"المسخ" أو "التحول"، وبالألمانية "Die Verwandlung"، وهي رواية قصيرة كتبها الروائي التشيكي "فرانز كافكا". نُشرت لأول مرة عام 1915، وهي من أشهر أعمال القرن العشرين وأكثرها تأثيرًا، حيث تتم دراستها في العديد من الجامعات والكليًات في العالم الغربي، وقد وصفها الكاتب البلغاري "إلياس كانيتي" بكونها أحد الأعمال القليلة الرائعة، وأحد أفضل أعمال الخيال الشعري المكتوبة في هذا القرن. وتبدأ القصة بتاجر مسافر اسمه "جريجور سامسا"، الذي يستيقظ من نومه ليجد نفسه قد تحوّل إلى حشرة بشعة، ويصدم " كافكا " القارئ بهذا التحول الرهيب حيث يقول " استيقظ جريجور سامسا ذات صباح بعد أحلام مزعجة، فوجد نفسه قد تحول في فراشِه إلى حشرة هائلة الحجم". " جريجور"، هذا العامل البسيط، البائس بوظيفته، والتي تجبره على الاستيقاظ مبكرًا ليلحق بقطاراته كي يجوب المدن بائعًا متجولًا، في شقاء يومي متكرر، بالكاد يحقق له دخلًا يستطيع به أن يعول أسرته، ويجري " كافكا " هذا الحدث غير الواقعي، وغير محتمل الوقوع، في مجاري واقعية تمامًا، موهمًا القارئ بصدق هذا الكابوس، والذي تمنَّى " جريجور، "المتحول " أن يكون هذا مجرد حلمًا مزعجًا سرعان ما يستيقظ منه، لكنه أيقن بتوالي الأحداث استحالة تحقق أمنيته. فعندما ترتعش أطرافه المفصلية الحشرية في محاولاته اليائسة للنهوض من فراشه حيث تسبب له الألم، وعندما يضطر للرد على أسرته القلقة بسبب تأخره في النوم على حالته الجديدة، ويصافح مسمعيه هذا الصوت الرفيع الغريب الذي هو بالتأكيد صوته غير البشري، ولا تقتصر مأساة هذا البائس فيما بعد في عجزه عن المواءمة مع هذا التحول القدري، بل تتعداه إلى موقف الأسرة السلبي منه، فيما عدا أخته التي كانت تؤثره في محنته حين تبتعد عنه مع مرور الوقت وتفاقم أزمته الوجودية، والتي تحاول جاهدة إخفاءه بعيدًا عن الأعين. وتتبلور مشاعر الأسرة بكاملها إلى مشاعر باردة وغير إنسانية بالمرَّة، وتسرى رغبة جماعية في التخلص من تلك الحشرة البشعة، حتى ولو كان الثمن هو الموت، فالارتباط المادي الذي يربطهم بجريجور قد انقطع صبيحة التحول الحشري. بالفعل يموت " جريجور "، ماذا يمكنه أن يفعل غير الموت، بعد أن أرهق " كافكا " القارئ بالتفصيلات الحياتية اليومية الكابوسية، التي تؤكد أن مجرد البقاء على هذه الصورة أمرًا مرعبًا وغير محتمل، وأن الانتحار هو الحل الوحيد الممكن. وتعرضت رواية " المسخ " لبعض النقد، فيقول روجيه جارودي عن " كافكا " وعالمه السوداوي أنه خلق هذا العالم بمواد عالمنا مع إعادة ترتيبها وفقًا لقوانين أخرى تمامًا كما فعل الرسامون التكعيبيون في نفس الفترة. وتنتمي المسخ إلى المذهب العبثي في الأدب، وتعالج موضوعات مرتبطة بالحداثة كالاغتراب الذي يعد من أهم سمات المجتمع الحديث الرأسمالي. كما يذكر إبراهيم محمود في كتابه الاغتراب الكافكاوي "إنّ المرء هو مغترب كيف كان اختياره. فالخضوع للقوانين غير الأخلاقية يعني طلاق كل ما هو إنساني فيه، وعدم الخضوع يعني الفناء، وهذا ما حدث مع جريجور سامسا. كيف صار مسخًا، لأنه حاول الخروج عن القانون الذي يقتل فيه إنسانيته في مجتمع مرعب". ويعاني جريجور من الاغتراب على مستويات عدة، اغتراب عن العمل والأسرة والمجتمع والجسد وحتى عن نفسه. ومن جهة أخرى أخرج المخرج السويدي إيفو دفوراك عام 1976 فيلما مستوحا من الرواية، وتحولت رواية المسخ إلى فيلمين طويلين، واحد من روسيا والآخر من الأرجنتين، وإلى فيلمين قصيرين وفيلم رسومي قصير أنتج عام 1977 باسم تحول السيد سامسا للأمريكية كارولين ليف. كما نقلت الرواية إلى التليفزيون من خلال أربعة مسلسلات ابتداء من سنة 1975، أبرزها المسلسل البريطاني المنتج عام 1987 والذي يحمل نفس اسم الرواية وقام فيه الممثل تيم روث بأداء شخصية المسخ جريجور سامسا. الجدير بالذكر أن النازيين والشيوعيين منعوا تلك الرواية من النشر.