواحد تكلف 3 ملايين جنيه، واستغرق استصلاحه 12 سنة، ولو سار المشروع بهذا المعدل فإنه نحتاج إلي 2400 سنة أخري كي يحقق ما يريد!! إحياء المشروع ولم ينس طلب الاحاطة أن يقدم التشخيص العملي والحلول المقترحة للخروج من منطقة انعدام الوزن مستشهدا بدراسة حديثة حول إحياء مشروع توشكي خاصة بالدكتور نادر نور الدين محمد الاستاذ بكلية الزراعة بجامعة القاهرة وقوله إن المشروع بدأ في يناير عام 1997 بتفاؤل كبير بشأن إمكانية تخليق دلتا جديدة للنيل في جنوب مصر فبصرف النظر عن الأخطاء الجسيمة التي وقع فيها الحكم تباعا سواء في التخطيط أو معدلات الإنجاز أو حتي في دراسة الجدوي الخاصة بالمشروع_ يري د. نادر نور الدين أنه في ظل الظروف القائمة حاليا بشأن الفجوة الغذائية المصرية وتحقيق الأمن الغذائي المصري تحسبا لعودة أزمات الغذاء من جديد . فإن الأمر يتطلب التفكير والتخطيط للانتهاء والاستفادة من هذا المشروع الحيوي، فبالإضافة الي أهمية دراسة تحويل فروع الترع المفتوحة التي لم ينته العمل فيها الي نظام النقل عبر المواسير فإن هناك العديد من الزراعات التي يمكن ان تجدد في هذه المنطقة وتخدم الأمن الغذائي المصري ، ومن أهم الحاصلات المقترحة للزراعة هناك القطن قصير التيلة والذي يمكن أن يسترد عرشه هناك بعيدا عن الأراضي القديمة عبر مساحات كبيرة للزراعة الآلية الكامل. ويري طلب الاحاطة الذي تقدم به " عبدالرشيد" هذا الاسبوع ومن المقرر إحالته الي الجهات المتخصصة في البرلمان لمناقشته ، أنه قد تكون حالة التعثر التي صاحبت المشروع ومن قبلها سوء التخطيط للمشروع زراعيا ومائيا والتوقفات الكثيرة التي امتدت بزمن تنفيذ المشروع الي13عاما هي السبب في الانطباعات التي تولدت لدي البعض بأن مشروع توشكي غير مفيد أو غير ذي جدوي_,_ولكن بالقليل من التخطيط والاستعانة بالخبراء المصريين الأكثر دراية وعلما بالأجواء والحاصلات المصرية مع إعطاء الفرصة للمستثمرين الذين تنصب استثماراتهم لصالح مصر يمكن لنا إحياء مشروع توشكي للاستفادة من نصف مليون فدان نحتاج الي كل فدان منها.