في قبيلة الهنجرانية في مصر الرجال ليسوا قوّامين على النساء، فليس مطلوبا من الرجل أن يطارد لقمة العيش ليجلبها لزوجته وأطفاله آخر النهار لأن الرجال لا يعملون ولا يكدّون ولا يتعبون بل يبقون بالمنازل ويتسكعون على المقاهي ويترقبون ما تتكسبه زوجاتهم لينفقوه على ملذاتهم وأمزجتهم. في قبيلة الهنجرانية إذا بُشر أحدهم بالأنثى لا يحزن ولا يندب حظه ولا يتوارى من القوم من سوء ما بُشر به ولا يتوعدها بالوأد بل يفرح ويسعد ولكن الحزن يسكن قلبه ويسكن عقله إذا علم أن زوجته حامل في ذكر فالذكر في الهنجرانية غير مربح ولكنها «الأنثى» لأنها التي تجلب المال. في قبيلة الهنجرانية الرجل ليس رب الأسرة وسيدها والقائم عليها بل هو - في حقيقة الأمر - عالة عليها، وعبء ثقيل وعدمه أفضل من وجوده. تفاصيل وأسرار وكواليس أكثر عن تلك القبيلة - التي يتركز أفرادها الذين لا يزيدون على 2000 شخص في منطقة «التبة» عند الكيلو 4.5 على أطراف «شرق القاهرة» تعرفت عليها الراي العام الكويتية وترويها في السطور التالية: بداية فإن أول ما يلفت النظر في قبيلة الهنجرانية هو أن المرأة هي المسؤولة عن توفير نفقات الأسرة وهي التي تخرج للعمل أما الرجل فدوره الجلوس في المنزل لرعاية الأولاد حتى تعود زوجته من عملها والأغرب أن الزوجات راضيات بحالهن ولا يجدن في ذلك حرجا بل إن خروج الرجل للعمل هو العيب الذي قد تراق بسببه الدماء، وتقام من أجله سرادقات العزاء. تلك القبيلة غريبة الأطوار، ترتد أصولها إلى بلاد الهند، هاجروا إلى مصر - حسب كلام سليم سعيد أحد أبناء منطقة التبة - قبل 300 عام وانتشروا في أكثر من محافظة من محافظات مصر مثل الفيوم والقليوبية والغربية وغيرها ولكن الأغلبية تتركز عند أطراف القاهرة خاصة أنهم بدأوا التعايش مع المجتمع بشكل سلمي بعدما ظلوا منبوذين لانخراط أغلبهم في أعمال السرقة والنشل فكانوا مصدر رعب وريبة وخوف لجميع المحيطين بهم. وأضاف في تصريحات ل «الراي» مسألة خروج المرأة للعمل وبقاء الرجل في المنزل أمر معتاد منذ زمن طويل، خاصة عندما كان الهنجرانية يعملون في الموالد، فكانوا يجوبون بلدانا كثيرة وكانت المرأة هي الواجهة في جميع الأعمال، مثل العمل بالمقاهي والرقص على المسارح لاجتذاب الزبائن. بينما يقتصر دور الرجل في جمع المال من وراء عمل زوجته، وتطور الأمر ليصبح عادة بين أبناء الهنجرانية حتى الآن، وحاليا تعمل نساء الهنجرانية خادمات في المنازل وتحديدا في المدن الجديدة، وهي مهنة تدر عليهن مالا وفيرا. محمود ناصر 45 عاماً من «الهنجرانية» قال ل «الراي» إن أبناء قبيلته يتباهون بإنجاب البنات ويعتبرونهن كنزا ومصدر دخل مضمونا في المستقبل، ولذلك فالأب لا يفرط في ابنته للزواج من أي رجل بسهولة. ما أدى إلى ارتفاع وغلاء المهور وشبكة العروس فالمهر قد يتجاوز 50 ألف جنيه والشبكة لا تقل عن 20 ألف جنيه «والغاوي ينقَّط بطاقيته» مضيفا معظم رجال الهنجرانية متزوجون أكثر من امرأة ليس بحثا عن المتعة فقط ولكن من أجل تعدد موارد الدخل ولا يهم مستوى الجمال وأنا أجمع بين زوجتين ولكن الأهم أن يتمتعن بصحة جيدة ليقدرن على العمل وكشف أن الزوجة الواحدة توفر دخلا لا يقل عن 50 جنيها يوميا مؤكدا أنه لا يشعر بأي خجل من وراء بقائه في البيت ورعايته لأبنائه بدلا من زوجته بل يقوم بطهي الطعام وتنظيف المنزل لحين حضورها من العمل أما بقية اليوم فيجلس مع باقي رجال المنطقة على المقهى الذي يكتظ برجال الهنجرانية. أما صفاء حسان (35 عاما)، فأشارت إلى أنها تزوجت منذ 16 عاما حيث يتم تزويج البنات في أعمار صغيرة جدا. وأشارت إلى أنها كانت تعمل كخادمة قبل الزواج وتعطي كل أجرها إلى أبيها وهو ما تفعله الآن مع زوجها. وتابعت - في تصريحات ل «الراي» - احتل المرض جسدي بعد الولادة الأولى، لم يتوان زوجي في الزواج من أخرى قادرة على العمل حتى أسترد عافيتي وأخرج للعمل. وتابعت لكن هذا لا يعني طلاق الزوجة الثانية مادام ذلك يزيد من دخل الأسرة. وقالت إن زواج الرجل بأكثر من امرأة أمر عادي جدا، ولا يسبب أي غيرة بين الزوجات، بل يتنافسن في العمل لتحقيق أكبر مكاسب لتنال الزوجة رضاء زوجها. وأضافت ان سيدات المنطقة يعملن خادمات في شقق وفيللات المناطق الراقية والمدن الجديدة بشرط أن تقطنها أسر وليس شباب أعزب درءا للشبهات. وعن أجورهن قالت إما أن تعمل السيدة مقابل أجر شهري لا يقل عن 1000 جنيه أو بأجر يومي لا يقل عن 35 جنيها، مشيرة إلى أنهن يتمتعن بسمعة طيبة ويجدن العمل المنزلي، ولذلك فهن مطلوبات بالاسم للعمل كخادمات سواء في أحياء مصر الراقية أو خارجها خاصة في دول الخليج كالكويت والإمارات وقطر وغيرها. ناهد المنشاوي (56 عاما) من نساء القبيلة، قالت ل «الراي» إن المرأة لا يقعدها عن العمل سوى المرض الشديد أو الوفاة فهي تعمل لآخر لحظة في حياتها وتتكفل بشراء جميع احتياجات الأسرة وتنفق على زوجها وأبنائها، كما تتولى تجهيز بناتها للزواج وهذا لا يعني أبدا - من وجهة نظرها - احتقار الزوج بل العكس، فالزوجة تحترم زوجها احتراما جما وتطيعه طاعة مطلقة ولا يمكنها أن تعصي له أمرا. وأضافت البنت في الهنجرانية ثروة يتم الحفاظ عليها وطلباتها أوامر، فإنجاب بنت يعني فرحة كبيرة لأهلها وتقام لها الأفراح أما إنجاب البنين فلا يصاحبه أي فرحة أو مظهر من مظاهر الاحتفال.