وبعد الفقر الأزلى وإفلاس الخزينة، وبعد أن جاءت الحزينة تفرح ولم تجد مطرحا، قرر الرئيس مرسى بحكمته الرزينة، أن يذهب إلى روسيا ليرمى ال»الهلب» قبل أن تغرق السفينة، لعله لا يحمل من الخير بعد عودته قنطارا واحدا بل درزينة، فكان ما سوف أحكيه فى السطور التالية «يا جدو ويا نينة»: بوتين يجلس مهموما فى الكريملين وتبدو عليه علامات التوتر والقلق الشديد.. فى هذه الأثناء يدخل عليه وزير خارجيته.. سيرجى لافروف مصبحا كعادته على بوتين: صباح توف وحتة فيتش على عيونك يا ريس بوتين - ثم يلاحظ الهم على ملامحه والانشغال - ويسأله: مالك يا ريس؟، شايل جورباتشوف على راسك وزاعق ليه!، ما عاش ولا كان اللى يزعلك يا قمر. بوتين بضيق واضح: لا عاش ولا كان.. يا خبيبى، وجاى لحد عندنا كمان. لافروف: مين ده وإحنا نمحيه من على وش الكون. بوتين مع زفرات حارة: دى واخد ريس مصرى جديد بيقولوا عليه واخد نخس معتبر، كل خته يزورها جيتو فيها مشاكلات كتير، وبسلامته عنده واخد طيارة مهيرو، كل شوية يركبها ويروخ واخد بلد يخرب بيت أهله ويمشى، أنا خايف منه لافروف وخايف على موسكو ييجى لها واخد زلزال.. واخد طوفان يقصف عمره. لافروف وقد تملكه الفزع: لا.. لا.. لا ماتخافش ريس معظم بوتين، أنت اهرب على منتجع بتاع «سوتشى» وإحنا نقول لواخد ريس مصرى يحصلك على هناك، واهو سوتشى لو حصل ونحسها وراهت فى داهية نبقى نعمل واحد منتجع تانى، إنما إحنا عندنا موسكو واخد بس لو نحسو نروح نقعد فين تانى يا ناس. يُسرّ بوتين كثيرا من اقتراح وزير خارجيته، ويهرب إلى منتجع « سوتشى»، وبينما يترجل الرئيس المصرى هو والوفد المرافق له من الطائرة يلاحظ أن بوتين ليس فى استقباله، فيميل على أذن الحداد ويهمس له قائلا: إيه ده يا حداد هم الروس هايعملوها فينا زى القطريين ولا إيه؟! إحنا شكلنا بقى زبالة خالص قدام العالم كله ، مش كفاية ما نزلناش فى العاصمة وجايبينا فى المطار ده اللى عامل زى مطار إمبابة عندنا، ما علينا.. وده مين ده كمان بوتين ده يا حداد؟ ولا واحد تانى؟ بس ده تخين وطويل عن اللى بنشوفه فى التليفزيون. الحداد مرتبكا: والله ما أنا عارف يا ريس بس باين عليه هو، هى شاشة التليفزيون بتبالغ دايما، مرة تكبر النفر ومرة تصغره، بص.. أنت قول له أهلا بالريس بوتين، لو لقيته بيسايرك يبقى هو بوتين، ولو مش هو، ها يقول لك أنا أبقى فلان. وقبل أن يقع مرسى فى المحظور.. يصعد رجل روسى يهمس فى أذن الحداد بكلمات وينزل، ليبادره مرسى بقوله: كان بيقول لك إيه الجدع اللى طلع ونزل بسرعة ده؟.. الحداد: بيقول لك الريس بوتين مستنيك فى المنتجع، وباعت لك مسئول أكبر منه عشان يستقبلك..«عمدة سوتشي» بذات بنفسه. مرسى وقد علته الدهشة ممتزجة بالغضب: يا سلام ؟! حتة عمدة أعلى من بوتين نفسه؟ إزاى الكلام ده يا حداد.. أنت خرفت ولا إيه ؟!.. الحداد مؤيدا: أنا برضه قلت له الكلام ده وشخطت فيه، قال لى: لأ يا ريس..