كم حزبًا في مصر يعرف المواطن أسماءها؟ بل لعل السؤال الأعمق: هل يعرف أحد شيئًا عن برامجها أو مبادئها أو وجوهها البارزة؟ إننا أمام مشهدٍ سياسيٍّ تتزاحم فيه اللافتات وتغيب فيه الملامح، أحزاب على الورق أكثر منها على أرض الواقع، حتى غدا الانتماء الحزبي فعلًا غامضًا لا يجد طريقه إلى وجدان الناس. وهنا يثور تساؤل منطقي آخر: هل يُنتظر من الأحزاب أن تُولد قوية مهيمنة من أول لحظة؟ أم أن الأصل أن تبدأ صغيرةً، تنمو تدريجيًّا، وتكسب ثقة الشارع عبر الممارسة، لا بالتصريحات؟ فالأحزاب في جوهرها لا تُمنح القوة بقرار، بل تكتسبها من القاعدة إلى القمة، من الناس لا من المكاتب المغلقة، من الميدان لا من المنصات الإعلامية. هكذا وُلدت الأحزاب الكبرى في العالم، من رحم المجتمع واحتياجاته، لا من أوراق الترخيص، فكبرت لأنها عبّرت عن المواطن لا عن النخبة، واستمدت بقاءها من تفاعلها مع قضايا الناس، لا من قربها من السلطة. إن إصلاح الحياة الحزبية لا يكون بكثرة الأسماء، بل بعمق التأثير، ولا بتحالفات صورية، بل بمنافسة حقيقية على خدمة الوطن. فحين تتلاقى إرادة الدولة مع وعي المواطن، سيولد من بين هذه التجارب الحزبية ما يستحق أن يقود ويعبّر ويُحدث التغيير المنشود. النائبة أميرة أبو شقة تحدثت بلسان المواطن العادي، فأصابت جوهر المشكلة التي تعانيها الحياة الحزبية في مصر؛ إذ كيف يمكن أن يكون لدينا أكثر من مائة وعشرة أحزاب، بينما لا يعرف المواطن عن أغلبها شيئًا: لا برامجها، ولا مبادئها، ولا حتى طرق الانضمام إليها؟ إننا أمام منظومة لا يمكن وصفها بالمعيبة بقدر ما هي تحتاج إلى إعادة نظر شاملة، مراجعة تصحح المسار وتعيد للأحزاب دورها الطبيعي في تشكيل الوعي والمشاركة في الحكم والمعارضة على السواء. وقد جاءت رؤية النائبة لتعيد إلى الأذهان ما نادى به كثير من المخلصين منذ سنوات طويلة، وهو ضرورة إعادة هيكلة الحياة الحزبية لتواكب ما هو معمول به في أعرق الديمقراطيات العالمية؛ فها هي الولاياتالمتحدة وبريطانيا تمثلان نموذجين واضحين لتجربة حزبية ناضجة، يتنافس فيها حزبان أو ثلاثة بوضوح وشفافية، يعرف المواطن أسماءهم وبرامجهم، ويحاسبهم حين يخطئون، ويكافئهم حين يصيبون. فلماذا لا نسير على النهج ذاته؟ لماذا لا تُدمج هذه الأحزاب المتناثرة عديمة التأثير في كيانات كبرى ذات برامج حقيقية ورؤى وطنية واضحة، بحيث يصبح لدينا حزب أو حزبان فاعلان يتناوبان على ممارسة الحكم والمعارضة في إطار ديمقراطي رشيد؟ إن التاريخ المصري نفسه يقدم لنا درسًا بالغ الدلالة؛ ففي أزهى فترات الليبرالية السياسية في أوائل القرن العشرين، كانت أحزاب مثل الوفد وعدد قليل من الكيانات السياسية الأخرى تتصدر المشهد، تقود الرأي العام، وتحرك الحياة النيابية، وتمنح المواطن شعورًا حقيقيًا بالمشاركة والانتماء. صفاء النية.. فضيلة مفقودة! نحن وهم ! تجديد الحياة الحزبية في مصر ليس ترفًا، بل ضرورة وطنية، حتى تستعيد الأحزاب ثقة الشارع، وتتحول من لافتات بلا مضمون إلى قوى سياسية حقيقية تساهم في بناء دولة عصرية قوية، تسع الجميع وتستمد شرعيتها من وعي الشعب لا من أوراق الترخيص.. الأحزاب تبدأ من الشارع يا سادة. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا