"إن فاتك الميري اتمرمغ في ترابه" مثل اعتدنا على سماعه في الأفلام القديمة، في مشهد متكرر حينما يتقدم شاب في مقتبل العمر لخطبة فتاة، ليكون أول شروط قبوله بالنسبة للآباء أن يكون صاحب وظيفة ثابتة في "الحكومة". لكن ما مدى تمسك أولياء أمور فتيات اليوم بهذا الشرط، خاصة بعد موقف الجنيه المصري الضعيف أمام الارتفاعات المضطردة للأسعار. قال على فهمي مهندس: مع بداية عصر الانفتاح، وثبات رواتب الحكومة وانعدام أي نسبة وتناسب مع ارتفاع الأسعار أصبح الكل يبحث عن فرصة عمل في القطاع الخاص برواتبه التي لا تقارن من حيث ارتفاعها برواتب الحكومة التي لم تعد كافية للعيش الحاف. وأضاف: أن الأغلبية العظمى اتجهت لتقديم طلبات إجازة بدون راتب، بحثا عن فرصة عمل في إحدى الشركات أو في الخارج، ولو في تخصص مغاير للتخصص الذي تخرج منه، لأن الهدف الأساسي هو تحقيق مستوى مادي أعلى يؤهلهم لحياة كريمة. بينما روت سهيلة محسن ربة منزل، كيف تمكنت والدتها إقناع والدها بقبول العريس الذي عزف عن البحث عن الوظيفة الميري التي لم يستطع الحصول عليها بعد سنتين تخرج، فالتحق بالعمل في وظيفة حكومية بإحدى الدول العربية لأنها الأفضل ماديا وإداريا، خاصة أن الجنسية المصرية كان مشهود لها بالخبرة والمهارة العملية في مختلف الدول العربية، بالشكل الذي أجبر الجميع على احترام حرفية المصري في مختلف المجالات. وقال سعيد عبد الخالق مهندس: إن الشرط الذي وضعه والد زوجته قبل القبول بزوجها هو الالتحاق بعمل حكومي والحصول على إجازة بدون مرتب، ليحافظ على وظيفته حين العودة لمصر، خاصة أن الحكومة تضمن له التقدم في السلك الوظيفي حتى مع الإجازة. أما أحمد خالد مهندس اتصالات، قال: يبدو أن آباء اليوم عادوا للتمسك بالمثل القديم إن فاتك الميري اتمرمغ في ترابه عند البحث لأبنائهم على وظيفة خاصة الذكور بحثا عن مستقبل أفضل خاصة عند التقدم للزواج. خاصة مع المشكلات الاقتصادية التي تمر بها غالبية الشركات مما أدى إلى إغلاق بعضها تماما، أو اكتفاء بعدد عمالة محددة وتسريح الباقي بدون أدنى تقديرا للظروف الاقتصادية لهذا الجزء، مما أوقع جزءا كبيرا في مشكلات مادية واجتماعية بسبب التزامهم بأقساط مادية وإيجارات شققهم السكنية. مصطفى خليل محاسب 28 سنة قال: كلما تقدمت لخطبة فتاة قوبلت بالرفض، على الرغم من أنني أعمل في إحدى الشركات الخاصة براتب 3000 جنيه، إلا أن الأزمات الاقتصادية التي تعرضت لها مصر في المرحلة الأخيرة أعادت المفاهيم القديمة لدى أولياء الأمور حتى مع الرواتب العالية في القطاع الخاص المهدد بالغلق. وقالت دينا عزمي مدرسة: كان والدي يقبل الجلوس مع أي عريس يتقدم لخطبتي حتى وإن كان يمتلك شقة إيجار مادام راتبه يكفي لحياة كريمة، واليوم يرفض أي عريس يتقدم لخطبتي مادام لا يمتلك شقة تمليك، والرد الذي أصبحت أحفظه عن ظهر قلب هو ماذا لو استغنى عنه صاحب العمل، ومن أين سيستطيع توفير احتياجات منزله؟!.