حملة مكبرة لإزالة مخازن فرز القمامة المخالفة بحرم الطريق الدائري بحي الهرم    انقلاب 31 عربة قطار محملة بمواد كيميائية خطرة في أمريكا (فيديو)    نتنياهو: عواقب إعادة إيران بناء قدراتها وخيمة    طقس اليوم: مائل للدفء نهارا شديد البرودة ليلا.. والصغرى بالقاهرة 13    انفصال ميل جيبسون وروزاليند روس بعد 9 سنوات من ارتباطهما    نخبة الإعلام والعلاقات العامة يجتمعون لمستقبل ذكي للمهنة    وزارة الشباب والرياضة تحقق أهداف رؤية مصر 2030 بالقوافل التعليمية المجانية    موسكو: الاتحاد الأوروبي سيضطر لمراجعة نهجه في العقوبات ضد روسيا    هجوم أوكراني بطائرات مسيرة على موسكو    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأربعاء 31 ديسمبر    وخلق الله بريجيت باردو    وزارة الرياضة تواصل نجاح تجربة التصويت الإلكتروني في الأندية الرياضية    محكمة تونسية تؤيد حكم سجن النائبة عبير موسى عامين    مصرع طفل دهسه قطار الفيوم الواسطي أثناء عبوره مزلقان قرية العامرية    ولفرهامبتون يحصد النقطة الثالثة من أرض مانشستر يونايتد    ذخيرة حية وإنزال برمائي.. الصين توسع مناوراتها حول تايوان    الخارجية القطرية: أمن السعودية ودول الخليج جزء لا يتجزأ من أمن قطر    رئيس جامعة قنا يوضح أسباب حصر استقبال الحالات العادية في 3 أيام بالمستشفى الجامعي    د.حماد عبدالله يكتب: نافذة على الضمير !!    "25يناير."كابوس السيسي الذي لا ينتهي .. طروحات عن معادلة للتغيير و إعلان مبادئ "الثوري المصري" يستبق ذكرى الثورة    «مسار سلام» يجمع شباب المحافظات لنشر ثقافة السلام المجتمعي    «قاطعوهم يرحمكم الله».. رئيس تحرير اليوم السابع يدعو لتوسيع مقاطعة «شياطين السوشيال ميديا»    خالد الصاوي: لا يمكن أن أحكم على فيلم الست ولكن ثقتي كبيرة فيهم    استشهاد فلسطيني إثر إطلاق الاحتلال الإسرائيلي الرصاص على مركبة جنوب نابلس    الأمم المتحدة تحذر من أن أفغانستان ستظل من أكبر الأزمات الإنسانية خلال 2026    "البوابة نيوز" ينضم لمبادرة الشركة المتحدة لوقف تغطية مناسبات من يطلق عليهم مشاهير السوشيال ميديا والتيك توكرز    تموين القاهرة: نتبنى مبادرات لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مخفضة    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    من موقع الحادث.. هنا عند ترعة المريوطية بدأت الحكاية وانتهت ببطولة    دعم صحفي واسع لمبادرة المتحدة بوقف تغطية مشاهير السوشيال ميديا والتيك توك    مصدر بالزمالك: سداد مستحقات اللاعبين أولوية وليس فتح القيد    شادي محمد: توروب رفض التعاقد مع حامد حمدان    نتائج الجولة 19 من الدوري الإنجليزي الممتاز.. تعادلات مثيرة وسقوط مفاجئ    التنمية المحلية: تقليص إجراءات طلبات التصالح من 15 إلى 8 خطوات    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    الخميس.. صالون فضاءات أم الدنيا يناقش «دوائر التيه» للشاعر محمد سلامة زهر    لهذا السبب... إلهام الفضالة تتصدر تريند جوجل    ظهور نادر يحسم الشائعات... دي كابريو وفيتوريا في مشهد حب علني بلوس أنجلوس    بسبب الفكة، هل يتم زيادة أسعار تذاكر المترو؟ رئيس الهيئة يجيب (فيديو)    د هاني أبو العلا يكتب: .. وهل المرجو من البعثات العلمية هو تعلم التوقيع بالانجليزية    حلويات منزلية بسيطة بدون مجهود تناسب احتفالات رأس السنة    الحالة «ج» للتأمين توفيق: تواجد ميدانى للقيادات ومتابعة تنفيذ الخطط الأمنية    ملامح الثورة الصحية فى 2026    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    هل يجب خلع الساعة والخاتم أثناء الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة عين شمس تستضيف لجنة منبثقة من قطاع طب الأسنان بالمجلس الأعلى للجامعات    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    خالد الجندي: القبر مرحلة في الطريق لا نهاية الرحلة    حقيقة تبكير صرف معاشات يناير 2026 بسبب إجازة البنوك    الأهلي يواجه المقاولون العرب.. معركة حاسمة في كأس عاصمة مصر    السيطرة على انفجار خط المياه بطريق النصر بمدينة الشهداء فى المنوفية    أمين البحوث الإسلامية يتفقّد منطقة الوعظ ولجنة الفتوى والمعرض الدائم للكتاب بالمنوفية    رئيس جامعة العريش يتابع سير امتحانات الفصل الدراسي الأول بمختلف الكليات    الصحة: تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بالشرقية وإقامة وتطوير المنشآت بأكثر من ملياري جنيه خلال 2025    الزراعة: تحصين 1.35 مليون طائر خلال نوفمبر.. ورفع جاهزية القطعان مع بداية الشتاء    معهد الأورام يستقبل وفدا من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي لدعم المرضى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    نسور قرطاج أمام اختبار لا يقبل الخطأ.. تفاصيل مواجهة تونس وتنزانيا الحاسمة في كأس أمم إفريقيا 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مستوردو الرعب.. ضحايا الدوت كوم
نشر في اليوم السابع يوم 20 - 05 - 2009

زمان كان الاستعمار يقول: إن مصر بلد زراعى.. حاول طلعت حرب وزملاؤه جعل مصر بلدا صناعيا. بعد الثورة فرحنا أننا جمعنا بين الزراعة الصناعة. ومع الصناعة استوردنا التلوث.. ومرت الأيام والسنون ولو سألنا أنفسنا هل نحن بلد زراعى.. أم صناعى؟، سوف يتردد محدثك قبل أن يقول بثقة: نحن بلد مستورد.. لا نستورد فقط الملابس والطعام والشراب والأفكار والإنترنت وجوجل وفيس بوك وأنفلونزا الطيور والخنازير وجنون البقر والدواء والأمصال والأعشاب وقطارات النوم وعربات المترو والسيارات ومناهج التعليم والأفلام المترجمة ومجلات البلاى بوى، والتلوث.. والآن نستورد الرعب.
رعب فى تقارير ومؤتمرات صحفية، رعب يتغير عنوانه دون أن تتغير أشكاله. ومن يفوته التقليب فى صفحات الإنترنت، سوف تطارده شاشات التلفزيون، بالدش والوصلة، تطارده فى صحوه ومنامه، تبث فيه الرعب من الطعام والشراب والملبس، كل شىء قابل للعدوى، والانفجار. الرعب من شتاء نووى فى أعقاب انفجار فى حرب عالمية لم نشترك فيها، والرعب من فيروسات غامضة تسكن الطيور والخنازير، والأبقار والمياه.
نخاف من فيروس الأنفلونزا أكثر مما يرعبنا الموت الساكن أكبادنا. ونموت فى جلودنا من سارس وجنون البقر أكثر مما يخيفنا تلوث المياه. نتابع انتخاب رئيس أمريكا دون أن نطمح فى اختيار رئيس مدينة أو محافظ. من العالم نأخذ كل الأشياء، بلا ترتيب، جزء من عالم تحكمه الميديا، وتتسلط على رأسه الأخبار، يختار لنا ما يفرحنا وما يخيفنا.
