قال النائب عمرو الجوهرى، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، إن مقترحه بشأن تفكيك الشركات القابضة وتوزيعها على الوزارات المختصة، يهدف الي وقف نزيف الفساد بها وتطويرها لتحقق مكاسب وأرباحًا. وأضاف، فى حواره ل "فيتو"، أن آليات تنفيذ ذلك المقترح تبدأ بإجراء دراسة دقيقة عن أوضاع تلك الشركات على أرض الواقع؛ للوقوف على كل بنود مواردها وإيراداتها وأصولها، لافتًا إلى إمكانية استعانة الوزير المختص بإدارات أجنبية لإدارة الشركات والقضاء على الفساد بها أو عقد شراكات مع "القطاع الخاص" ليسهم فى تكاليف التطوير، فى تلك الشركات ويقتسم الطرفان الأرباح. وتابع عضو مجلس النواب أن الفساد المستشرى داخل تلك الشركات وعدم الرقابة عليها، من أهم أسباب خسائرها، لافتًا إلى أنها مازالت تدار بعقلية الستينيات. وأوضح أنه فى حالة عدم تحقيق تلك الشركات مكاسب سنويا تصل إلى 100 مليار جنيه، "تبقى مكسبتش"، لافتًا إلى أن تلك الشركات هى اقتصاد مصر الحقيقى، ودعا إلى إلغاء وزارة قطاع الأعمال، بعد الانتهاء من توزيع كل الشركات على الوزارات المختصة... وإلى نص الحوار: - أعلنت مؤخرًا عن اقتراح برغبة بشأن تفكيك الشركات القابضة وتوزيعها على الوزارات المختصة، فما هو الهدف منه وتصوركم له؟ - الهدف هو إنقاذ تلك الشركات من الخسائر السنوية، ووقف نزيف الفساد بها، والعمل على تطويرها لتحقق إيرادات ومكاسب كبيرة، وبالتالى تخفف من عجز الموازنة العامة للدولة وتوفر فرص عمل جديدة. - كيف؟ شركات قطاع الأعمال تتكون من 8 شركات قابضة، وتضم نحو 122 شركة، فى مختلف المجالات، مثل القابضة للأدوية والقابضة للطرق والنقل والقابضة للغزل والنسيج والقابضة للسياحة والقابضة للتأمين والقابضة للأسمنت والقابضة للحديد والقابضة للملابس، وهذه الشركات تخسر بشكل مستمر. وأرى أن تلك الشركات تمثل اقتصاد مصر الحقيقى، حيث كان اقتصاد مصر يقوم على تلك الشركات فى فترة الستينيات والسبعينيات، وللأسف الشديد أصبحت تلك الشركات حاليًا عبئًا على الدولة، ولا أريد أن يصل الأمر بها إلى وجود اتجاه حكومى لخصخصتها على اعتبار أنها تخسر وتعد عبئًا على الدولة والموازنة العامة للدولة بسبب خسائرها المستمرة، وبالتالى توصلت إلى ذلك المقترح بتوزيع الشركات القابضة على الوزارات حسب تخصص كل منها، وذلك بعد فشل كل الحلول السابقة. - ماذا تقصد بالحلول السابقة؟ - الحلول التى تمت تجربتها مع هذه الشركات، ولم تنجح، مثل إنشاء وزارة لها، ثم ضمها لوزارة الاستثمار، ثم فصلها عن الاستثمار لتصبح وزارة قطاع الأعمال، كلها محاولات لإنقاذ تلك الشركات والنهوض بها إلا أنها لم تنجح.. وأرى أن الجميع يتحدث عن أن عدد وحجم العمالة هو الأزمة بتلك الشركات، ولكن المشكلة الحقيقية هى الفساد المستشرى فى القطاع العام، وعدم وجود إدارات جيدة، وعدم تطوير تلك المنظومة بجذب خبرات من الخارج والاستعانة بمعدات من الخارج فتلك الشركات مازالت تدار بعقلية الستينيات، ولا يوجد بها أى فكر لتسويق المنتجات من خلال معارض أو تسويق خارجى ودولى أو غيرها. - وما فائدة وأهمية ذلك المقترح من وجهة نظركم؟ - هناك فوائد عديدة من وراء ذلك المقترح، حيث سيتم توزيع الشركات على الوزارات المختصة، الأمر الذى سيضيف موارد وإيرادات لتلك الوزارات وأغلبها وزارات خدمية لا تحصل أى إيرادات، بالإضافة إلى أن تلك الوزارات المتخصصة فى مجال عمل أى من تلك الشركات، ستكون لها رؤية فى كيفية تطوير ومتابعة عمل تلك الشركات، والتعامل معها والسيطرة عليها وكيفية دفعها للأمام لكى تحقق مكاسب، حيث سيكون من حق الوزير المختص إعادة الهيكلة والاستعانة بإدارات أجنبية أو يدخل فى شراكات مع القطاع الخاص. - وهل ترى أن الفارق سيكون كبيرا بين تبعية الشركات لوزارة قطاع الأعمال وبين توزيعها على الوزارات، فى ظل السياسة العامة للحكومة التى تغلب عليها ذات الظواهر السلبية مثل البيروقراطية والروتين؟ - بالفعل سؤال منطقى، فالمشكلة لدينا فى الأشخاص، ولكن أرى أن التخصص مطلوب، فوزير قطاع الأعمال مهما كانت خبرته كبيرة فى مجال محدد، فهو لن يكون لديه خبرة فى مختلف مجالات تلك الشركات، وأتساءل: لماذا نضع عبء إدارة 120 شركة على وزير واحد هو وزير قطاع الأعمال، فى حين أنه يمكن توزيعها على الوزارات المختلفة حسب تخصص كل منها، خاصة أن هذه الشركات يوجد لها أصول فى جميع أنحاء مصر تتمثل فى مبان وعقارات وأراضٍ، ومنها الكسبان والخسران. وبالتالى سيكون هناك فارق كبير بين الوضع الحالى وبين توزيعها، فعلى سبيل المثال يتم توزيع الشركة القابضة للأدوية على "الصحة"، لتكون وزارة الصحة هى المنوطة بمتابعة عمل تلك الشركة وما تضمه من شركات تعمل فى مجال الأدوية، لتتابع عملها وآليات تطويرها واستغلال إنتاجها جيدًا بما يحقق عائدًا أفضل. وبالتالى أرى أن الخبرة والتخصص والقدرة الاستيعابية الشخصية للوزير، عوامل مهمة فى نجاح وتطوير الشركات القابضة، حيث بدلا من أن يتحمل وزير واحد أعباء 120 شركة، يتم توزيعها على 10 وزراء على الأقل، ليتمكن كل منهم، بحكم خبرته وتخصصه، من إدارتها بشكل جيد. - ولكن الشركات القابضة الحالية تتمتع باستقلالية نوعا ما فى رسم وتنفيذ سياساتها.. فلماذا يتحمل الوزراء سلبياتها؟ - بالفعل، الشركات القابضة تتمتع بجزء من الاستقلالية، ولكن فى النهاية هى تابعة للدولة، وعندما تخسر تؤثر سلبيا فى موازنة الدولة حيث تقترض من الموازنة العامة. - وما أسباب تلك الخسائر من وجهة نظركم؟ - الفساد المستشرى داخل تلك الشركات وعدم الرقابة عليها من أهم أسباب خسائرها، فمجلس الإدارة بأى من تلك الشركات لا يهتم بنجاح الشركة وتحقيق مكاسب وإيرادات، طالما لا يوجد من يحاسبهم، ولا يتم خصم مليم من راتبهم ومكافآتهم سواء خسرت الشركة أو كسبت. - وما حجم الخسائر التى تتكبدها تلك الشركات سنويا؟ - لا يوجد رقم معلن لتلك الخسائر، ولكن ما تم إعلانه مؤخرًا أن تلك الشركات البالغ عددها نحو 120 شركة، حققت مكاسب بلغت 7 مليارات جنيه، وهنا أرى أن ذلك المبلغ زهيد جدًا، وجاء نتيجة قرار تحرير سعر الصرف، خاصة أن شركة الشرقية للدخان فقط تحقق مكاسب سنويا تصل إلى 3 مليارات، كما أن شركات تداول الحاويات والموانئ تحقق أرباحًا أيضًا تصل إلى 4 مليارات جنيه سنويا، الأمر الذى يعنى أن مبلغ ال 7 مليارات المكاسب والأرباح، جاء من "شركتين أو ثلاث شركات" تحقق مكسبًا بشكل إجبارى دون أدنى مجهود من مجالس إداراتها أو العاملين بها، نظرًا لأنها تبيع سلعًا مطلوبة بالسوق، مثل السجائر أو تنقل حاويات وتعمل فى مجال الملاحة، وهو الأمر الذى أصبح يحقق أرباحًا أكثر بعد تحرير سعر الصرف.. ولكن باقى الشركات التى تنتج سلعًا أخرى لا تحقق أرباحًا، مثل شركات إنتاج الأسمنت والحديد والأدوية. وهنا أرى وفقًا لخبراتى الاقتصادية وعملى التجارى ودراستى للملف، أن تلك الشركات لو لم تحقق إيرادات تصل إلى 100 مليار سنويا، "تبقى ماكسبتش". - وماذا عن دور وزارة قطاع الأعمال بعد توزيع الشركات القابضة على الوزارات الأخرى؟ - أولا سيتم توزيع الشركات على الوزارات حسب تخصصها ومجال عملها، مثل الأدوية يتم توزيعها على وزارة الصحة، والحاويات والنقل والطرق على "النقل"، والقابضة للسياحة على "السياحة"، والقابضة للتأمين يتم توزيعها على "المالية"، والقابضة للأسمدة على "الزراعة"، وهكذا. ثانيًا، حال وجود شركات غير موزعة على الوزارات، يتم إدارتها عن طريق وزارة قطاع الأعمال، أما فى حالة توزيع كل الشركات، فيكون من الأفضل إلغاء وزارة قطاع الأعمال، وهو الأمر الذى يتماشى مع توجه تقليص عدد الوزارات الذى أؤيده بشدة، حيث أرى أن مصر يكفيها 21 وزارة فقط منها 3 وزارات سيادية. - وأين دور البرلمان فى مراقبة ومتابعة أداء تلك الشركات؟ - بالفعل البرلمان من حقه مراقبة ومتابعة أداء تلك الشركات البالغ عددها 122 شركة، ولكن وفقا لوضعها الحالى وتبعيتها لوزارة قطاع الأعمال، تكون تابعة لاختصاص لجنة الشئون الاقتصادية بالمجلس التى تتابع أيضًا باقى الملفات الاقتصادية والاستثمار والتموين، الأمر الذى يعنى أن ذلك يعد عبئًا أيضًا على البرلمان متمثلا فى اللجنة الاقتصادية التى عليها أن تتابع موازنات وأداء ال 120 شركة.. وهنا يأتى تنفيذ مقترح توزيع الشركات على الوزارات المختصة. - ألا ترى أن نقل تبعية تلك الشركات إلى بعض الوزارات سيمثل عبئا على تلك الوزارات؟ - بالعكس، لا يجب أن ننظر إلى هذه الشركات على أنها عبء، بل هى موارد لزيادة الدخل، "وأرى أن الوزير اللى مايعرفش يؤدى العمل الميدانى ويزود الدخل، يبقى مينفعش وزير". - وماذا عن تصوركم لآليات تنفيذ ذلك المقترح على أرض الواقع فى ظل السياسات الحالية للحكومة؟ - هناك عدة خطوات يجب القيام عقب الموافقة على مشروع القانون، تبدأ بأن يقوم كل وزير مختص سيئول إلى وزارته عدد من الشركات وفقا للقانون، بإجراء دراسة دقيقة عن أوضاع تلك الشركات على أرض الواقع، للوقوف على كل بنود مواردها وإيراداتها وأصولها، ثم يبحث الوزير مع قيادات الشركات سبل التطوير، وهنا يمنحه القانون أداتين تسهلان عليه إجراءات التطوير، الأولى إمكانية عقد شراكات مع "القطاع الخاص" ليسهم الأخير بتكاليف التطوير فى تلك الشركات ويقتسم الطرفان الأرباح، بحيث يكون ذلك فى إطار المشاركة المجتمعية ولا تكون مثل "الخصخصة"، خاصة أن هناك مشروع قانون يتم إعداده حاليا بشأن الشراكة مع القطاع الخاص. أما الأداة الثانية، فهى إمكانية الاستعانة بإدارة أجنبية، فى إدارة تلك الشركات، حيث يكون من حق الوزير المختص التعاقد مع أى من المؤسسات العالمية أو الأشخاص الاجانب، ليتولوا إدارة أى من تلك الشركات، مثلما يتعاقد ناد رياضى مع مدرب أجنبي، لتحقيق بطولات. - وما أهمية تلك الإدارات الأجنبية من وجهة نظركم؟ - هدف الاستعانة بتلك الإدارات الأجنبية هو القضاء على الفساد المستشرى داخل تلك الشركات، حيث إن مجالس إدارات أغلب تلك الشركات والمسئولين بها، يديرونها بنظام الشللية والمحسوبية. - وما حجم العمالة بتلك الشركات.. وهل سيتعرض أى منهم لأى ضرر وفقا لذلك المقترح؟ - حجم العمالة بجميع الشركات التابعة لقطاع الأعمال يصل إلى 220 ألف عامل، ولن يضار أى منهم خلال تنفيذ ذلك المقترح، حيث لن يتم الاستغناء عن أحد إلا ببلوغه المعاش القانونية، بل من المتوقع توفير فرص عمل خلال عمليات التطوير التى ستتطلب ضخ دماء جديدة فى منافذ البيع والمعارض التسويقية التى سيتم افتتاحها، وهنا أرى أن الأزمة بتلك الشركات ليس كثرة العمالة كما يرى البعض، وإنما الأزمة فى عدم القدرة على استغلال هذه العمالة جيدا، وهو الأمر الذى سينجح فيه القطاع الخاص بهدف الحفاظ على أمواله التى سيضخها بهدف التطوير، وكذلك ستحاول الإدارة الأجنبية التى ستدير الشركات تحقيقه أيضًا. - وما خطوات مناقشة ذلك المقترح داخل البرلمان.. ومتى يتم الانتهاء منه؟ - طالبت بتشكيل لجنة مشتركة من لجان الشئون الاقتصادية والخطة والموازنة والتجارة والصناعة، لدراسة ذلك الاقتراح الذى تقدمت به إلى لجنة الاقتراحات والشكاوى، نظرًا لأنه يتعلق بتخصص تلك اللجان، وحال موافقة تلك اللجنة المشتركة على المقترح وتحمس عدد كبير من النواب له، فسيتحول المقترح إلى مشروع قانون إعداده ومناقشته وإقراره داخل المجلس، وأرى من خلال حديثى مع عدد من النواب، أنهم متحمسون جدًا للاقتراح، خاصة أنه لا يوجد على الساحة حلول أخرى للنهوض بتلك الشركات، وأتمنى وجود مقترحات أخرى يتقدم بها آخرون.