ينظم اتحاد المصارف العربية خلال الفترة من 8 إلى 10 ديسمبر الجاري ملتقى تحديات وإجراءات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وأثرها على صيرفة الظل. ويولي المجتمع الدولي موضوع مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أهمية قصوى في وقتنا الحاضر وخاصة في ضوء المخاطر والتحديات التي يشهدها العالم وما تتطلبه من مواكبة على صعيد التشريعات وعلى صعيد آليات عمل السلطات الرقابية والأمنية والقضائية والمؤسسات المصرفية والمالية سيما أن العولمة وترابط الاقتصادات وتطور أنظمة الدفع تتيح انتقال الأموال بسرعة حول العالم. وفي مواجهة كل ذلك تسعى السلطات التشريعية والرقابية وسلطات إنفاذ القانون في بلادنا العربية على الدوام إلى تحديث القوانين والتشريعات وتفعيل أعمال الرقابة التي تهدف إلى مكافحة غسل الأموال وأنشطة المنظمات الإرهابية، وذلك تماشيًا مع المؤسسات الدولية المختصة التي تسعى من جهتها إلى تحديث وإصدار المعايير والتوجيهات لمواكبة هذه التحديات. وبالرغم من كل ذلك تفضل بعض المصارف عدم التعامل مع زبائن أو قطاعات معينة إذا ما وجدت نفسها عاجزة عن القيام بإجراءات العناية الواجبة Due Diligence، وهو ما بات يعرف أيضًا بظاهرة تجنب المخاطر De-Risking، كما أن بعض المؤسسات والجهات تلجأ إلى العمل خارج إطار القنوات المصرفية الخاضعة للضوابط والتشريعات والقوانين المنظمة لعملها، وذلك سعيًا إلى التهرب من هذه الضوابط والتشريعات الرقابية، الأمر الذي أدى إلى ظهور ما بات يعرف بصيرفة الظل (Shadow Banking)، حيث توفّر أعمال الوساطة الائتمانية التي تجري ضمن إطار هذه الظاهرة، إذا أحسن تنفيذها، بديلًا عن التمويل المصرفي. من هنا أخذت صيرفة الظل حيزًا مهمًا من اهتمام السلطات الرقابية والبنوك على حد سواء، فالمستثمرين الذين كانوا يضخون الأموال في الأسهم تحوّلوا الآن إلى إقراض أموالهم، وهو ليس ائتمانًا غير تقليدي فحسب لكنه محفوف بالمخاطر، وهذا ما دعا صندوق النقد الدولي لإخضاع المؤسسات غير المصرفية لمتطلبات لبازل 3. ووفقًا لإحصاءات مجلس الاستقرار المالي فإن قطاع "صيرفة الظل" قد شهد نموًا قويًا منذ بداية الأزمة المالية العالمية عام 2007 ليصل إلى 67 تريليون دولار عام 2011، ما يشير إلى خطورة أنشطة نظام "صيرفة الظل"، لاسيّما في حالة شح السيولة مع تحوّل المقرضين إليه هربًا من عمليات التدقيق والمراجعة. وبات موضوع مكافحة غسيل الأموال إلى جانب صيرفة الظل يمثلان أهميّةً متصاعدة مع اتساع دائرة الإرهاب ومنظّماته إقليميا ودوليًا، وبات الالتزام بالنظم الرقابية الدولية والمحلية يشكل رادعًا كبيرًا لأي عناصر إجرامية، بما في ذلك غسيل الأموال والأشخاص الذين يرغبون في تقديم المساعدة، بأي شكل من الأشكال، في أعمال الإرهاب.