حضور حاشد في عمومية أطباء القاهرة وتكريم رواد الأطباء احتفالاً بيوم الوفاء    السيسي لطلبة الأكاديمية العسكرية: حريصون على تطوير المنظومة التعليمية والتدريبية    جولد بيليون: الذهب انخفض 2.3% خلال جلسات الأسبوع الماضي    توريد 35 ألف طن قمح إلى شون وصوامع المنيا    قطع المياه عن قريتين ببني سويف لمدة 8 ساعات.. اعرف المواعيد    الحكومة تنفي انتشار بطيخ مسرطن في الأسواق    حماس: تسلمنا رد إسرائيل والحركة ستدرس المقترح    شيماء البرديني: نتنياهو يريد استمرار الحرب للأبد ويستخدم شعبه كدروع بشرية    أنشيلوتي: جولر سيستمر مع ريال مدريد بالموسم المقبل.. وكورتوا قد يلعب ضد قادش    ماذا يحتاج يونايتد للمنافسة على الدوري؟ تين هاج يجيب    تشكيل النصر المتوقع أمام الخليج.. كريستيانو يقود الهجوم    مزقا جسده بسلاح أبيض.. مصرع عاطل على يد شقيقين ببورسعيد    ضبط 6 أشخاص بحوزتهم هيروين واستروكس وأقراص مخدرة بالقاهرة    كيف تحمي طفلك من مخاطر الدارك ويب.. بعد جريمة طفل شبرا    حالة الطقس اليوم.. انخفاض درجات الحرارة ونشاط الرياح نهارا وبرودة ليلا    فيلم عالماشي بالمركز الثالث في شباك التذاكر    ناهد السباعي عن مشاركتها في مهرجان أسوان: كانت تجربة ممتعة    عمرو دياب يتألق في أضخم حفلات صيف البحرين (صور)    حكم من مات ولم يحج وكان قادرا عليه.. الأزهر يوضح ما يجب على الورثة فعله    أستاذ «اقتصاديات الصحة»: مصر خالية من شلل الأطفال بفضل حملات التطعيمات المستمرة    «صحة كفر الشيخ» تنظم قافلة طبية لمدة يومين ضمن «حياة كريمة»    «الصحة» تعلن جهود الفرق المركزية في متابعة أداء مراكز الرعاية الأولية    الأوراق المطلوبة لاستخراج شهادات فحص المقبلين على الزواج للمصريين والأجانب    كوريا الشمالية تتهم الولايات المتحدة بتسيس قضايا حقوق الإنسان    سينما المكفوفين.. أول تعاون بين مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير ووزارة التضامن    طارق يحيى: المقارنة مع الأهلي ظالمة للزمالك    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    اليوم.. استئناف محاكمة المتهمين بقضية تنظيم القاعدة بكفر الشيخ    تفاصيل جريمة الأعضاء في شبرا الخيمة.. والد الطفل يكشف تفاصيل الواقعة الصادم    المقاولون العرب" تنتهي من طريق وكوبري ساكا لإنقاذ السكان بأوغندا"    "الشيوخ" يناقش جودة التعليم والتوسع في التصنيع الزراعي، الإثنين المقبل    بعد رأس الحكمة وقرض الصندوق.. الفجوة التمويلية لمصر 28.5 مليار دولار    قبل 3 جولات من النهاية.. ماهي فرص "نانت مصطفى محمد" في البقاء بالدوري الفرنسي؟    كيف أدَّى حديث عالم أزهري إلى انهيار الإعلامية ميار الببلاوي؟.. القصة كاملة    برج الثور.. نصيحة الفلك لمواليد 27 أبريل 2024    بعد بقاء تشافي.. نجم برشلونة يطلب الرحيل    حزب الله يعلن استشهاد 2 من مقاتليه في مواجهات مع الاحتلال    متى يحق للزوجة الامتناع عن زوجها؟.. أمين الفتوى يوضح    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب شرق تركيا    السبت 27 أبريل 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت اليوم    نظام امتحانات الثانوية العامة في المدارس الثانوية غير المتصلة بالإنترنت    سياسيون عن ورقة الدكتور محمد غنيم.. قلاش: خلاصة فكره وحرية الرأي والتعبير هي درة العقد.. النقاش: تحتاج حياة سياسية حقيقية.. وحزب العدل: نتمنى من الحكومة الجديدة تنفيذها في أقرب وقت    علي جمعة: الشكر يوجب على المسلم حسن السلوك