رئيس جامعة بنها يتابع برامج التدريب الصيفي للطلاب بمركز إبداع مصر الرقمية    وزير البترول: نستهدف التعاون مع توتال إنرجيز لتطوير منظومة النقل الآمن للمنتجات البترولية    وزير الخارجية: مصر قدمت بمفردها 70% من إجمالي مساعدات غزة    استشهاد وإصابة 37 فلسطينيا فى مجزرة جديدة للاحتلال الإسرائيلى بمدينة غزة    موقف إيزاك.. محمد صلاح يقود ليفربول أمام أتلتيكو مدريد بدوري أبطال أوروبا    إطلاق دوري المدارس بالتعاون بين وزارة التربية والتعليم وشركة استادات برعاية الشباب والرياضة    أول صورة من واقعة التنقيب عن الآثار داخل مكتب صحة دشنا في قنا    بدء المؤتمر الصحفي لمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بالمجلس الأعلى للثقافة    وزير مالية الاحتلال: غزة "كنز عقاري" ونناقش مع واشنطن تقاسم السيطرة على الأرض    فليك: لن نضع ضغوطًا على يامال.. وراشفورد لديه الكثير ليقدمه    لوكاس بيرجفال يشيد بالصلابة الدفاعية لتوتنهام منذ بداية الموسم    بوتين يبحث هاتفيًا مع رئيس وزراء الهند الأزمة الأوكرانية وتطورات العلاقات الثنائية    محافظ الإسكندرية يشهد حفل استقبال المعلمين الجدد    المستشرقون ليسوا دائمًا مغرضين.. اللا زمن فى القرآن الكريم.. أنموذجًا!    الصحة: انتهاء أعمال إحلال وتجديد وحدة جراحات الرمد والعيون بمستشفي الشيخ زايد التخصصي    "بسبب إسرائيل".. إسبانيا تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026    عاجل.. استمرار تدفق المساعدات عبر معبر رفح وسط تصعيد عسكري غير مسبوق في غزة    "الأرصاد": أمطار غزيرة على منطقة نجران    مصرع شخص والبحث عن آخرين في ترعة بسوهاج    أرتيتا يتفوق على فينجر بعد 25 مباراة في دوري أبطال أوروبا    9 فرص عمل جديدة في الأردن (التخصصات ورابط التقديم)    بالذكاء الاصطناعي.. رضوى الشربيني تستعيد ذكريات والدها الراحل    موعد عرض الحلقة الأولى من مسلسل المؤسس عثمان 7 على قناة الفجر الجزائرية وترددها    وكيله: إمام عاشور يستحق الاحترام من الأهلي    احتجاجات واسعة في لندن ضد زيارة ترامب لبريطانيا    إصابة شاب بإصابات خطيرة بعد أن صدمه قطار في أسوان    تعيين نائب أكاديمي من جامعة كامبريدج بالجامعة البريطانية في مصر    كيليان مبابي يعلن غيابه عن حفل الكرة الذهبية 2025    مدارس «القليوبية» تستعد لاستقبال مليون و373 ألف طالب    وزيرة التنمية المحلية تتابع جاهزية المحافظات لموسم الأمطار والسيول    حقيقة اختفاء 5 قطع أثرية من المتحف اليوناني في الإسكندرية    محافظ بورسعيد يفتتح حضانة ومسجد ويتفقد مركز شباب مدينة سلام مصر    فوائد السمسم، ملعقة واحدة لأبنائك صباحا تضمن لهم صحة جيدة    إحالة شكاوى مرضى في وحدة طب الأسرة بأسوان للتحقيق    بعد نشر صورة مع جدها الفنان محمد رشدي.. من هي البلوجر فرح رشدي؟    خالد الجندى: الإنسان غير الملتزم بعبادات الله ليس له ولاء    حكم ما يسمى بزواج النفحة وهل يصح بشروطه المحددة؟.. الإفتاء توضح    80%ملكية أمريكية.. ملامح الاتفاق الجديد بين الولايات المتحدة والصين بشأن "تيك توك"    أول يومَين بالمدارس أنشطة فقط.. خطاب رسمي ل"التعليم" لاستقبال الأطفال    قناة السويس تشهد عبور السفينة السياحية العملاقة AROYA وعلى متنها 2300 سائح    البنك المركزي: القطاع الخاص يستحوذ على 43.3% من قروض البنوك بنهاية النصف الأول من 2025    عاجل- رئيس