أحيانا تقف للحظة ما مع ذات، قد لا تستطع حساب كم تبلغ تلك اللحظة من الزمن، فهى تحمل فى طياتها سنوات مضت، وذكريات لا تموت، قد تساعدك تلك الذكريات على الحياة أو تعزلك عنها، وأنت من لديك القدرة بتحديد مدى دورها فإما أن تتحكم بها أو تتركها تتحكم بك، فتقيدك وتعزلك عن العالم لتأخذك لعالم آخر لا يعيش به غيرك، وعندها تشعر كم أنت وحيد ذاتك. هى لحظة يتوقف عندها الزمن، وتأبى كل حواسك الاعتراف بأنك قد توقفت عندها كثيرا، وأنت لا تدرك إن كانت تلك اللحظة تضيف شيئا لعمرك الذى يفنى، أم أنها تحسب عليك وتمضى بلا عودة أنت لا تسأل نفسك لماذا توقفت ؟ وماذا تريد ؟ وماذا بعد؟. قد تكون ذكرياتك هى أغلى كنز لديك، ولكنها مضت وما يمضى يموت، فإن كنت قد آمنت بحقيقة موتها فلتترحم عليها، وإن خيل لك بأنها قد كتب لها الحياة فلتتذكرها بالخير، وعد إليها متى شئت أن تلقى عليها السلام، ولكن لا تعش معها فهى شبح يا صديقى وأنت إن أردت العيش معها فستصبح شبح إنسان فى عالم لا يعترف بالأشباح. إن كانت ذكرياتك كنوز غالية، تحدثك عن قوتك فى لحظات ضعفك، وتخبرك عن عزيمتك فى لحظات يأسك، وتذكرك بسعادتك فى عظيم حزنك، وتعود بك لانتصاراتك فى أوقات الهزيمة. فاحرص على أن تصنع ذكريات جديدة فذكريات الماضى تستهلك معك، وستأتى إليك لحظة يقتلك فيها الملل. فذكرياتك كنوز فانية وإن أسرفت فيها الآن فلن تستطع أن تجعل من تلك اللحظة الراهنة التى تعيشها كنزا مستقبليا تستمد منه طاقتك وقت أن تتمكن الهزيمة من خلجات قلبك وتحتاج للحظة انتصار تعود إليها لتقف من جديد. وإن كانت ذكرياتك قاتلة تأتى إليك بدموع قلبك، وترمى بك فى بحار أحزانك، وتجعلك تتقلب فى سحاب أسود أنت لا ترى مداه، فهنا صُدِمت، وهنا ندمت، وهنا جنى عليك الدهر، وهنا بكيت على من فقدته، وهنا جرحت ممن أحببته، وهنا خسرت قلبا خيل لك أنك تملكته. فلماذا تدع تلك الذكريات تستبيح قتلك وبيدك كلما أردت ذلك؟ ولما تستسلم لعثرات الماضى وأمامك طريق طويل لتسلكه؟ ؟ ولماذا تتجنى على قلبك الضعيف بأن تطح به فى نيران حامية لا يتحملها، ألا يكفى بأن جنى عليه الزمان من قبلك؟!!! فهونا عليك وكفاك بكاءً فأنت لا تموت مرتين، واعلم يا صديقى بأن تلك اللحظة التى تعيشها الآن هى كل شىء، فهى وليدة أيام مضت، وهى حاضرك الذى تعيشه، وسيأتى يوم تصبح فيه تلك اللحظة ذكرى قد مضت فاحرص على أن تكون ذكرى عظيمة لا تخجل منها، ولا تتوقف عندها كثيرا فهناك لحظات أخرى يجب أن تعيشها.