مع الله    وزير الري: الاستفادة من الخبرات العالمية فى استثمار الأخوار الطبيعية لنهر النيل    المتهم خان العهد وغدر، تفاصيل مجزرة جلسة الصلح في القوصية بأسيوط والتي راح ضحيتها 4 من أسرة واحدة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    استقرار أسعار الذهب في بداية التعاملات يوم السبت 27 أبريل 2024    بعد ارتفاعها.. أسعار الدواجن اليوم 27 أبريل| كرتونة البيض في مأزق    محمد جبران رئيسا للمجلس المركزي للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب    حكم الشرع في الإسراع أثناء أداء الصلاة.. دار الإفتاء تجيب    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    «المركزية الأمريكية»: الحوثيون أطلقوا 3 صواريخ باليستية على سفينتين في البحر الأحمر    لدورة جديدة.. فوز الدكتور أحمد فاضل نقيبًا لأطباء الأسنان بكفر الشيخ    يسرا اللوزي تكشف سبب بكائها في آخر حلقة بمسلسل صلة رحم.. فيديو    بعد بطاقة الترجي.. الأندية المتأهلة إلى كأس العالم للأندية 2025    مقتل 4 عمّال يمنيين بقصف على حقل للغاز في كردستان العراق    تهاني شم النسيم 2024: إبداع في التعبير عن المحبة والفرح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضية المواطن حنا
نشر في اليوم السابع يوم 19 - 07 - 2009

أولا: هذا الرجل ليس شاعرا عظيما، ولا شاعرا متوسطا، ليس شاعرا من الأساس.. النقاد يمتنعون فالمتن ليس عن الشعر والشعراء.
ثانيا: ليس من الضرورة أن نذكر أنه مسيحى، أعتقد أنه هو نفسه مارس حياته، وهوايته فى نظم الزجل والسخرية من الرئيس من منطلق كونه مواطنا مصريا مثلى ومثلك.. وإلا لما وزعها بأريحية على زملائه، ربما لممارسة بعض الضحك وسط هموم اليوم الروتينية.
ثالثا: من الذوق أن نقول أننا لسنا مع سب الرئيس ولا أى من كان، ولكن إذا كان بعض الناس فى بلداتهم البعيدة يسطرون أفكارهم البسيطة على صفحات لا توزع إلا على أصدقاء بعدد أصابع اليد الواحدة، فلا ينبغى التعامل معهم وكأنهم من عتاة المعارضة.
رابعا: هذا الرجل ليس بطلا، لكنه أيضا ليس من العدل أن نتناساه ككومبارس لا دور له.. على الأقل هو وأشعاره التافهة قد يكونا ضوءا كاشفا فى مسألة المواطنة.
أنا أحدثكم عن منير سعيد حنا خريج كلية الهندسة القاطن بمغاغة بالمنيا، والذى يعمل بمدرسة ثانوية صناعية ببلدة العدوة، أول بلدات المنيا على خط الصعيد، الرجل كان يتسلى بكتابة الأشعار الحلمنتيشى، موظف الأمن بالإدارة التعليمية حول القصائد للجهات المسئولة (عن أمن الوطن)، والقضاء قال كلمته الحاسمة، فحكم على الرجل بثلاث سنوات حبس أو 90 ألف جنيه غرامة بتهمة إهانة رئيس الجمهورية، وبما أن بلدياتنا فقير، لا يملك ال90 ألف جنيه، فهو كان يقضى عقوبة الحبس حتى تم الحكم ببراءته أمس - السبت - أمام محكمة الاستئناف.
ما فعله حنا يفعله بعض المدونين على شبكة الإنترنت، كل 27 ثانية، ويفعله بعض الصحفيين الكبار فى وضح النهار، وهو ذاته ما فعلته طالبة الإعدادية آلاء التى سطرت خواطرها فى ورقة الإجابة، فكادت تعاقب فى مستقبلها الدراسى، لولا التضامن الواسع معها، الذى جاء بستر ربنا ومضت بلا عقوبة، بينما الثلاث سنوات حبس التى حكم بها على المواطن حنا هى العقوبة القصوى وفقا للمادة 179 من قانون العقوبات لتهمة إهانة رئيس الجمهورية حيث تتراوح العقوبة ما بين ال24 ساعة حبس، والثلاث سنوات، وحنا ليس إلا رجلا غلبان، أتصور أنه كان يمارس بعض الضحك مع زملاء المكتب الذين وشوا به. ولا يستحق كل هذا الضجيج.. ولا كل هذا العقاب.
