وقع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اليوم، الثلاثاء، قرارًا جديدًا يحظر التمويل الأمريكي للمؤسسات الأجنبية التي تعمل في مجال الإجهاض كوسيلة لتنظيم الأسرة. قرار ترامب قرار الرئيس الأمريكي لا يعني تجريم الإجهاض في الولاياتالمتحدة؛ حيث صرح ترامب في عدة مناسبات أنه لن يمنع الإجهاض في أمريكا، لكن القرار أدى إلى حالة واسعة من انتقادات منظمات حقوق المرأة في أمريكا، وتخوفات من إلغاء الإجهاض في أمريكا. معركة نساء أمريكا وشهدت معركة نساء أمريكا مع حكومات البيت الأبيض عدة جولات بسبب قوانين الإجهاض؛ حيث كان الإجهاض يتم بشكل عادي في أمريكا، حتى عام 1880، العام الذي تم فيه استصدار قانون بمنع ممارسة الإجهاض، إلا في الحالات التي يكون فيها ضروريًا للحفاظ على حياة المرأة، وكان هذا القانون صدر بسبب انخفاض معدل المواليد من البيض في أواخر ثمانينات القرن التاسع عشر، ومن ثم، كانت الحكومة تريد رفع نسبة المواليد لأسباب عنصرية. موجة "الفيمينست" وفي أواخر ستينات القرن الماضي، مع ارتفاع موجة الحركات المدافعة عن حقوق المرأة "الفيمينست"، تأسست عام 1969، حركة سرية توفر للنساء عمليات إجهاض آمنة ورخيصة الثمن، وكان تلك الحركة تعمل بشكل سري، وأُطلق عليها اسم "جين". وونفذت تلك المنظمة ب 110 آلاف عملية إجهاض، منذ 1969 إلى 1973، وسبق تلك الحركة موجة كبيرة من المظاهرات والاحتجاجات المطالبة بتقنين الإجهاض. نيويورك أول ولاية تسمح بالإجهاض وفي سنة 1970، كانت نيويورك أول ولاية تلغي تجريم الإجهاض، وتلاها ولاية هاواي ثم واشنطن وعدد آخر من الولايات، ما دفع النساء القادرات ماديًا إلى التوجه لتلك الولايات للإجهاض، وظلت النساء غير القادرات يحصلن عليها بشكل غير قانوني. إلغاء تجريم الإجهاض وكان عام 1973 انتصارًا للحركة النسوية عندما أصدرت المحكمة العليا الأمريكية حكمها بإلغاء كافة القوانين المانعة للإجهاض في كل الولايات، وجعله قانونيًا، بحجة أن من حق المرأة تقرير ما إذا كانت تريد الإنجاب أم لا ومنذ عام 1973 وحتى 1992، تم تقديم عدد من الطعون على هذا القانون، قوبلت كلها بالرفض. منظمات المرأة ومنذ عام 1973 وحتى 2015، تم إدخال العديد من القوانين المنظمة لحكم المحكمة بتقنين الإجهاض، 500 منها في 2015 وحدها، منها ما هو متعلق بمنع الإجهاض في الأشهر الأخيرة من الحمل، ومنها ما يتعلق بتعريف مراحل نمو الجنين ومنع الإجهاض، بعد اكتمال نموه في الرحم بدعوة أن ذلك يعتبر قتلًا؛ لأنه أصبح إنسانًا كامل التكوين، ومنها ما يجرم الإجهاض عن طريق تناول الأدوية. وقد شهدت تلك القوانين حربًا شرسة ما بين منظمات المرأة ومنظمات حقوق الطفل والكونجرس لتنظيم الوضع. دوافع الإجهاض وتعتبر الحجة الأساسية التي تنادي بها منظمات حقوق المرأة على مر السنوات، هي أن تجريم الإجهاض ينتهك حقوق الفقيرات؛ لأن النساء المقتدرات يستطعن بكل سهولة التوجه إلى أية دولة أخرى لا تجرم الإجهاض، فتضطر هؤلاء الفقيرات إلى الحصول على الإجهاض في أماكن غير مجهزة على الوجه الأكمل، ما يجعل كثيرات منهن يصبن بمضاعفات أثناء العملية. والحجة الثانية، هي أن حصول المرأة على إجهاض بشكل قانوني هو حق من حقوقها الأساسية؛ فمعظم المؤسسات الدولية من بينها، الأممالمتحدة، تكفل حق الإجهاض للمرأة كحق من حقوقها الأساسية؛ فهن يرين أن تجريم الإجهاض يؤدي إلى خوف ويأس النساء، ما يدفعهن للإقدام على الإجهاض بأنفسهن، عن طريق تناول العقاقير أو استخدام أدوات حادة من شأنها إلحاق الضرر بالمرأة. معركة جديدة ويفتح قرار ترامب الباب لمعركة جديدة، خصوصًا أن موقفه على مدى السنوات لم يكن ثابتًا من قوانين الإجهاض، ففي التسعينات، كان من مؤيديه، وفي حملته الانتخابية، تم سؤاله عن الإجهاض، فقال:"لا بد من معاقبة أية امرأة تقدم على الإجهاض، إلا ما إذا كان الحمل ناجمًا عن اغتصاب أو زنا محارم، في حالة ما إذا تم تجريمه"، ولاقى هذا التصريح موجة من الإنتقادات، فعاد وقال:"الطبيب هو من يجب أن يعاقب وليس المرأة". ولا يزال الوضع ضبابي، فربما يقدم ترامب على استصدار قرار بتجريم الإجهاض في الولاياتالمتحدة، وهو إحتمال بدأت منظمات حقوق المرأة في الاستعداد له.