ما أسهل ما يستطيع إنسان هذا العصر أن يحصل على مجموعة من المعلومات أو المقالات من جوجل حيث مخزن المعلومات والأرقام.. القراءة عن الأنفلونزا والخنازير ارتفعت وتضاعفت بمليون ضعف، سوف تجد من يسمعك أدق تفاصيل عن أنفلونزا الخنازير، ولم تجد شخصاً يعرف الكثير من تلوث المياه، التى يبدو أنها أصبحت قدرا حاكما بلا حل، وجزءاً من ثقافة الشراب.. والذباب الذى يشاركنا مساكننا، والزبالة تقاسمنا الطريق.. دون أن يلتفت أحدنا ويصرخ: ارفعوا هذا الوباء.
أصبحنا نحفظ تواريخ الأنفلونزا ونردد وراء جوجل: عام 1918 قتل 40 مليون مواطن فى العالم..لم يكن تم اكتشاف فيروس الأنفلونزا وعزله.. وهناك مبالغة فى أرقام الضحايا لأنه لم تكن أساليب الإحصاء تطورت ولم يكن العالم على اتصال ببعضه، وهناك الكثير من الأساطير من حوله.. ومن يقول إن قتلاه أقل من 20 مليون، ولم يثبت أن له علاقة بالخنازير.
البعض يمكنه القول إن منظمة الصحة تخضع لمصالح شركات الدواء بل إننى قرأت قبل أربعة أعوام ما يشير إلى علاقات بين شركات الدواء وبين المنظمة التى تحصل على تمويلها أو جزء منه من شركات الدواء الكبرى التى تعطى للمنظمة كميات من الأدوية مقابل توجيه، ربما غير مباشر لسياسات المنظمة، فى الدعاية لأمراض تعالجها أدوية هذه الشركات. ومثل هذه الأقوال التى يصعب توثيقها، لا تجد آذانا صاغية، وسط هجوم الميديا متعدد الاتجاهات، يردد طوال الوقت رعبا من المرحلة الخامسة. حتى لو كان ضحاياه أقل من ضحايا حادث سير، أو صاروخ كروز. وقد أخبرنى أحد خبراء الدواء أن شركات كبرى تؤخر إنتاج دواء أكثر فاعلية، حتى يتم تصريف دواء أقل فاعلية، لتعوض ما أنفقته، وقال لى: الدواء صناعة عالية الاستثمارات ليس فيها قلب يهتز لآلام المرضى.. بل جيب يطرب لمليارات تدخله.
صناعة الدواء مثل صناعة السلاح وهناك علاقات بين استثماراتهما، ومن المفارقات أن كلاهما تطور فى الجيوش. أخطر اللقاحات والأدوية ظهرت فى أوقات الحروب.. ربما لهذا يربط البعض بين الأمراض الحديثة، والحروب البيولوجية، وهو احتمال وراد.. وإن كان من الصعب البرهنة عليه.
من الصعب على المواطن "العواليمى" أن يقاوم هوس الميديا التى تضخ له عشرات الأخبار، وملايين الكلمات على مدار الساعة عن الرعب المصنوع، وتجد الميديا وهذا جزء من وظيفتها فرصة لملء الفراغ ومفاجأة المتلقين.. والممسوسون بالإعلام ويكفى أن يتم إطلاق شائعة على موقع إنترنت ليتلقفها مئات أو آلاف ويوثقوها بنسبتها إلى موقع وليكن "إكس واى بيتا جاما دوت كوم" لتصبح ربع الحقيقة ثلاثة أرباع، ونصف الأكذوبة نصف حقيقة.
ولا مؤامرة فى ذلك، بل مصلحة.. تجعل المواطن العالمى مستورداً للرعب، ومعه الدواء، حتى قبل أن يرى المرض.. ويخاف من المجهول أكثر من خوفه من المعلوم، لهذا سوف نخاف من أنفلونزا الطيور أو لخنازير، وننسى فشلنا الكلوى، وأكبادنا المتليفة، ونعيش فى انتظار مرض جديد مثل جنون البقر، وسارس، و"إتش وإن إن وإن".. وأى دوت كوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.