حالة من الجدل أثارها ظهور بعض أغاني المهرجانات مما تحمل في كلماتها بعض الإيحاءات والألفاظ الخارجة، الأمر الذي قوبل بالرفض من قبل المعنيين والقائمين على تنظيم العمل الفني، فصحبها قرار من الفنان هاني شاكر نقيب الموسيقيين بمنع مطربي المهرجانات، ولكن وفق العادة الشائعة «الممنوع مرغوب»، فقد خرجت أغنيات أخرى أكثر فجاجة على مواقع «الساوند كلاود» و«اليوتيوب»، حازت على ملايين المشاهدات في أيام قليلة. حلمي بكر: "لو أغاني المهرجانات بتعبر عن الزمان اللي بنعيشه يبقى عليه العوض" السبت 22 فبراير 2020 مطربو المهرجانات يفوزون في معركتهم مع هاني شاكر.. الشهرة وعدد المشاهدات أبرز المكاسب السبت 22 فبراير 2020
حقيقة الأمر أن هذه النوعية من الأغانى لم تكن وليدة اليوم وظهورها لم يكن مرتبطًا بالتطور التكنولوجي كما يتصور البعض، بل هي قديمة بقدم الزمن، وأدى هذا اللون الذي نراه خارجًا عن الذوق العام، أباطرة الغناء والفن، ممن يعدوا قامات فنية وغنائية على مرالعصور.
أم كلثوم كوكب الشرق أم كلثوم لم تنج من الهجوم بسبب كلمات إحدى أغانيهاالتي شدت بها في بداية مسيرتها الغنائية، فقد تعرضت أغنية «أنا الخلاعة والدلاعة مذهبي» للقص والتعديل ثم همشت حتى طواها النسيان، لما كان فيها شيء من اللوعة الجنسية والميوعة التي لاءمت حفلات الخديوي إسماعيل الشهيرة –آنذاك-، وقد وأثارت الأغنية ضجة كبيرة وحاول الكثيرون إقناع أم كلثوم بضرورة سحب الاسطوانة، إلى ان اعترضت شركة التسجيل على ذلك وكان الحل أن الأغنية أعيد تسجيلها لتقول: «أنا اللطافة والخفة مذهبي»، وكان أداؤها باهتاً وتلقيها ضعيفاً مقارنة بالأصل”.
محمد عبد الوهاب موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، إسم كان ولا زال وسيظل محفورًا في أذهان عشاق الطرب الأصيل، هو الآخر كانت له كبواته الفنية، ففي عام 1951 غنى محمد عبد الوهاب من كلمات الشاعر الكبير حسين السيد إحدى الأغاني المثيرة للجدل والتي تعرضت للمنع والمصادرة عدة مرات قبل أن تجاز بعد ذلك و هي أغنية «الدنيا سيجارة وكاس»، وتقول كلمات الأغنية: «الدنيا سيجارة وكاس للى هجروه الناس.. يا ويل اللى مالهش كاس يا ويله اه يا ويله.. لما بيوعدنى حبيبى و يسوق عالقلب دلاله اشرب على قد نصيبى ولوحدى اناجى خياله.. الاقيه على وش الكاس جالى وساب كل الناس والدنيا.. يا شاغلنى وشاغل كاسى اهجرنى وزيد هجرانك عمرى فى هواك ما حقاسى مهما حا يطول حرمانك مهما ياخدوك الناس افكارى معاك حراس والدنيا سيجارة وكاس للى هجروه الناس».
حبيبة مسيكة في عام 1904 خرجت أغنية كانت بمثابة إنطلاقة لنوعية الأغاني الجنسية والخليعة، حينما قدمت المطربة التونسية «حبيبة مسيكة»، أغنية «أعطيني بوسة»، والتي كانت من أشهر مطربات جيلها وبعد نجاح هذه الأغنية، توالت أغانيها الجنسية إلى ان ثم طرحت أغنية «على سرير النوم دلعني».
منيرة المهدية ومن قبلها ظهرت كان للفنانة منيرة المهدية، دورها في تقديم هذا اللون من الأغاني، من أبرزها أغنية «بعد العشا يحلى الهزار والفرفشة»، وهي كانت من ألحان محمد القصبجي.
بهية المحلاوية قبل أكثر من 100 عام كانت أغاني، «هات الإزازة وأقعد لاعبني»، و«ساعة العشا يحلى الهزار والفرفشة»، وأيضا «ارخي الستارة اللي في ريحنا»، كانت تلك الأغاني خلال الفترة بين 1912 إلى 1919، للمطربة الشهيرة –آنذاك- «بهية المحلاوية»، التي إرتبط إسمها بهذا اللون من الكلمات الغنائية، وقد لاقت نجاح مما دفع شركة «أوديون» إحدى أهم شركات الأسطوانات حينها، لتسجيل أسطوانات لتلك المغنية، منها أسطوانة شهيرة وهي أسطوانة «رقص شفيقة»، والتي تعد من أكثر الأغاني الخليعة طيلة قرن من الزمان.
نعيمة المصرية بدأت زينب محمد إدريس، المعروفة باسم نعيمة المصرية، حياتها كمغنية أفراح وصالونات قبل أن يحتضنها سيد درويش ليلقنها أصول الغناء، والأغنية من ألحان زكريا أحمد وكلمات محمد يونس القاضي أحد رواد الأغاني الخليعة، إلا ان المفارقة أن يونس القاضي فيم بعد أصبح مسؤولا عن الرقابة في الغناء واشتهر بواقعته مع سيد درويش في أغنية «روح أسكر وتعالى عالبهلي»، ومن كلمات الاغنية: «هات الإزازة وأقعد لاعبني.. دي المزة طازة والحال عاجبني».
فأكثر من 100 عام من الأغاني الهابطة، اداها كبار وعمالقة الغناء والألحان والكلمات، فكل منهم يعد هرمًا فنيًا في مجاله، ولكن كل منهم لم يقابل أدائه بالمنع المطلق، حيث ان الفن لا يعرف الأبواب المغلقة، ولكن تم توجيهه من قبل سابقيه، وأعيد تهذيب الكلمات لتظل شاهدة على عصور فنية لازالت حاضرة رغم رحيلها.