الوزراء: مصر ثابتة على مواقفها السياسية والإصلاح الاقتصادي مستمر رغم التحديات الإقليمية    ضبط المتهم بذبح زوجته بسبب خلافات بالعبور.. والنيابة تأمر بحبسه    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    معاش للمغتربين.. التأمينات تدعو المصريين فى الخارج للاشتراك    تحديث بيانات المستفيدين من منظومة دعم التموين.. التفاصيل    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    المنيا.. تنظيم قافلة طبية مجانية في بني مزار لعلاج 280 من المرضى غير القادرين    وزارة الصحة تطلق أول مسار تدريبى لمكافحة ناقلات الأمراض    وزير الري: الاعتماد على نهر النيل لتوفير الاحتياجات المائية بنسبة 98%    وزير التعليم يبحث مع وفد الشيوخ الفرنسي تعزيز التعاون المشترك    شاب يلقى مصرعه حرقًا بعد مشادة مع صديقه في الشرقية    "البديل الذهبي" فلاهوفيتش يسرق الأضواء وينقذ يوفنتوس    اجتماع طارئ للمكتب التنفيذي لاتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية    ملكة إسبانيا فى زيارة رسمية لمصر.. أناقة بسيطة تعكس اختياراتها للموضة    منال الصيفي تحيي الذكرى الثانية لوفاة زوجها أشرف مصيلحي بكلمات مؤثرة (صور)    رانيا فريد شوقي تستعيد ذكريات طفولتها مع فؤاد المهندس: «كان أيقونة البهجة وتوأم الروح»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العالم السري للغجر فى مصر !
نشر في بوابة الشباب يوم 11 - 06 - 2011

عالم غريب , حافل بالأسرار , مغلف بالغموض , له طقوس خاصة في كل شيء من الميلاد حتي الموت , ومع ذلك فهو مثله مثل أي شريحة أخري من البشر تضم عناصر طيبة وأخري شريرة .
يعشقون الحرية ولايخفون حلمهم بأن تنهار أسوار العزلة بينهم وبين المجتمع في مصر , أصبحوا ينظرون بحزن وغضب إلي منطقتهم التي يعتبرها الناس نموذجا مجسما لعالم الجريمة لاينكرون وجود مجرمين بينهم ولكنهم قلة أما الغالبية فهم من المواطنين الصالحين الذين يعيشون حياة عادية ويعملون بالحرف اليدوية المختلفة ومنهم حملة المؤهلات أيضا . شبابهم كغيرهم من بقية شباب مصر يشكون البطالة والغلاء وقلة الفرص . تلمع في عيونهم رغبة خصوصا المتعلمين منهم بالأمل في انهاء العزلة التي يعيشونها حتي يذوبوا في الكيان الاجتماعي الكبير . إنهم غجر مصر الذين ندعوك معنا لدخول عالمهم .
بما أنك قد تكون شاهدت أحدا منهم يوما إلا أنك بالتأكيد لم تعره اهتماما ، وأنا أيضا لم أكن أتصور أنني سأدخل يوما عالمهم إلي أن استوقفتني منذ فترة قريبة بشارع الكوربة بمصر الجديدة سيدة في منتصف العمر وهي ترتدي ملابس الغجر وتقول لي الودع ياعسل .. وشوشي الودع واعرفي بختك فتظاهرت بالموافقة حتي أستطيع الاقتراب منها رغم تحذير سايس السيارات لي في المنطقة والذي كان يتابع الموقف بأنها حرامية وأثناء حوارها معي سألتها عن أصلها فقالت إنها من الغجر الذين مازالوا يعيشون في مصر في حوش الغجر بسور مجري العيون بمصر القديمة وانها امتهنت قراءة الودع بالوراثة من أمها وجدتها , حيث إن قراءة الودع جزء مهم من المهارات التي تتعلمها الفتاة الغجرية منذ طفولتها , بالاضافة إلي الرقص ودق الوشم . وعندما سألتها إذا كان من الممكن أن تصطحبني إلي المكان الذي تعيش به ارتبكت وتركتني ومشت دون أن تنطق بكلمة . ولكني كنت قد قررت بالفعل الذهاب إلي هناك وأثناء البحث عن حوش الغجر اكتشفت أن دخول هذا العالم مستحيل دون موافقة