سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
انتقادات للتعديلات الضريبية ومخاوف من الركود بعد المادة المستحدثة بمنع التخطيط الضريبى وتركها دون ضوابط.. خبراء:التخطيط معمول به فى جميع دول العالم ومنعه يعتبر فشل الإدارة الضريبية فى سد ثغرات القانون
أثارت التعديلات الضريبية التى تم تسريبها من مجلس الشورى، فى إطار المناقشات التى تجريها اللجنة الاقتصادية فى سرية تامة، عددا من الاعتراضات من قبل الخبراء، خاصة مادة جديدة مستحدثة تماما على النظام الضريبى المصرى تهدف لمنع التخطيط الضريبى بهدف تخفيض العب الضريبى، بالإضافة لما يتعلق بفرض ضريبة على التعاملات المالية سواء بالبورصة أو البنوك. وقال محمد عامر سيف وكيل أول وزارة المالية الأسبق بمصلحة الضرائب، إن مجلس الشورى لم يلغ القانون 101 لسنة 2012 بتعديل بعض أحكام قانون ضريبة الدخل، الصادر بقرار من رئيس الجمهورية فى 6 ديسمبر الماضى، وتم تجميد العمل، بل يجرى تعديلات عليه، وهو أمر غير مفهوم – على حد تعبيره، لأنه يعنى أن القانون سارى منذ صدوره بالفعل من اليوم التالى لتاريخ نشره، مستنكرا فى الوقت نفسه فرض السرية على مناقشات الشورى مما يثير الريبة حول ما يحدث. وأكد سيف أن الإدارة الضريبية أصدرت إقرارات الضريبية للموسم الحالى بدون العمل بالقانون وتجاهلته تماما، وهو وضع غير قانونى بالمرة، وكان من الأحوط أن يلغى الشورى القانون من الأساس بموافقة ثلثى الأعضاء. وأعرب سيف عن دهشته من المادة المستحدثة بالقانون والتى تتعلق بمنع التخطيط الضريبى الذى يحظر على الجهات القيام بأى إجراءات قانونية بهدف تخفيف العبء الضريبي، مشيرا إلى أن التخطيط الضريبى معمولا به فى العالم كله، وهو عبارة عن قيام الشركة أو المنشأة بعمل مواءمة ومراجحة بين عدد من الخيارات لتخفيف العبء الضريبى. وشدد سيف على أن نص المادة على منع التخطيط الضريبى دون أى ضوابط، يمنح مصلحة الضرائب الحق فى اتخاذ ما تشاء من إجراءات، دون أن تحدد المادة حالات التخطيط الضريبى التى تعد بهدف تجنب الضريبة، وهو أمر غريب جدا وطارد للاستثمار، وسيفتح أبواب جهنم بين المصلحة ومموليها، وينم عن فشل الإدارة الضريبية فى سد ثغرات القانون. وفيم يتعلق بنص التعديلات الجديدة على زيادة الإعفاء السنوى للموظفين من 4 آلاف إلى 7 آلاف جنيه، أشار إلى أنه ينطوى على عدم عدالة ضريبية، لأنه قصر الإعفاء على الموظفين دون المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر التى يستمر حد إعفاؤها كما هو عند 4 آلاف جنيها سنويا. من جانبه قال عمرو المنير المحاسب القانونى وعضو لجنة خبراء الضرائب بالأمم المتحدة، أن التعديلات الجديدة فرضت ضريبة 10% على الاستحواذ، مشيرا إلى أن نص هذه المادة معيب لأنها تتناول الاستحواذ لأكثر من 33% للمشترى، فى الوقت الذى تفرض فيه الضريبة على البائع، وهو ما يتطلب إعادة النظر فى المادة، فى الوقت الذى لا يوجد فيه آلية لدى مصلحة الضرائب لاحتساب الأرباح الرأسمالية. وأضاف المنير أنه رافض تماما للمادة التى استحدثتها التعديلات لتجنب التخطيط الضريبى، مشيرا إلى أن التخطيط الضريبى لتحقيق ميزة ضريبية للممول هو علم يدرس، وفى الوقت نفسه لا يوجد أى ضوابط بالمادة تحدد حالات التخطيط الضريبى التى تعتبر بهدف التجنب، مما يطلق يد الفاحص الضريبى فى اعتبار أى حالة متجنبة للضريبة، وبالتالى يحق للمصلحة التعديل فى الأسعار والعقود، وهو ما يخالف روح القانون رقم 91 لسنة 2005 بشأن الضريبة على الدخل والذى يقوم على الثقة فى