تفاوت الأسعار بين منتجات الشركات العالمية والمحلية سبب الأزمة.. و«الصحة» تتلاعب في الأسعار لصالح «الأجانب» ولجنة التسعير ترد: لا يوجد تلاعب ونلتزم بالقرار 499 «قرار تم تأجيله سنوات طويلة تفوق 15 عامًا».. جملة ينطق بها غالبية مصنعى الدواء، عندما يتم التحدث عن مطالبهم ب«رفع الأسعار»، وهو ما رضخت له الحكومة حيث تم تحريك السعر منذ عدة أشهر، غير أن هذه الحركة لم تأتِ على هوى مصنعى الدواء، الذين ضربتهم أزمة «العملة الصعبة» في مقتل، لدرجة دفعت البعض منهم للإشارة إلى أن ما أخذوه من الحكومة ب«اليد اليمنى» اقتلعه منهم «الدولار» ب«اليد اليسرى»، ليعود الأمر من جديد إلى «مربع الأزمة». خطوط إنتاج توقفت بالفعل عن العمل.. شركات عالمية تتحدث عن الخروج من السوق المصري.. مستوردون من الخارج ينسحبون – فعليا- من السوق المصري، والشركات تؤكد «المواد الخام قاربت على النفاد ولن يجد المصريون الدواء خلال أشهر قليلة»... الكوارث السابقة وجدت حكومة المهندس شريف إسماعيل، نفسها أمامها دون أية مقدمات، ارتبكت في بداية الأمر، للدرجة التي دفعتها- على لسان وزير الصحة الدكتور أحمد عماد- للحديث بأنه «لا زيادة في الأسعار». مرت أسابيع بعد تصريحات وزير الصحة، والأزمة لم تهدأ، بل تزايدت أعداد الأدوية التي تنضم ل«قوائم النواقص»، رئاسة الجمهورية من جانبها دخلت على خط الأزمة، وأعلنت تخصيص مبلغ لاستيراد عدد من العقاقير الناقصة، لكن الأزمة لم تنته، وهو الأمر الذي دفع الحكومة للدخول – وبشكل جاد – في مفاوضات مع مصنعى الدواء، والشركات العالمية، مفاوضات انتهت بالموافقة على الشروط التي فرضتها الشركات، والخاصة بزيادة أسعار الدواء على مراحل، ستة أشهر تحديدا. وبالتوازى مع هذا، تحاول الحكومة السيطرة على الارتفاع الكبير في أسعار الدواء والمتوقع أن يتزايد مع حلول عام 2017 حيث كشف مصدر مسئول، تحدثت إليه «فيتو» أن الدولة شكلت مؤخرا لجنة تشرف عليها إحدى الهيئات الرقابية بخلاف اللجنة الحكومية المشكلة برئاسة رئيس الوزراء شريف إسماعيل، تبحث دراسة تسعير كل الأدوية الموجودة في السوق المصري، خاصة أسعار الأدوية المستوردة والأدوية المحلية وعلاج تشوهات تسعير الدواء التي نتج عنها وجود أسعار مختلفة لنفس الدواء نتيجة اختلاف الشركات المنتجة له، الأمر الذي أدى إلى سيطرة عدد محدود من الشركات على غالبية أصناف الدواء الموجودة في السوق جعلها تتحكم في الأصناف المتوفرة والناقصة في السوق واحتكارها لسوق الدواء. ووفقا للمصدر ذاته، ستعمل اللجنة على وضع حلول عاجلة لتوفير الدواء، خاصة مع وجود توقعات بانسحاب عدد من الشركات الأجنبية من السوق المصرى بسبب ارتفاع سعر الدولار، مضيفا أنه لا بد من إعادة النظر وبشكل عاجل في أسعار الدواء والمواد الخام. «الوضع الحالى لسوق الدواء المصرى يعانى من تشوه في جميع أسعار المستحضرات داخل صندوق المثائل الموجود لدى إدارة الصيدلة بوزارة الصحة، مما أدى إلى وجود تفاوت في أسعار نفس المثائل رغم أنها لها نفس المادة الفعالة ونفس التركيز وأدى إلى وجود مئات آلاف المستحضرات لا تصنع بسبب تسعيرتها الخاسرة رغم ارتفاع أسعار مثائلها الخاسرة، حسبما أكد الصيدلى محمد غنيم رئيس نقابة «التول» مصنعى المستحضرات لدى الغير. والذي أوضح أن القرار الحالى للتسعير 499 لا تعمل به إدارة التسعير، مطالبا بضرورة إعادة تسعير المستحضر الأصلى للشركة ثم تسعير بقية المثائل بسعر من 60 إلى 70% من سعر المستحضر الأصلي، ما يؤدى إلى خفض أسعار عديد من الأدوية بدلا من زيادتها. صيدلى -تحفظ على ذكر اسمه- كشف عن ألاعيب الشركات والتي تتمثل في تقديم قوائم تكلفة مرتفعة الثمن إلى إدارة التسعير، لكى تحصل على تسعيرة أعلى، وهكذا فضلا عن الاتفاق مع مورد المادة الخام لإحضار فواتير تثبت رفع سعر المادة الخام، ومن الممكن أن يكون سعرها الحقيقى أقل من الموجود في الفاتورة لكى يحصل على تسعيرة أعلى للدواء. في ذات السياق قال الصيدلى هانى سامح: الفرق الكبير في الأسعار لنفس المنتج الدوائى لشركات مختلفة محلية وأجنبية، مثال على ذلك بأن المضاد الحيوى «أوجمنتين» من شركة «جلاكسو سميث كلاين» سعره 64 جنيهًا، بينما مثيله من شركة خاصة وهى سيجما (CLAVOSIGMA) سعره 20 جنيها بسبب ترتيبها الأخير في قائمة التسجيل، بينما في شركة أمون سعره 50 جنيها وفي شركة جلفار سعره 32 جنيها، ومثال آخر عقار كريستور لعلاج ارتفاع الكوليسترول من شركة «استرازينكا» سعره 56 جنيها، بينما لشركة إيفا المصرية بتسعة جنيهات، بينما دواء (انجي) من شركة «شيرنج بلاو» الأجنبية لعلاج ارتفاع الدهون الضارة بسعر 82، بينما لشركة اكابى المحلية بسعر 16 جنيها فقط. وتابع حديثه: «تتيح إدارة الصيدلة لكل منتج أن يتم إنتاجه من قبل 10 شركات مصرية والشركة الأم الأجنبية منتجة العقار، وهى التي تنفرد بالسعر الأغلى نظرا لأنها صاحبة المنتج وتحاول تعويض ما تم إنفاقه على الدواء من أبحاث عليه لكى يحصل على موافقة هيئة الدواء الأمريكية، بينما ال10 شركات الأخرى المصرية يتم التسعير وفق قاعدة أن أول 5 شركات تقدم أوراقها تحصل على 65% من أدنى سعر متداول في العالم، بينما تحصل بقية الشركات المتقدمة على سعر 60%، وذلك للأدوية التي بدأ تسجيلها منذ عام 2012، وهى لم تنتج حتى الآن لأن مراحل التسجيل والتسعير تأخذ عدة سنوات، بينما الأدوية المتوفرة في السوق مسعرة منذ سنوات. وأضاف: النظام القديم في التسعير وفق قرار 314 لسنة 1991 المطبق على أغلب الأدوية المتوفرة في السوق حاليا، يشمل أول من يسجل الدواء يحصل على سعر 65% من سعر الدواء الأصلى في أقل دولة توفر الدواء، والشركة التي تتقدم بعده تنخفض 5% عن سعر الشركة التي تتقدمها وهكذا، وكان يحدث فيه تلاعب في ترتيب الشركات حتى تحصل على سعر الأعلى. كما أشار إلى أن قرار تسعير الدواء 499 لسنة 2012 به شوائب وإدارة التسعير بوزارة الصحة لكى ترضى مافيا الشركات، يتم التسعير وفقا لأقل سعر عالمى لمرجعية الدول المنصوص عليها القرار مكونة من 36 دولة، وأقلها سعرا هي الهند. وشدد على أنه في مصر لا يتم الالتزام أحيانا بأسعار القانون، خاصة أن الهند أسعارها متدنية تمثل رعبا لمافيا الدواء في مصر -حسب وصفه- الذين يضغطون للحصول على أعلى الأسعار، ويتم حساب نسب شركات التوزيع في السعر 8% كهامش ربح للشركة و15% ربح المصنع و20% ربح الصيدلية و11% بند تكاليف الأبحاث التي لا تجرى في واقع الأمر. وقال: التسعير على أرض الواقع يخضع لمركز قوة الشركة المتقدمة للتسعير إذا كانت من الشركات الكبرى فهى تملى شروطها على إدارة التسعير التي تستجيب لها، موضحا مثالا بعقار «الأوجمنتين ب 60 جنيها وأسعار مثائلة تصل إلى 8 جنيهات و10 جنيهات»، موضحا أن قوانين التسعير الحالية تكرس للاحتكار. من جهته قال الدكتور عبد الناصر سنجاب، عميد كلية صيدلة، جامعة عين شمس، عضو لجنة تسعير الدواء بوزارة الصحة: التسعير يتم وفق القانون ولا يمكن حدوث تلاعب به، ولجنة التسعير تبذل مجهودا للوصول لأفضل سعر، وفى أغلب الأوقات تعترض الشركات على التسعيرة التي تضعها وزارة الصحة، وتقدم الشركات التماسات دائما لرفع السعر.