في اللحظة الحرجة التي تمرّ بها مصر اليوم، يبدو الإعلام مطالبًا بأدوار تتجاوز وظيفته التقليدية بكثير. فغياب الدور الفعّال للأحزاب وضعف حضور البرلمان حمّلا الإعلام عبئًا مزدوجًا: أن يكون وسيطًا بين الدولة والمواطن، وشارحًا للسياسات، وناقلًا للإنجاز، وأيضًا ناقدًا مهذبًا يشير إلى مواطن القصور دون تهويل أو تزييف. غير أن السؤال الجوهري يظل مطروحًا: هل قدّم الإعلام المصري ما يكفي ليملأ هذا الفراغ؟ وهل نجح في أن يكون صوت الناس، لا مجرد صدى للبيانات الرسمية؟
لقد أنجزت الدولة في السنوات الأخيرة محاولات مهمة ل إعادة تنظيم المشهد الإعلامي وضبط الفوضى التي كانت تعصف بالمجال العام؛ فتمّت إعادة هيكلة مؤسسات، وتطوير منصّات، ورفع كفاءة المحتوى في بعض المواقع والفضائيات..
وواجه الإعلام حملات الشائعات الممنهجة في أوقات شديدة الحساسية، من أزمة كورونا إلى الأزمات الاقتصادية وتقلبات سعر الصرف، واستطاعت بعض البرامج الحفاظ على صلة ثابتة بالمواطن، تشرح وتفسّر وتبسط وتطوّق بؤر القلق. ومع ذلك، تبقى الهوّة قائمة بين ما يُقدَّم وبين ما ينبغي أن يُقدَّم، وبين ما ينتظره المواطن وما يستلمه فعليًا من لغة وأسلوب وصياغة.
فالإعلام المطلوب اليوم ليس إعلام الشرح من أعلى، ولا إعلام الاستهلاك السريع، بل إعلام التحليل العميق الذي يسأل قبل أن يجيب، ويكشف قبل أن يجمّل، ويفتح النوافذ ليعبر الهواء النقي، لا ليُغلقها بدافع الحذر أو المبالغة في الانضباط.
المواطن لم يعد يطلب من يخبره بما حدث فقط، بل من يشرح لماذا حدث، وما البدائل، وما الخطط، وما السياق الأوسع الذي يجعل القرارات مفهومة ومقنعة. وهنا تظهر الفجوة بين الإعلام الذي يكتفي بالتقرير وبين الإعلام الذي يصنع وعيًا ويمنع التوتر ويعيد الناس إلى أرض الحقيقة.
ورغم ما قامت به الدولة من توسعة للبنية الإعلامية وتنظيم لملكيات القنوات وإطلاق منصّات رقمية حديثة، فإن غياب الإعلام الاستقصائي الجاد ما يزال ثغرة كبيرة، وكذلك غياب المناظرات والحوارات الصريحة التي تجمع الخبراء ووجهات النظر المختلفة، فالتعددية ليست رفاهية، بل ضرورة لتكوين رأي عام متوازن لا يستسلم للشائعات ولا يبتلع رواية واحدة دون فحص.
الفراغ السياسي الذي تركته الأحزاب يجب أن يملأه إعلام مهني لا يهوّن ولا يهوّل، إعلام يقترب من الناس، يفهم أوجاعهم، ويتواصل معهم بلغتهم، ويحترم عقل المتلقي، فلا يكتفي بالثناء على الإنجازات دون أن يطرح الأسئلة الضرورية حول أسباب القصور وسبل الإصلاح.
ولكي ينجح أي إعلام حقيقي، لا بد أن يقوم على أعمدة ثابتة: حرية مسئولة لا تنفلت ولا تنكمش، معرفة راسخة تصنع تحليلًا لا ضوضاء، مهنية تُقنع لا تُزخرف، قدرة على الانصات للمواطن قبل تقديم النصائح إليه، وخطاب يوازن بصدق بين ما تم إنجازه وما لم يتم، لأن المبالغة في الإيجابيات تُفقد الثقة، فيما المبالغة في السلبيات تُفقد الأمل، والناس لا يريدون مبالغة من أي نوع، بل يريدون الحقيقة التي تمنحهم القدرة على الصمود والفهم والتقدير. متزعلوش.. فالقلب هو الضحية! الصحافة القومية.. تكريم الرموز وتجديد الدماء! إن الإعلام المصري اليوم أمام فرصة كبيرة لاختبار نفسه في ظرف استثنائي. وإذا استطاع أن يتحرر من خطاب التلقين إلى خطاب الحوار، ومن الأحادية إلى التعدد، ومن التكرار إلى التحليل، فإنه سيغدو شريكًا حقيقيًا للدولة في عبور الأزمات، وسندًا للمجتمع في مواجهة الضغوط المتراكمة، وجسرًا واثقًا بين المواطن وصانع القرار. أما إذا ظل حبيس اللغة القديمة التي تشرح أكثر مما تُقنع، فتلك ستكون خسارة مزدوجة: خسارة للوعي العام، وخسارة لفرصة تاريخية كان يمكن فيها للإعلام أن يؤدي دورًا أكبر بكثير من دوره التقليدي. وهذه -في النهاية- هي اللحظة التي ينبغي أن يجيب فيها الإعلام عن سؤال واحد: هل يريد أن يكون لافتة تُزيّن القرارات، أم ضمير وطن يُصحّح المسار ويحفظ البوصلة؟ ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا