أكد فنانو ومثقفو مصر أن وزارة الثقافة - بدورها التنويري- هي الشرارة الأولى التي حررت مصر، وأجلت عنها النظام الفاشي لجماعة الإخوان الذين كانوا يسعون لطمس هوية مصر المدنية، مؤكدين أن المرحلة الانتقالية المقبلة هي التحدي الأكبر في عودة مكانة مصر ودورها الريادي والسيادي وسط دول العالم. وفي إطار ما سبق، أكدت الدكتورة إيناس عبدالدايم - رئيس دار الأوبرا السابقة- أنها كانت الشرارة الأولى التي فجرت الموقف بين المثقفين والفنانين ووزير ثقافة الإخوان، وذلك بعد قيام علاء عبد العزيز وزير الثقافة السابق بإنهاء انتدابها من رئاسة دار الأوبرا، وتعيين أحد كوادر جماعة الإخوان. وقالت: "إنهاء انتدابي كشف الغطاء عن مخطط الجماعة في تنفيذ مشروع أخونة وزارة الثقافة، وباعتصام الفنانين والمثقفين داخل مقر وزارة الثقافة ابتداءً من يوم 5 يونيو الماضى، كان اليوم الفاصل في وقف الزحف الإخوانى على الهيئات والمؤسسات الثقافية المصرية". ورأت أن "فناني ومثقفي مصر وقفوا كحائط صد أمام قوى الجهل لكشف حقيقتهم المزيفة من خلال وسائل الإعلام، على الرغم مما تعرضنا له من تهديدات وإساءات وتشويه للسمعة، فقد أزاح اعتصام وزارة الثقافة الستار عن الوجه الآخر لجماعة الإخوان، وأظهر للعالم ارتباطهم بالعنف والإرهاب، وتمثل ذلك في اعتدائهم على رموز الحركة الوطنية المصرية بوزارة الثقافة ومحاولة فض اعتصامهم بالقوة والعنف". وأشارت إلى أن مفهوم العمل الثقافي تغير بعد ثورة 30 يونيو، لذا على الفنانين والمثقفين بذل جهد لإعادة الالتحام مع الشارع المصرى، والتوجه إلى الأقاليم، معربة عن تفاؤلها بعد سقوط حكم الإخوان الفاشي، مؤكدة أن جميع المؤسسات سواء كانت القوات المسلحة أو وزارة الداخلية والأحزاب السياسية على اختلاف توجهاتها وأيضًا الفنانين والمثقفين والإعلاميين، سوف يعملون لإصلاح ما أفسده الإخوان. بدوره، أوضح الفنان سامح الصريطي أن اعتصام الفنانين والمثقفين كشف للناس مخطط جماعة الإخوان المسلمين في السيطرة على الثقافة المصرية والعمل على طمس هويتها، فقد ساعد الاعتصام على حشد الجماهير، وذلك يرجع إلى حب الناس للفنان والمثقف الذي يعبر عن آرائهم وأفكارهم ومعاناتهم في الحياة وتجسيدها على شاشات السينما أو على صفحات الروايات، مشيرًا إلى أن الفنانين هم ضمير الأمة والمعبرون عن إرادتها الحقيقية. وشدد الصريطي على أنه "كان لابد أن نقف يدا واحدة في وجه النظام الفاشي الذي سعينا جميعا لإسقاطه منذ شعرنا أن محمد مرسي غير قادر وغير مؤهل لرئاسة دولة بحجم مصر، فكان لزاما علينا كشف زيف ونفاق هذا النظام". في حين، أشار المخرج ناصر عبد المنعم إلى أن ثورة 30 يونيو وضعت المثقفين -لأول مرة - في مكانهم الحقيقي، في طليعة الشعب، فالشعب دائمًا كان يسبق النخب السياسية والثقافية بنضاله ضد القهر والطغيان، ولكن اعتصام وزارة الثقافة أعاد المعادلة إلى وضعها، فقد لعب الفنانون والمثقفون دورا كبيرا في استرداد مصر من نظام كان يسعى فقط للتمكين وتنفيذ مخطط الأخونة. وأضاف "عبد المنعم" أنه حينما اعتصم الفنانون والمثقفون داخل مقر وزارة الثقافة كان مطلبهم ليس فقط إقالة وزير الثقافة ولكن إسقاط النظام، وقد تحققت أمنية الشعب ورحل النظام بعد مرور شهر من بدء اعتصامنا، وثورة 30 يونيو حدث تاريخى سيذكره التاريخ فيما يتعلق بدور الثقافة والمثقفين، والتي أعادت المثقف إلى دوره العضوي والحقيقي في تعبيره عن قضايا وطنه وهموم شعبه. وأوضح أن المرحلة الانتقالية ستكون أفضل، بجعل مصر دولة مدنية تحترم التعدد والثقافات المختلفة وكل الأطياف، يشترك الجميع في صياغة حاضرها ومستقبلها، دون إقصاء لأحد، فقد تحررت مصر بعد جلاء الإخوان عنها، مؤكدًا أن المرحلة المقبلة هي الأصعب في عمر الوطن؛ لأنها تعتمد على تقديم تنازلات من جانب جميع التيارات والأحزاب للعمل على بناء الوطن، والحفاظ على هويته الثقافية التي حاول الإخوان طمسها من خلال محاولات الاختراق والتشويه للرموز الوطنية. بينما تطرق الدكتور أحمد مجاهد - رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب سابقا- إلى أن ثورة 30 يونيو وحدت جموع الفنانين والمثقفين منذ بداية اعتصامهم في 5 يونيو الماضى داخل مقر وزارة الثقافة، وهى المرة الأولى التي تتوحد فيها كلمة المثقفين بعد 1967، فقد كشف معتصمو الثقافة للمصريين، موضحًا أن "الإخوان" ليست جماعة دينية دعوية، بل حزب لا يبحث إلا عن تحقيق مصالحه الشخصية. ونوه بأنه متفائل من الاتفاق الذي تم بين كل القوى الوطنية على الخطوط العريضة لإدارة المرحلة الانتقالية المقبلة، وذلك بعد بيان الفريق أول عبد الفتاح السيسي، مؤكدًا أن الشقاق الذي حدث بين القوى السياسية بعد ثورة 25 يناير والذي نتج عنه وصول الإخوان للحكم لن يتكرر مرة أخرى فقد استفادت المعارضة من أخطائها.