كبيرهم . وهذا الكبير اسمه عم بدر فرج , كما قال لي أحد الشباب الذين قابلتهم هناك وقال لي إنه يجلس دائما علي قهوة بجوار الكوبري أسفل السور لذلك العثور عليه لم يكن صعبا وعندما اصطحبنا إليه وعرفه بنا وجدناه رجلا في منتصف الخمسينيات وقبل أن ننطق بكلمة واحدة قال لنا انتوا مين وعايزين ايه فشرحت له طبيعة مهمتنا وأننا نريد أن نقترب من عالم الغجر الذي كثيرا مانسمع عنه ولانعرفه , فقال ماشي لكن مش النهاردة عدوا علي كمان يومين , وبالفعل ذهبنا إليه بعد يومين وعندما سألته عن سبب التأجيل قال لأنه يوم أن ذهبنا إليه أول مرة كانت عنده مشكلة مع نسايبه في الحوش وأننا لو كنا دخلنا مع شخص غيره كانوا بهدلونا لأنه الوحيد في الحوش الذي تمشي كلمته علي الكبير قبل الصغير . وبدأت رحلتنا داخل حوش الغجر مع عم بدر . والحوش مكان لايمكن وصفه بالكتابة لذلك سأترك هذه المهمة للصور والتي بالتأكيد تستطيع التعبير بشكل أفضل . ورغم وجود كبير الغجر معنا إلا أن الناس هناك لم يتقبلوا وجودنا بينهم بسهولة وكانوا ينظرون لنا وكأننا من كوكب آخر ، وعن طبيعة حياة الغجر يقول عم بدر : حياتنا الآن تغيرت فيها أشياء كثيرة ولكن الشيء الوحيد الذي لم يتغير هو عادات الزواج والغجر لايتزوجون أبدا بالأغراب مهما كانت الأسباب لذلك فمعظم الأغاني التي نغنيها في افراحنا مليئة بأخبار العشاق الذين أحبوا بنات الغجر ولم يستطيعوا الزواج بهن ، ومن العادات التي أوشكت أن تختفي الآن هي تعدد الزوجات . فحتي وقت قريب مضي كان الغجري يتزوج ثلاثا وأربعا وهن المسئولات عن الانفاق عليه وعلي الأبناء وهذا مازال موجودا عند بعض أبناء الغجر في المحافظات , أما نحن فالموضوع تغير عندنا , حيث أصبح الغجري يعمل بنفسه ويعلم ابناءه سواء بالمدارس أو حرفة فأنا لدي خمس بنات حاصلات علي دبلوم وولدان احدهما منجد افرنجي والآخر خراط . فتعليم الحرفة عندنا شيء مهم جدا عكس الحال في مناطق الغجر في بعض محافظات مصر مثل قرية سنباط بالغربية وطهواي بالدقهلية وكذلك بالفيوم حيث يقاس هناك ثراء الغجري بواحد من اثنين إما عدد زوجاته وإما عدد قروده لأن القرود التي يمتلكها الغجري يقوم بتدريبها في حجرة مخصصة لذلك ويقوم بتأجيرها لشباب الغجر ليسرحوا بها في الموالد والشوارع . والمرأة في قبائل الغجر بالمحافظات تشتهر بقراءة الطالع ودق الوشم والرقص والسرقة طبعا . وهذا سبب ارتفاع مهر المرأة في هذه القبائل والذي قد يصل في بعض الأحيان لخمسين ألف جنيه يدفعها العريس علي هيئة مصاغ لأننا نعشق الذهب بطبعنا . ومهر الفتاة في دنيا الغجر يتحدد حسب مقدرتها علي السرقة ومهارتها في النشل . وأنا لو قلت لك اننا لايوجد بيننا هنا حرامية أو نشالون أكون كاذبا ولكن الأمر طبعا ليس بنفس الشكل الذي كان عليه زمان خاصة بالنسبة لغجر مجري العيون . ولكن لايزال من عاداتنا المهمة انجاب أطفال كثيرين لأننا نحب العزوة ولذلك نحتفل بولادة الأنثي احتفالا كبيرا ولانحتفل بولادة الولد وذلك لأن الأنثي سرعان ماتكبر وتتزوج وتلد ومن خلالها يزيد عددنا وعزوتنا . رغم أن هذه الزيادة في عددنا أحيانا ماتوجد مشاكل بيننا . فسألته : وعندما تحدث مشكلة هل تلجأون للقانون؟
لا .. طبعا . نحن نحل مشاكلنا بيننا بشكل ودي , حيث إنه عندما يحدث خلاف أو خناقة بيننا نلجأ لمجلس المغارمة وهو يشبه مجلس العرب , حيث يحتكم إلي الخصمان وأنا الذي أحكم بينهما ويرتضيان حكمي دون كلمة واحدة .