العمدة ده يبقى جوز أم بوتين، وأنت عارف المثل بقى وحافظه كويس «اللى يتجوز أمى أقول له يا عمى»، شوف بقى بوتين بجلالة قدره بيقول للراجل ده يا عمى .. وباعتهولك يستقبلك .. شوف بقى يبقى مقامك عنده قد إيه؟.. مرسى وقد كست وجهه ضحكة طفولية: يا سلام .. ابن أصول والله - ثم يأخذ عمدة سوتشى بالحضن - أهلا يابا العمدة.. مرحب مرحب. يصل مرسى إلى المنتجع ويستقبله بوتين استقبالا فاترا، ثم يجلسه على مسافة غير قريبة منه ويتعمد وهو يحدثه أن يشيح بوجهه عنه اتقاء لنحسه المزعوم، مرسى يستشعر عدم الارتياح فى لقائه ببوتين، ويقرر عشان القعدة تفك شوية أن يبدأ الحديث مداعبا: والله الجدع عمدة سوتشى ده يا ريس بوتين جدع أمارة واستقباله عسل ما يتخيرش عنك يا أمير. بوتين متحفظا: يا سيدي.. أخلين وسخلين. مرسى مستغربا: بس دا جدع صغير فى السن قوى يا بوتين باشا، ما كانش يليق بمقام ست الحاجة والدة فخامتكم، يا ريتك كنت قلت لى، كنت جوزتهالك جوازة لقطة، أبويا الحاج مهدى راجل كبارة ومرشد سابق قد الدنيا وحاجة تشرف. بوتين موجها كلامه للافروف: بيقول إيه الجدع دى سيرجيو، ست حاجة مين؟، وجوازة إيه، مرشد بتاع إيه؟.. لافروف يميل على أذن بوتين متعجبا: مش عارف والله ريس بوتين ، بس دا يمكن واحدة قريبته هاتتجوز وعايز يعزم فخامتك، وماله، قول له ماشى إن شاء الله، وكبر نافوخك، شوف يمكن عندو واحد مصلحة للبلد جاى يتكلم فيه مع فخامتكم. بوتين يفعل كما أشار عليه لافروف ويخاطب مرسى قائلا: خطوة عزيزة أخلين وسخلين، يا بخت مين زار وخفف. مرسى يرى أن يدخل فى الموضوع مباشرة: شوف يا فخامة الريس بوتين الحبيب..إحنا حالتنا وحشة خالص، وجايين واقعين فى عرضكم وطمعانين فى كرم دولتكم العظمى، يعنى تدونا غاز ماشى ، قمح ماشى، قرشين قروض على ألا تقل عن اتنين مليار دولار على ما تفرج ماشى، وأهو كله بثوابه وفوايده، وهنيا لك يا فاعل الخير، والأجر والثواب على الله. بوتين يخاطب نفسه بغيظ مكظوم: إيه واخد ريس شهات دى؟! دى نهس فعلا.. البلد جيتو خرابة من ساعة ما خط رجله فيها.. يا ساتر يا رب، دى لازم أمشى من هنا بسرعة لحسن ما نلاقيش ناكل زيهم وندور نشهت، وما حدش بيشهت حد اليومين دول، طيب يا ربى أعمل إيه.. لازم أرسم عليه إن إهنا هالتنا أصعب منهم .. يقوم يخلى عنده واخد دم وينكشح من هنا قبل ما يجيب لنا الفقر. بوتين مخاطبا مرسى: على الله، منين مرسى خبيبى، روسيا دى كان دولة عظمى زمان، بس الغاز بيشطب والعربيات وهياتك واقفين طوابير على المهطات ، والقمح اللى فى المخازن السوس كله، واللى فى الغيط صدا القمح بوظ المهصول يا خبيبى، والقرشين صرفناهم، دا أنا هتى قاعد فى المنتجع الزبالة دى بعد ما عملنا رهن للكرملين عشان نسدد ديوننا..إمال إهنا استقبلناك هنا ليه، وأنا قاعد معاك دلوقتى ومسرح جماعتى أم فلاديمير بتشتغل بره وتبعت لنا عملة صعبة عشان نلاحق على شعبنا.. إمال إنت فكرك إيه خبيبي. مرسى متصعبا: لا حول ولا قوة إلا بالله، والله أنا كان قلبى حاسس من ساعة ما جينا المنتجع الفقرى ده، بص أنا جوز الجزمة البنص اللميع اللى انت لابسه دا عاجبنى، هاتوا بقى نرجع بيه.. أهو يبقى خدنا حاجة منك والسلام. بوتين يسارع بخلع حذائه وإعطائه هدية لمرسى، الذى يودعه وهو يركب الطائرة قائلا: معلهش يا بوتين يا حبيبى..الفقر مش عيب.. ربنا يحنن عليك وعلينا، وهديتك مقبولة ياعم وأنا هاعمل بأصلى وأول ما أوصل مصر هابعت لك أحسن منها، هدية تنفعك فى ظروفك السودة دى... طائر النهضة العظيم.