الممول. ويرى المنير أن زيادة الإعفاء الضريبى للممول من 4 آلاف إلى 7 آلاف جنيه سنويا، يعد خطوة جيدة فى ظل الارتفاع المستمر فى الأسعار. من جانبه قال الدكتور نبيل عبد الرءوف أستاذ المحاسبة المساعد بأكاديمية الشروق، أن فرض ضريبة ربع سنوية على التسهيلات الائتمانية وقروض البنوك بواقع 1 فى الألف بالمناصفة بين البنك والعميل، يلقى مزيدا من الأعباء على البنوك بتحديد مراكز مالية لجميع العملاء لحساب ضريبة الدمغة على أرصدة حساباتهم كل 3 أشهر، فى الوقت الذى ستعتبر فيه الضريبة ضمن التكاليف واجبة الخصم من وعاء ضريبة الدخل للبنك. وأكد عبد الرءوف أن فرض ضريبة دمغة على المعاملات بالبورصة يقلل من عمليات التداول، وخاصة التداول المصاب بالخسائر للتخلص من الأوراق المالية التى تنخفض قيمتها السوقية عن الاسمية، مما يؤثر سلبا على التداول ويقلل من كميته، فى الوقت الذى نأمل زيادة كمياته حتى تنشط الحركة الاقتصادية وتنخفض موجة الركود. ورغم اتباع العديد من الدول لفرض ضريبة على توزيعات الأرباح بالبورصة، إلا أن عبد الرءوف يرى أن التوقيت غير مناسب حاليا، لأن هذا يؤدى إلى زيادة العبء الضريبى والعزوف عن المساهمة فى تأسيس شركات جديدة وخروج حملة الأسهم مبكراً من الشركات، وإيداع أموالهم بالبنوك للحصول على عائد خالى من الخطر يعادل حاليا 12.5%، فى محاولة للبعد عن مشكلات تحقيق الأرباح للشركة، وإذا تحققت فإنها ستخضع لضريبة 25% ثم التوزيعات 10%، أى أن العبء الضريبى سيصل إلى 35% على توزيعات حامل السهم، فى الوقت الذى مازالت فيه موجة الركود الاقتصادى مستمرة. وأشار عبد الرءوف إلى أن فرض ضريبة 10% على توزيعات الشركات المقامة بالمناطق الحرة يخرج قانون ضمانات وحوافز الاستثمار من دائرة جذب الاستثمارات الأجنبية للعمل بالمناطق الحرة، باعتبار أن الاستثمار الأجنبى يبحث دائما عن المنافسة الضريبية، وبالتالى هذا التعديل يحول مصر إلى منطقة طاردة الاستثمار الأجنبى ويحول وجهة المستثمرين إلى إسرائيل وقبرص وبلغاريا واليونان، وهى دول تسعى جاهدة لإصدار حزم من التشريعات لجذب الاستثمارات الأجنبية. وبالنسبة للمواد المستحدثة لمحاربة آثار التخطيط الضريبي، فإنها تؤكد أن واضعى السياسات المالية على درجة ضعيفة جدا من صياغة السياسات والبرامج والآليات التى تحارب التهرب، سواء بالطرق المشروعة أو غيرها. وقال الدكتور عبد المنعم لطفى مدرس اقتصاديات المالية العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة بنى سويف، أن فرض ضرائب جديدة أو إجراء تعديلات ضريبية فى ظل حالة الركود الاقتصادى التى نعانى منها هو أمر غير صحيح، وهو نفس السبب الذى عارض حزب الحرية والعدالة وزير المالية السابق ممتاز السعيد به فى شهر ديسمبر الماضى، وبالتالى لا يوجد أى مبرر لإعادة إجراء تعديلات ضريبية فى الوقت الذى تتزايد فيه حالة الركود. وأكد لطفى أن فرض ضرائب على التعاملات المالية سواء بالنسبة للبورصة أو التسهيلات الائتمانية للبنوك، جاء فى وقت غير مناسب على الإطلاق، خاصة فى ظل حالة التراجع الشديد الذى تعانيه حركة التداول بالبورصة، لافتا إلى أن استثناء الأسهم المجانية من ضريبة ال10% ستفتح الباب أمام التهرب من هذه الضريبة، لافتا إلى أن معظم هذه الإجراءات لن تحقق حصيلة كبيرة فى الوقت الحالى. وأشار لطفى إلى إمكانية قيام وزارة المالى بمعالجة الخلل بتحقيق التعاون والترابط بين كل من ضرائب الدخل والمبيعات والجمارك، لسد ثغرات التهرب الضريبى، كبديل عن إجراء تعديلات ضريبية فى هذا الوقت الحساس.