وهنا جاء شاب في منتصف العشرينيات تقريبا اسمه علي وهمس في أذن عم بدر بكلام غير مفهوم وبعدها قدمه لنا علي أنه أحد أبناء الغجر وهو المساعد الخاص به والمسئول معه عن حماية السور . وعندما سألناه بتحموا السور من إيه قال من الحرامية . وبدأ علي يتكلم معنا فقال أنا حاصل علي دبلوم تجارة وأعمل مساعدا لعم بدر وملاحظا لكل كبيرة وصغيرة تحدث في الحوش لأبلغه بها وهو رجل طيب جدا لا يرضي بأي شيء خطأ ويقف بقوة أمام بعض أهالي الغجر الذين يدفعون بناتهم للسفر إلي السعودية في موسم الحج والعمرة ليمارسن هناك كل أنواع النشل والسرقة ولكنه يمنع ذلك تماما لأنه يسعي لتنظيف الغجر حيث انهم مازالوا حتي اليوم يحتفظون بنفس تقاليدهم وعاداتهم رغم تطور الحياة حولنا .
.. وأثناء جولتنا استوقفتنا إحدي بنات الغجر وسألتني إنتوا مين فقلت لها نحن من هيئة الآثار لأن عم بدر كان قد حذرني من البداية أن أنطق بكلمة صحافة أو صحفيين فقالت لي : والنبي تشوفوا لنا حل إحنا نفسنا الحوش يتهد . إحنا تعبنا أوي من العيشة دي ونفسنا ولادنا يعيشوا أحسن منا وتدخلت فتاة أخري وقالت ياريت الحكومة تهد الحوش وتدينا شقق في أي مساكن إحنا زهقنا . وعرفت منها ان اسمها سماح وأنها حاصلة علي دبلوم وتتمني الخروج من الحوش ونظرت إلي زميلتها وتحدثت معها بكلمات غير واضحة . فسألناها : هل للغجر لغة خاصة ؟ قالت : طبعا نحن أحيانا نتكلم بسيم خاص بنا أمام الأغراب وهي لغة متوارثة بين أبناء الغجر من زمان فمثلا كلمة كوديانه تعني امرأة و يرعه تعني رجلا و مهازه تعني حافظة فمثلا إذا قال أحد أبناء الغجر إن الكوديانه سرقت مهازة اليرعه فمعناها إن البنت سرقت محفظة الرجل ولكننا لا نتحدث بهذه اللغة الآن لأننا أصلا بطلنا سرقة . فمعظم بنات الغجر الآن يذهبن إلي المدارس والشباب يمتهنون مهنا يدوية مثل السمكرة والخراطة والحدادة . ولكن للأسف ان الناس في مصر مازالوا ينظرون إلينا وكأننا لسنا بشرا مثلهم ومتخلفون عنهم أو من جنس آخر .
ومن الأشياء الغريبة التي يسهل ملاحظتها بين أبناء الغجر هو انتشار الشعر الأصفر بين النساء والبنات حتي الأطفال . وعندما سألنا عن هذه الظاهرة قالت لي : الشعر المصبوغ أصفر بين أبناء الغجر من علامات الجمال لذلك فنحن نتسابق في صبغ شعرنا بهذا اللون لأن كل واحدة فينا تريد أن تبدو أجمل من الأخري ونصبغ شعر الأطفال أيضا حتي يتميزوا بأنهم من أبناء الغجر . إلي هنا انتهت رحلتنا داخل حوش الغجر وقبل أن أتركهم قالوا لي متنسيش تقولي للحكومة يهدوا الحوش ولا أنكر أنني رغم تعاطفي معهم ومع الحياة الصعبة التي يعيشونها إلا أنني حمدت الله بمجرد خروجي من الحوش أنني مازلت سالمة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.