هناك اختلاف واضح في الآراء بين السنة والشيعة فيما يخص تعاطى الحشيش.. بل وهناك اختلاف في الفتاوى بين رجال الدين السنة أنفسهم في مجال تحليله أو تحريمه.. مما قد يعتبره المتعاطون فرصة شرعية لهم على اعتبار أن اختلاف الفقهاء «رحمة»!! وقد عرف التاريخ جماعة شيعية قديمة حملت اسم «الحشاشين»، وصرح رجال دين شيعة عديدون في التاريخ بأن الحشيش غير حرام، ووفق تصريح للمرجع الشيعى «مقتدى الصدر» فإن الإمام المهدى أجاز لنا أخذ الحشيشة وقال: هي شفاء للأسقام ومذهبة للأحزان ومقربة من الرحمن إنها حلال لجيشى وأنصارى ومن أراد رؤيتى فعليه بحشيشتى». المؤسسة الدينية الرسمية في مصر لها رأى يطالبون ما عبر عنه أئمة من التيار السلفى المتشدد حول تناول الحشيش، ففى فتوى شهيرة أصدرتها دار الإفتاء المصرية تم القطع بأن الحشيش حرام شرعا، وقد صدرت هذه الفتوى في 25جمادى الأولى عام1420هجرية وجاء فيها: «إن العلم قد قطع في عصرنا الحالى بأضرار استخدامات التبغ على النفس لما فيه من إسراف وتبذير نهى الله عنهما والله تعالي يقول «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما» ويقول أيضا «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة إن الله كان بكم رحيما»، شرب الدخان محرم وكذلك بيعه وشراؤه وتأجير المحال لمن يبيعه لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ودليل تحريمه قوله تعالى «ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما» وساقت دار الافتاء وجه الدلالة من ذلك بأن الله تعالى نهى أن نؤتى السفهاء أموالنا لأن السفيه يتصرف فيها بما لا ينفع، وبين سبحانه وتعالى أن هذه الأموال قيام للناس لمصالح دينهم ودنياهم، وصرفها في الدخان ليس من مصالح الدين ولا من مصالح الدنيا، فيكون صرفها في ذلك منافيا لما جعله الله تعالى. على النقيض تماما أثارت آراء الدكتور «حامد طاهر» نائب رئيس جامعة القاهرة والسابق وأستاذ الفلسفة الإسلامية «ضجة كبيرة حيث قال: ما لم يرد نص صريح بتحريمه لا أحرمه، ويكفى أن نقول إن الحشيش أوالهيروين ممنوع أو محظور، وهذا ليس تقليلا من خطورتهما، ولكن يجب محاسبة من يتعاطاهما أو يتاجر بهما بعقوبة مدنية على درجة خطورة الجرم قد تصل إلى الإعدام. وعلل نائب رئيس جامعة القاهرة كلامه بأن تعاطى الحشيش محظور وممنوع ما لم يرد في شأنه نص شرعى لأن لفظ «حلال أو حرام» لفظ يستخدمه الفقهاء لترهييب الناس وترغيبهم ولأن مصطلح حلال أو حرام مصطلح دينى لايجوز أن يطلقه سوى الله عز وجل ورسوله الكريم وشدد عليه القرآن في قوله «اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا» فالحلال والحرام جزء من الدين المكتمل «ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام» ولكن الأفضل أن نقول هذا ممنوع أو محظور. وبالرجوع إلى شيخ الأزهر الراحل الدكتور «محمد سيد طنطاوى» نجد أنه قال فتوى قبيل رحيله بأشهر قليلة حين تم سؤاله عن التدخين وتعاطى الحشيش لرجال الأعمال والأغنياء فأجاز شيخ الأزهر امكانية التدخين وأعطى صك مشروعيته على رجال الأعمال والقادرين ماديا فقط، مؤكدا حرمته على الفقراء ومحدودى الدخل وغير القادرين ماديا على التدخين قائلا» إذا كان الموظف يتقاضى 300جنيه وينفق نصفها على التدخين فماذا بقي لأسرته وأولاده. أما بالنسبة للشيعة فقد كانت علاقتهم دائما بالحشيش جيدة، وتحديدا منذ عهد الفاطميين، حين أطلقت جماعة شيعية تسمي نفسها «طائفة الحشاشين» وهى طائفة إسماعيلية نزارية - بوصفها طائفة دينية أسسها الحسن بن الصباح الذي اتخذ من قلعة «آلموت» في بلاد فارس مركزًا لنشر دعوته وترسيخ أركان دولته. ويذكر الرحالة الإيطالى «ماركو بولو» أن هذه الجماعة كانت تقوم بعمليات انتحارية واغتيالات ضد السلاجقة والأيوبيين تحت تأثير مخدر الحشيش، وأضاف بولو أن زعماء الباطنية استخدموا الحشيش لمنح اتباعهم من الفدائيين جرعات مسبقة من مباهج الجنة التي تنتظرهم حال نجاح عملياتهم ووصف ماركو بولو قلعة «آلموت» بأن فيها حديقة كبيرة تكتظ بأشجار الفاكهة وجداول تفيض بالخمر واللبن والعسل وبنات جميلات يغنين ويرقصن يعزفن الموسيقى وكان الشيخ يوهم اتباعه بأنها الجنة وكان دخولها محظورا على الجميع إلا أبناء الطائفة. ومما رواه «بولو» أن اتباع الطائفة كانوا يذهبون بعد تناولهم الحشيش في الحديقة إلى «إمام الجبل» فيأمرهم باغتيال شخصية معينة بعدما يسألهم: من أين أتيتم فيقول الواحد منهم من «الجنة» فيرسلهم إلى عمليات الاغتيال واعدا إياهم بدخول الجنة مرة أخرى إذا نجح في عملية الاغتيال. مؤسس طائفة الحشاشين استطاع أن ينقل نشاط جماعته إلى بلاد الشام عام498 هجرية، عندما أرسل الحسن بن الصباح داعية يفسد بين الأخوين «دقاق» حاكم دمشق و«رضوان» حاكم حلب فتحالف مع الأخير واستماله إليهم. ونقلت مصادر تاريخية عربية قصة محاولة اغتيال طائفة الحشاشين للسلطان الناصر صلاح الدين الأيوبى أكثر من مرة، وكذلك الخليفة العباسى المسترشد بالله.. وخرجت بعض الأصوات الغربية لتؤكد أن طائفة الحشاشين هي فئة مظلومة وتعرضت للكثير من التشويه والتحريف، وأرجعت ذلك إلى نشأة الحركة في مرحلة حرجة من التاريخ.