أعتقد أن ما يثار على الساحة حاليا أمر شديد الخطورة، فبويضة الأخونة مرت بكل مراحلها ولم تتحول إلى يرقة حتى الآن، مازالت فى طور البويضة، وعندنا فى الأرياف إذا استمرت البيضة فترة طويلة دون أن تُخرج محتواها إلى النور يعرضونها للشمس ليفحصوا مدى صلاحيتها، وفى مجمل الأحوال تكون قد فسدت. بويضة الأخونة لا تعترف بهذا المنطق، ولا يؤمن القائمون عليها بأن لكل مقام مقال ولكل مجال حديث ولكل فرسة خيالها الذى لا يمكن لها أن تخطئ رائحته وفروسيته، أما عن حصان الثقافة فأعتقد أنه حصان طروادة الذى سيجبر بويضة الأخونة على الاعتراف بأنها فاسدة ولا تصلح إلا لمن لا يرى شعلة الشمس بوضوح تام. فمسألة أخونة الدولة مسألة يجب أن تحسم من قبل شعب مصر بجميع أطيافه، أما مسألة أخونة الثقافة فهى قضية مثقفى مصر فى المقام الأوّل، وما أثير من قبل سعد الحسينى المحافظ الإخوانى بكفر الشيخ "صاحب مصطلح أخونة الدولة" ما أثير منه حول تحويل بيوت الثقافة إلى مراكز دينية أعتقد أنه أمر شديد الخطورة لأن منظومة الثقافة من وجهة نظري- هى المنظومة الوحيدة التى لا تقبل القسمة على اثنين، فإما تنوير وإما ظلامية، وأعتقد أننا نعيش الضبابية والظلامية منذ عصور طويلة نظراً لتدخل أفاعى الحزب الوطنى المنحل فى أمور هذه الوزارة العريقة، وبعد الثورة ضربنا بيد من حديد لتطهير هذه الأماكن من هذه الأوبئة، ولن نقبل أبداً بإعادة الثقافة المصرية لخانة ما قبل الصفر، فتحويلها لمراكز دينية أمر غير مقبول على الإطلاق وسنقف ضده حتى لو كلفنا هذا حياتنا، فنحن شعب متدين بطبيعته، محب لكنائسه ومساجده، وأيضاً نحتاج إلى حركة تنوير وتثقيف مستمرة بمقاييس الثقافة العالمية لا بمقياس الحزب الإخواني، أمر أخونة الثقافة لم يتوقف عند سعد الحسينى فقط، لكنه تخطاه ليطالعنا الشيخ محمود القاعود بمذكرة إلى الرئاسة محتواها أن "جميع الوزارات خضعت للدولة الأم باستثناء وزارة الثقافة التى ما زالت تحت طائلة التيار العلمانى الشيوعى". وناشد القاعود فى مذكرته الرئاسة بضرورة - توزير- أحد الإخوان وتمكينه من هذه الوزارة الشيوعية على حد تعبيره، وصلت هذه المذكرة إلى معظم الهيئات والقطاعات الثقافية وحاول الجميع الرد بالحجة لإقناع القاعود أننا لسنا كفرة ولا علاقة لنا بالحرب الدائرة على الإسلام –كما يدعى- وتم عمل مذكرة إحصائية بعدد الندوات الإسلامية وكمية الإصدارات التى تدعو إلى الفضيلة، و...و... إلخ. كل هذا – من وجهة نظرى- لن يقنع القاعود حتى ولو بصموا له بالعشرين أنهم يسعون الآن لإصدار تفسير جديد للقرآن الكريم، لن يقنعه لأنه لا يريد أن يقتنع، ولأنه لا يرى إلا ذاته، ولأنه لا يعترف من نسل آدم هذا النسل الذى كرّمه الله سبحانه وتعالى إلا بمن يسايره فى فكره ويوازيه فى إقصائه للآخر. أعتقد أن القاعود فعل هذا لأنه لم يجد من يقول له إن وزارة الثقافة المصرية تشبه الأهرامات تماماً لا يمكن أخونتها لأن طبيعتها كوزارة متناقضة مع طبيعة الإخوان جملة وتفصيلاً، "فصال تيهًا وعربد" وأخذ يهاجم من يجب أن يجلس أمامهم كتلميذ ليتعلم من فيض علومهم ويطلّع على ما يجهله. الثقافة المصرية يا أخى الكريم ليست للبيع وليست للأخونة ولن تتحول إلى قطعة جاتوه على مأدبة حزب كرّس كل طاقاته للهجوم على شعراء ومبدعى ومثقفى مصر، وما حدث لنجيب محفوظ ولغيره لن يمحى من الذاكرة الثقافية مدى الحياة، يا أخى هل يجوز أن تقتلنى وتسترضينى؟