مصدر أمني: الوزارة لم تطور خططها بالشكل الذي يمكنها من التعامل مع الأساليب الحديثة التي يتبعها الإرهابيون في جرائمهم اللواء محسن حفظى.. "انفجار الكاتدرائية" لن يكون الأخير في الوقت الذي أعلنت فيه أجهزة الأمن المصرية استعدادها التام لمواجهة أي أعمال إرهابية محتملة، خلال احتفالات المصريين بأعياد رأس السنة، وفى الوقت الذي أكدت فيه مصادر أمنية نجاح وزارة الداخلية في الكشف عن مخططات عديدة وضعتها الجماعات الإرهابية لاستهداف الكنائس وأماكن تجمع الأقباط.. فوجئ المصريون بواحدة من أكبر وأخطر العمليات الإرهابية التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة، تمثلت في تفجير عبوات ناسفة بلغ وزنها نحو 25 كيلوجراما من مادة ال "tnt"، داخل الكنيسة البطرسية الكائنة بمحيط الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، ما أدى إلى مقتل 25 شخصا وإصابة 35 آخرين. خطورة هذا الحادث الإرهابى الغاشم، ليست فقط في ضخامة عدد الضحايا، ولكنه يؤكد أن حديث مسئولى وزارة الداخلية عن أن الوضع الأمني "تحت السيطرة"، يحتاج إلى إعادة نظر، فالكاتدرائية واحدة من أهم المنشآت الحيوية في مصر، والجميع يعلم أنها مستهدفة من قبل العناصر المتطرفة، ومن المفترض أنها تحظى بتأمين خاص على أعلى مستوى من قبل أجهزة الأمن، ومن ثم فإن وصول الإرهابيين إليها بهذا الشكل، يكشف عن خلل واضح وجسيم في المنظومة الأمنية بشكل عام، خصوصًا أن هذا الحادث، جاء بعد تفجير كمين أمني في شارع الهرم بالجيزة صباح يوم الجمعة الماضى. الأمر اللافت في حادثى كمين الهرم والكاتدرائية، وقوعهما في يومين من أيام المصريين المقدسة، فالأول وقع يوم الجمعة وهو يوم له مكانته الدينية لدى المسلمين، والثانى وقع يوم الأحد، وهو يوم يخرج فيه المسيحيون المصريون إلى الكنائس لأداء صلواتهم، ويبدو أن مرتكبى تلك الجرائم النكراء، أرادوا توصيل عدة رسائل للمصريين من بينها أنهم قادرون على إفساد مناسباتهم الدينية بإرهاب "الأيام المقدسة". خبير أمني رفض الإفصاح عن هويته، أكد أن تكرار الحوادث الإرهابية، ووصول العناصر المتطرفة إلى واحدة من أهم المنشآت الحيوية في البلاد، وهى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، يثبت بما لا يدع مجالا للشك، أن هناك خللا كبيرا في الإستراتيجيات الأمنية التي تتبعها أجهزة وزارة الداخلية في تأمين المنشآت المهمة.. وقال: "وزارة الداخلية، مازالت تعتمد على خطط وإستراتيجيات قديمة في التعامل مع العناصر الإرهابية، ولم تطور خططها بالشكل الذي يمكنها من التعامل مع الأساليب الحديثة التي يتبعها الإرهابيون في جرائمهم. أيضًا يمكن القول -والحديث لا يزال للمصدر ذاته- أن الأجهزة الأمنية "استهانت" بالإرهابيين، ولم تقدر قوتهم على نحو صحيح، والسبب في ذلك قلة المعلومات المتوفرة لدى رجال الشرطة. وعن الأسلوب الأمثل لتأمين المنشآت الحيوية قال الخبير الأمني: أولا: لا بد من تطوير أجهزة جمع المعلومات، بداية من اختيار ضباط على مستوى عالٍ من الكفاءة والخبرة في التعامل مع الإرهاب، وتزويدهم بأحدث الأجهزة والمعدات التي تساعدهم في عملهم، بالإضافة إلى إخضاعهم لدورات تدريبية مكثفة، للوقوف على أحدث الأساليب التي تتبعها الجمعات الإرهابية، وطرق كشفها والتصدى لها.. ثانيا: من الضرورى الاعتماد على التكنولوجيا المتطورة في تأمين المنشآت المهمة، مثل كاميرات المراقبة الحديثة وربطها بغرف عمليات أمنية، والبوابات الإلكترونية المجهزة لاكتشاف المتفجرات، بالإضافة إلى نشر خبراء المفرقعات، والكلاب البوليسية في محيط تلك الأماكن، وتمشيطها بشكل دوري.. ثالثا: وضع ارتكازات من قوات الانتشار السريع لمطاردة العناصر الإرهابية، وضبطهم قبل تنفيذ جرائمهم". في ذات السياق قال الخبير الأمني اللواء محسن حفظى، مساعد وزير الداخلية سابقا: ملف الإرهاب كله مسئولية جهاز الأمن الوطنى في المقام الأول، فهو الجهاز المنوط به جمع المعلومات عن التنظيمات الإرهابية، والعناصر المتطرفة، وكشف مخططاتهم التخريبية، والعمل على إحباطها بالتنسيق مع قطاعات أخرى في وزارة الداخلية. اللوء حفظى أضاف: "ما حدث في الكاتدرائية المرقسية، ومن قبلها استهداف كمين شارع الهرم، يشير إلى أن الجماعات الإرهابية، طورت من أساليبها الإجرامية، وأصبحت قادرة على الوصول إلى أهدافها بسهولة وتنفيذ جرئمها، ومعنى ذلك أن أجهزة الأمن عجزت عن مجاراة تلك العناصر في تطورها، ومن ثم بات من الضرورى والملح، أن تقف تلك الأجهزة مع نفسها، وتعيد تقييم خططتها واستراتيجياتها الأمنية، وتطويرها بالشكل الذي يمكنها من القيام بمهامها بكفاءة، وأعتقد أن جهاز الأمن الوطنى يعكف حاليا على دراسة الموقف الأمني، تمهيدا لتطوير خططه وأساليب جمع المعلومات". اللواء حفظى أشار إلى أن حادث الكاتدرائية لن يكون الأخير، وربما تتبعه حوادث أخرى أشد عنفا، إذا ما استمرت وزارة الداخلية في لاعتماد على خطط تقليدية ثبت عدم جدواها، ومن المهم أن يتم عقد اجتماعات طارئة وعلى أعلى مستوى، لتحديد أوجه القصور والعمل على علاجها، ووضع خطط جديدة قادرة على ردع كل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن أو لعبث باستقراره. وعن سيناريو تفجير الكاتدرائية قال: "هناك احتمالات عدة لتنفيذ تلك العملية.. أولها تجنيد شخص من العاملين في الكاتدرائية أو المترددين عليها بصفة عامة، والاعتماد عليه في زرع المتفجرات المستخدمة في الحادث، مستغلا ثقة القائمين على تأمين الكاتدرائية فيه.. والثانىى يتمثل في تسهيل شخص من داخل الكاتدرائية، دخول العنصر الإرهابى كى ينفذ جريمته.. وفى كل الأحوال هناك خلل أمني واضح لا يمكن إنكاره". ولفت "حفظى" إلى أن مهمة رجال الشرطة تأمين الكاتدرائية من الخارج، مطالبا بإنشاء أمن داخلى بها، يتولى مهمة فحص وتفتيش جميع المترددين عليها بدقة، وباستخدام أحدث أجهزة الكشف عن المتفجرات.