تُرى ما أهم مقومات إصلاح الإعلام؟ وهل تتوفر الإرادة الحقيقية لذلك الإصلاح؟ هل تتدفق المعلومات بسهولة ويسر لتمنح الصحفي أدوات المعرفة؟ هل العنصر البشري مؤهل بما يكفي لقيادة التطوير لا مجرد التكيّف معه؟ ثم، هل صيغة الملكية والإدارة الراهنة هي الأنسب، أم أننا بحاجة إلى فصلٍ واضح بين الإدارة والتحرير حتى يستقيم الميزان وتستعاد المهنية؟ أسئلة تتقدم المشهد وتستحق أن تُطرح بجدية، لأن إصلاح الإعلام ليس ترفًا تنظيريًا ولا رفاهية فكرية، بل مسألة وجود لدولة تريد أن تُحصّن وعيها العام من التآكل وأن تستعيد ثقة الناس في الكلمة والإشارة والصورة.
وحسنًا فعلت الدولة حين وضعت يدها على موطن الداء، ورأت أن الإصلاح لم يعد خيارًا مؤجلًا، بل ضرورة تُحتّمها مسؤولية التنوير وتصحيح الوعي وصيانة الرأي العام من شرور السيولة الإلكترونية على منصّات التواصل التي لا تحكمها معايير، ولا تُؤتمن على عقل أو وعي. لقد تعلّمنا أن رسالة الإعلام أن يكون مرآة للحقيقة وعدسة للمجتمع على ما يجري فيه، لا بالأنفعال أو الهوى، بل بالبحث والفحص والمعلومة الصادقة والتحليل الموضوعي. فالخبر واجب، لكن الصدق شرط، والتحليل ضرورة، والضمير بوابة لا يجوز الالتفاف عليها. وحين يستقيم الإعلام، يتحول إلى ضمير عام يزن المصلحة الوطنية بميزان العدل والدقة، يحمي حرية التعبير ويحفظ الأمن القومي في آن واحد، يدافع عن خصوصية الناس، ويفتح النوافذ للهواء النقي، ويمنع أن تتحول الشفافية إلى فوضى. فالإعلام في الدول المدنية الحديثة ليس زينة ديمقراطية تُعرض وقت الحاجة، بل أحد الأعمدة الصلبة التي تقوم عليها الدولة الحديثة. فكيف لمجتمع أن ينضج رأيه العام بلا إعلام يراقب البرلمانات والحكومات؟ من أين يأتي وعي الناس أن غابت العين اليقظة التي ترصد مواطن الخلل كما تحتفي بالإنجاز؟ ومن ينقل نبض الشارع إلى صانع القرار، ويشرح قرارات الدولة للمواطنين بلغة الفهم لا بلغة التنافر؟ كيف يمكن أن تقوم حياة سياسية وبرلمانية واجتماعية صحيّة إذا غاب الإعلام القادر على طرح أسئلة الوقت، تلك التي لا مفر منها، لصيانة التجربة وحراستها حتى من غلوّ أنصارها وداعميها؟ أن الحديث عن إصلاح الإعلام لا ينفصل عن سؤال الكفاءة قبل سؤال النوايا. فالإرادة السياسية وحدها لا تكفي أن لم تصحبها إرادة مهنية تُعيد الاعتبار للصحفي الحقيقي، وتغنيه ماديًّا وتوفر له مقومات الإبداع والإتقان.. فالمحرر الحقيقي هو الذي يبحث ويدقق ويحلل قبل أن يكتب. فالقضية في جوهرها ليست أدوات ولا منصات، بل عقولًا تصنع المعنى وتتحمل مسؤولية الكلمة في زمن تهاوت فيه الحدود بين الخبر والإشاعة. أولى ركائز الإصلاح هي تدفق المعلومات بشفافية وسهولة، لأن الإعلام لا يعيش في الفراغ، ولا يمكن أن يؤدي رسالته بعين معصوبة. لا بناء لوعيٍ عام من دون حقٍّ في المعرفة، ولا تطويرًا للمهنة ما لم تتغير الثقافة التي تتعامل مع المعلومة وكأنها سرّ مقدس. فالمعلومات التي تُحجب تُولد شائعات، والمجتمعات التي تُغلق نوافذها على نفسها تُصبح صدى لا صوتًا. ثم تأتي الركيزة الثانية: تأهيل العنصر البشري. فالإعلامي ليس ناقلًا لما يقال، بل صانع وعي ومُشكّل رأي. لا بد من تدريب متصل، ومناهج تُعيد تعريف الصحافة باعتبارها علمًا للبحث والتحليل لا للتصفيق أو الهجوم. الإصلاح الحقيقي يبدأ من القاعة قبل المطبعة، من غرفة الأخبار قبل المنصة.
أما الركيزة الثالثة فهي إعادة النظر في صيغة الملكية والإدارة، إذ لا يمكن لوسيلة إعلام أن تُنتج الوعي وهي أسيرة لمعادلات الإعلان أو النفوذ. الإصلاح الجاد يقتضي فصل الإدارة عن التحرير فصلًا يحمي القرار المهني من الحسابات التجارية والسياسية، حتى تستقيم الكلمة وتسترد الصحافة دورها كخدمة عامة لا كسلعة.
ويظلّ التحول الرقمي أحد المفاتيح الجوهرية، لا بوصفه تقنية، بل ثقافة جديدة في التفكير والنشر والتفاعل. الإصلاح لا يعني منافسة السوشيال ميديا على سرعتها، بل استعادة ثقة الجمهور بعمق المعلومة وصدقها. فالتكنولوجيا وسيلة، لكن الوعي هو الهدف. إعلاميون بالصدفة! أين صوت الناس في لجان الشيوخ! وفي النهاية، لا يُصلح الإعلام إلا بالإيمان بأنه شريك في صناعة المستقبل، لا مجرد متفرج على أحداثه. إصلاح الإعلام ليس دفاعًا عن مهنة فحسب، بل حماية لوعي الأمة وضمان لاستمرار الدولة في مسارها المتزن بين حرية التعبير ومسؤولية البناء. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا