أوشكت مهنة صناعة الأحذية اليدوية على الانقراض بعد الكساد الذي شابها وانتشار المصانع الحديثة. ففي حي الجمالية والتي يقبع فيها ورش متراصة صف واحد على الأرصفة ومن بينهم ورشة عم منصور الرجل الستيني الذي ظل يزاول المهنة منذ أن كان صبيا. وينزل عم منصور من بيته كل يوم في الصباح الباكر وهو متشبث بأمل الرجوع آخر النهار وفى جعبته ما يكفيه وأسرته من "لقمة عيش هنية"، حيث إن هذه المهنة أصبحت تسمى بمهنة المواسم على حد قول «عم منصور»: "الإقبال ما بيبقاش إلا في المواسم". وقال عم منصور: الصناعة الصينية واستيراد الأحذية الصينية أكلت السوق بسببها بقينا بنشتغل يوم وعشرة لأ عشان ما فيش إقبال. كان لشغف عم منصور بحرفة الأحذية اليدوية هو وغيره ممن يزوالوها قابضين عليها دور في إحياء الروح لحرفة شاخت قبل أوانها ودنت من أعتاب الاندثار. وقال: "أنا بشتغل الشغلانة دى عشان غاويها مش عشان ورثتها عن جد أو أب"، وعلق عم منصور على العائد الذي يعود عليه من تلك المهنة قائلا: "الشغل ما بيكفيش المصاريف بس الرزق على الله"، تمر الأيام ولا تزيد حرفة الأحذية اليدوية، وتراجع أعداد أصحابها لتكون في سبيلها إلى الاندثار في حين تكون فيه مصر في أمس الحاجة إلى الإنتاج المحلى.