لإنجاح التضامن مع منير سعيد حنا - قبل الحكم ببراءته - طلب منى أصدقائى، أن أغفل ذكر ديانته، تحسبا لعدم تحمس المسلمين للتضامن مع رفيقهم المسيحى، أو لإعطاء قيمة أكبر لفكرة التضامن معه كمواطن مصرى فى سياق الدفاع عن الحريات لا الأديان، وهى وجهة نظر لها وجاهتها، خاصة أننى أعتقد أن حنا نفسه ما كان ليمارس حقه الإنسانى فى التنفيس عن نفسه ببعض الأبيات الهزلية التى تمس رأس النظام حسبما سمعنا ولم نقرأ (القصيدة الوحيدة المتاحة له ليس فيها أى مساس بأى نظام)، ولا كان ليوزعها على زملائه لو كان يشعر فى قرارة نفسه كونه منتميا للأقلية ومضطهد ولا منتمى للوطن. أعتقد أنه مواطن كامل المواطنة التى يستحقها عن جدارة.
كانت لى وجهة نظر مختلفة فى مسألة خانة الديانة فيما يخص المواطن منير سعيد حنا، أن الرجل بممارسته البسيطة لحقه فى التنفس فى هذا الوطن، هو نموذج للمواطن المصرى المسيحى كما نبتغى، نحن نتهم إخواننا المسيحيين بالسلبية، وفى الاتهام كثير من الصحة، فى الأسبوع الماضى أخذت أعدد أسماء من أعرفهم من مسيحيين متفاعلين مع هم هذا الوطن من منطلق وطنى وليس طائفيا، وربما لم أجد أكثر من ثلاثة أعرفهم، بينما كنت أتحاور مع بعض المسيحيين الذين يتحدثون بمبالغات ممجوجة عن تطهير عرقى وتهجير جماعى لأقباط الصعيد، وكأننى ممثلا لمفوضية اللاجئين، أو كأن قرى الصعيد هى قطعة من جحيم دارفور، ولا يصدقون أن مشاكل المسيحيين المصريين لها مكان على المائدة الوطنية، بشرط ألا تحمل كل هذه المبالغات.
فى الأسبوع الماضى تحاورت مع مسيحيين كان يخيفهم لدرجة الرعب أن يكون البديل فى مصر هو الإخوان، ورغم الانتقاصات الحقيقية لبعض حقوقهم فى المواطنة والتى تأتى من قلب النظام وعقله، فإنهم آثروا سلامة الصمت خوفا من البديل، لذلك يتبدى لى أن نموذج المواطن حنا نموذج هام لفهم أنه يمكن أن تكون مسيحيا ومواطنا، بشرط ألا تنتهى القصة نهاية حزينة بثلاث سنوات حبس للرجل.. الذى، وعلى أن أذكركم مرة أخرى ليس بطلا من أبطال المعارضة، وليس زعيما سياسيا، وليس من مثيرى الفتنة، وليس حتى شاعرا، ليس أكثر من مواطن عادى القى نكتة، كانت تستحق الضحك، لا البكاء.
فى الأسبوع الماضى أنا شخصيا كنت أتابع حادثة طائفية فى كل يوم، مرة لأن مسلمين اعترضوا على إقامة كنيسة فى بلدتهم، ومرة لأن مسيحيين اعترضوا على مسلم اشترى قطعة أرض من جارهم المسيحى، ومرة لأن شائعة انتشرت مفادها أن علاقة آثمة تجمع امراة مسلمة برجل مسيحى، وفى الحقيقة أنا شخصيا لا أفهم ما الذى يضير المسلم إذا صلى المسيحى فى داره أو فى كنيسة، وما الذى يضير المسيحى، إذا اشترى الأرض المجاورة له مسلم، فى الأسبوع الماضى استغرقت فى قراءة كتاب "المعلم يعقوب" للدكتور أحمد حسين الصاوى وهو يحكى سيرة المعلم يعقوب (حنا أيضا) والذى أسس جيشا من المسيحيين لدعم الحملة الفرنسية فى مصر، يعقوب حنا كان من أشد داعمى الحملة الفرنسية بالمال والجهد والرجال من جنوده المسيحيين مزهوا بانتهاء دولة المسلمين فى مصر، وكنت أقنع نفسى طيلة صفحات الكتاب القليلة أن فعلة يعقوب حنا هى من التاريخ، حيث لم تكن الدولة المصرية قد تبلورت بشكلها الحديث، ولم تكن تأصلت فيها بعد قيم المواطنة تلك التى يلتقى فيها المسلم والمسيحى على القيم الوطنية، تلك التى تجلت إبان ثورة 1919، أعلم أننا تجاوزنا كثيرا ثورة 1919 بكل تراثها، لكنى لا أعتقد ولا أصدق أننا قد تجاوزنا المواطنة وعبرنا مرة أخرى نحو الماضى الطائفى البغيض، ادعموا منير حنا بصفته مواطنا مصريا، وليس مسيحيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.