سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اغتيال «القاهرة الخديوية».. توقف أعمال التطوير دون إبداء أسباب.. و300 عقار تراثى في انتظار التمويل.. إبراهيم محلب صاحب ضربة البداية.. الإهمال يبدأ بعد ترك جلال السعيد للمحافظة.. والصيانة كلمة السر
منذ خمس أعوام تقريبًا، وتحديدًا في بداية العام 2014 دشن المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء الأسبق مشروع تطوير القاهرة الخديوية من أجل إحياء منطقة وسط البلد، وكان من أهم أهداف المشروع إعادة الرونق وإبراز مظاهر الجمال في المباني السكنية بالمنطقة التاريخية. ووقع الاختيار على القاهرة الخديوية، لأنها تحفة فنية معمارية تقع بوسط العاصمة، وبسببها حملت القاهرة في الماضى لقب «باريس الشرق»، وذلك بسبب رغبة الخديو إسماعيل في تخطيط القاهرة كمدينة باريس بعد زيارته لها، وبالفعل استعان بالمهندس الفرنسى «هاوسمان» الذي خطط عاصمة النور «باريس» لتخطيط القاهرة الخديوية، لتصبح القاهرة أول مدينة مخططة في المنطقة العربية. وتم البدء في المشروع على عدة مراحل، حيث شملت المرحلة الأولى تطوير ميدان أحمد عرابى وشارع الألفى، وفى احتفالية كبرى تم افتتاح التطوير، وسرعان ما بدأت المرحلة الثانية في التنفيذ، التي شملت تطوير ميادين عابدين ورمسيس والتحرير وطلعت حرب، وشارع سراى الأزبكية والشواربى وممر بهلر، وتم رفع كفاءة العقارات التراثية، وإعادة مظهرها مثلما كانت في الماضى. ومع نهاية تنفيذ المرحلة الثانية، أزيح الستار عن الجمال الذي كان مدفونا بشوارع وسط البلد، وبدأ الجميع يتحدث عن جمال عقارات وسط البلد، وأن هذه التحفة المعمارية في مصر وليس بالخارج، وكان هناك مخطط أن تصبح وسط البلد نموذجا منفردا للتطوير، حيث كان سيتم تدريب العاملين بالمحال المتواجدة بها على «الإتيكيت»، كما كان سيتم توحيد ملابسهم، إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهى السفن، فالمشروع الذي كان مشروعا قوميا في يوم من الأيام دخل في طى النسيان الآن، وضرب الإهمال شوارع وسط البلد مرة أخرى. 25 شارعا من جانبها أكدت الدكتورة سهير حواس، أستاذ العمارة والتصميم العمرانى بجامعة القاهرة أنه في بداية تدشين المشروع كان هناك اهتمام قوي من الدولة لإحياء القيم التراثية لشوارع وسط البلد، لافتة إلى أنها تضم 35 شارعا وميدانا، وعقارات ذات تراث معمارى متميز صممت بشكل مدبب أو دائرى لتحديد شكل الشوارع، واصفة وسط البلد ب«متحف مفتوح» لأساتذة العمارة. «د. سهير» أوضحت أنها «عملت بشكل تطوعي في مشروع القاهرة الخديوية، إيمانا من أهمية إحياء الجمال المتواجد بعقارات وسط البلد»، مشيرة إلى أنه بالفعل تم التطوير، وأصبحت القاهرة الخديوية حديث الساعة، معربة عن حزنها لما وصلت إليه الآن بسبب إهمال الصيانة، كما أشارت إلى أنه في عهد الدكتور جلال السعيد المحافظ الأسبق، كانت تقوم بجولتين صباحية ومسائية بالمنطقة لرصد أي مخالفات تشوه المنظر الجمالى، وكتابة تقرير بها وإخطار المحافظ، موضحة أن المخالفات كان يتم إزالتها خلال ساعات، وكان يتم صيانة ما يتم تطويره. وكشفت عن أنها خلال جولة لها خلال الأسابيع الماضية برفقة أصدقائها الألمان أصابتها حالة من الحسرة عند رؤيتها لشوارع وسط البلد وعودة الإهمال مرة أخرى لها، قائلة: «كنت مكسوفة وصديقى الألمانى بيصور عامود إنارة واقع على الأرض بمنطقة البورصة»، مشيرة إلى أن مظاهر الإهمال تمثلت في عدم نظافة الشوارع وتراكم القمامة ببالوعات تصريف مياه الأمطار مما تسبب في سدادها، فضلا عن فقدان أغطية غرف تفتيش، وقيام أصحاب المحال بتغطيتها بألواح رخام منعا لسقوط المارة، وإزالة الأشجار من شارع البورصة ووضع نبات «الفيكس»، وعودة «لافتات» الإعلانات على واجهة العقارات التراثية. وأكملت: هل هذه هي الشوارع التي كانت منذ عامين نظيفة لدرجة وصلت إلى فرش سجادة بشارع الألفى أثناء افتتاحه، مشددة على ضرورة متابعة أعمال الصيانة من أجل الحفاظ على ما تم تطويره مع الأخذ في الاعتبار الصيانة لن تكون مكلفة مادام في إطار الحفاظ، ولكن حال إصلاح التلفيات سيتكلف الأمر مبالغ طائلة، متساءلة لماذا لم يتم صيانة ما تم تطويره والحفاظ على المال العام وجهد من عملوا بإخلاص؟! المثير في الأمر هنا أن الإهمال لم يقف عند عدم صيانة ما تم تطويره، حيث تم الانتهاء من تطوير 200 عقار تراثى بتكلفة تصل إلى 500 مليون جنيه، لكن توقف المشروع دون سابق إنذار، وهناك 300 عقار تراثى بوسط البلد في انتظار التطوير، لكن مع توقف المشروع أصبح مصيرهم مجهولا. مصدر مسئول بمشروع تطوير القاهرة الخديوية بالمحافظة أكد أن عدم وجود تمويل هو السبب في عدم استكمال التطوير، وأن المحافظة تنتظر اتحاد البنوك لاستكمال تطوير العقارات المتبقية. "نقلا عن العدد الورقي..."