"الغجر" في الدقهلية يشكلون دولة داخل الدولة، فحياتهم مليئة بالأسرار وكل ما يعرف عنهم أنهم أناس تميزوا بالبشرة الداكنة والحمراء القاتمة والشعر الأسود والعيون اللامعة والأسنان البراقة، يعيشون في عالم غريب وسط عزلة اجتماعية، لذا لا يعرف عنهم سوى أنهم يرقصون بالموالد ويتسولون نهارا ويضربون الودع ليلا. وداخل محافظة الدقهلية استوطن أكثر من 4 آلاف غجرى، حيث يسكن قرية طهواى التابعة لمركز السنبلاوين نحو 2000 غجرى، وكذا نحو 1500 آخرون بقرية العصيا بطلخا، إضافة إلى 500 غجري تفرقوا بمدينة المنصورةوالجمالية وميت سلسيل يعرفون بالغجر الرحالة. وعلى الرغم من عزلة الغجر ورفضهم الاندماج مع المجتمع أو الحديث مع الغرباء، نظرا لخصوصية مجتمعهم إلا أننا قمنا باختراق عوالمهم الخاصة، وكشف أسرار الغجر الغامضة بعد أن تركوا مهنة الموالد واحترفوا السرقة. غجر قرية طهواى انعزلوا عن أبناء قريتهم، وفصلوا بينهم بطريق تم رصفه يسمى طريق "برهمتوش" يفصل مساكن الغجر عن أبناء القرية، ويسكنون في عقارات سكنية وعمارات بنايتها حديثة مع وجود بعض الخيم البسيطة لمن يرفضون العيش داخل العقارات. يقول شريف محمود، من سكان القرية الأصليين: "عندما أتى الهنجرانية للبلد كانت مهنتهم الرقص بالموالد، وكانت أعدادهم بسيطة ولكنهم عاشوا منبوذين من جانب السلفيين فكان بين الحين والآخر يذهبون لطردهم وتحطيم منازلهم، ولكنهم بطبيعتهم يتسمون بالجبن لأنهم قوم رحل وقليلو العدد، كما يرفضون مصاهرة المزارعين ولا يفضلون التعامل مع الغرباء أو دخول بيوتهم، كذلك أهالي القرية يبتعدون عنهم وينظرون لهم نظرة دونية، فهم يدعون اشتغالهم بالتجارة لكى يبرروا المكاسب التي يحققونها، ولا يلجأون للقانون حيث يحكم بينهم في مجلس عرفى يضم كبار رجال الغجر، كذا الزعامة في المجتمع الغجرى للسيدات فقط كما تقوم الزعيمة بتعليم الفتيات النشل حيث تخصص مدارس لتعليم النشل وتدعي زعيمة النشل «عايدة شيكولاتة». ومن داخل المجتمع الغجرى ذاته تحدثت "فيتو" مع عدد من الغجريات، واللاتى كشفن لنا عن أسرار حياتهن، حيث قالت إحداهن: "في مجتمعنا لا يعمل الرجال لأنه عار، بل تعمل السيدات بالسرقة ويتم تدريبها على السرقة داخل مدارس النشل وتكون مقسمة على 4 مراحل، المرحلة الأولى من سن 7 سنوات إلى سن 15 سنة وندرب فيها على سرقة الدواجن، والمرحلة الثانية من سن 15 حتى سن 20 ويتم تدريبنا فيها على سرقة الحمير والدراجات، والمرحلة الثالثة تتم تصفيتنا وإعطاؤنا ألقابا، فمحترفة السرقة تحوذ على لقب "معلمة" والضعيفة تسمى "مقفلتية"، أما من تعدين ال 30 عاما فينخرطن في تشكيل عصابات النشل والاتجار بالمخدرات وتضم من 5 إلى 8 فتيات، كذلك لكل منا خط سير للسرقة ولا يجوز أن نتعدى على بعضنا البعض، وآخر اليوم يتم تسليم الحصيلة للمعلمة، ووقتها إما أن يعاد مرة أخرى لصاحبه مقابل مبلغ مالى يسمى -الحلوان - أو يتم تقسيمه علينا وللمعلمة الجزء الكبير". أضافت غجرية أخرى قائلة: "نتزوج هنا وفقا لتميز الفتاة في السرقة وعدد مرات إلقاء القبض عليها، فكلما كانت متمكنة من مهنتها ازداد مهرها وكلما ألقى القبض عليها نقص مهرها، لأن الزوج يعلم أن المبلغ مردود له مرة أخرى، فمهرنا يصل لنصف مليون جنيه أو مليون جنيه في بعض الأحيان، وفي مساء اليوم الأول للزواج تخرج العروس مع بنات العائلة للسرقة ونتفاءل بصوت سيارة الشرطة أو رؤية اللبن في الصباح ونتشاءم برؤية الماشية ونعود دون الخروج للسرقة". وتستطرد: "في الموت إذ كانت المتوفاة -معلمة- نحزن عليها وننفق في المأتم ونأتى بمقرئ ويأتى لنا الغجر من المحافظات الأخرى ويقدموا لنا العزاء ويكون حدادنا ألا نسرق لمدة 40 يوما، ونتشح بالزي الأسود، أما الرجال فيطلقون ذقونهم ويمشون حفاة دون أحذية".