"فتاة شابة.. وعجوز مراهق.. وشاب عاشق".. هؤلاء الثلاثة هم أطراف واحدة من أكثر الجرائم إثارة.. بدأت بعلاقة آثمة بين الشاب والفتاة، تحولت بعدها إلى سلعة تتنقل بين أحضان الشباب، ثم غرقت فى مستنقع الرذيلة مع "المراهق العجوز"، بعد أن هددها بالفضيحة.. وانتهت بمقتل هذا المراهق على أيدى الاثنين بطريقة بشعة.. وبين البداية والنهاية تفاصيل أغرب من الخيال، تصلح لأن تكون فيلما سينمائيا مشوقا.. محقق "فيتو" بحث فى الجريمة وحقق فى ملابساتها، والتقى المتهمين ورجال المباحث الذين اشتركوا فى كشف غموضها، وفى السطور التالية يسرد ما توصل إليه من تفاصيل ومفارقات غريبة.. "مباحث طلخا" فى مهمة خاصة بالقاهرة.. داخل مركز شرطة طلخابالدقهلية.. التقيت أنا محقق "فيتو" المقدم محمد متولى رئيس المباحث، وسألته عن ملابسات الحادث فأجاب: "البداية كانت بلاغا من أهالى قرية "الطويلة" يفيد بانبعاث رائحة كريهة من منزل جار لهم.. انتقلنا إلى المنزل وكسرنا الباب لنفاجأ بجثة لرجل فى العقد السابع من العمر، مقيدة فى السرير، وفى حالة تحلل شبه تام، وملفوف حول رقبته حبل غسيل لونه أحمر، وعثرنا بجوار السرير على "سرنجة"، وبقايا مأكولات.. وأكد شهود العيان أن القتيل حضر منذ 10 أيام وبصحبته فتاة منتقبة، ثم شاهدوا شابا فى الثلاثين من عمره يدخل المنزل أيضا.. ثم شاهدوا الشاب والمنتقبة يخرجان من المنزل، وبعد أيام فاحت الرائحة الكريهة، وتوصلنا إلى أن المجنى عليه يقيم فى منطقة البساتين بالقاهرة، وأن آخر اتصال تلقاه قبل مقتله بساعات من المتهمة "حنان" وهى جارته فى السكن بالقاهرة". التقط الرائد أحمد الجندى معاون المباحث، طرف الحديث قائلا: " اكتشفنا أن الرقم المشار إليه حديث، ولم تجر منه سوى تلك المكالمة فقط، وبتكثيف التحريات تبين أن الفتاة استدرجت المجنى عليه خلال المكالمة إلى منزله فى طلخا بحجة قضاء سهرة حمراء.. وبفحص باقى المكالمات الواردة على هاتف القتيل توصلنا إلى أن ذات الفتاة تحدثت معه عدة مرات فى فترات متقاربة.. كل ذلك أكد أن حنان متورطة فى الجريمة بشكل أو بآخر.. وبالتنسيق مع مديرية أمن القاهرة، انتقل إلى العاصمة، وبقيت هناك لأكثر من أسبوعين أتابع تحركات الفتاة، ثم استجوبتها داخل منزلها، هى وأسرتها كاملة والجيران والأقارب، وأنكر الجميع معرفتهم بالحادث.. ضغطت على حنان وحاصرتها بالأسئلة إلى أن انهارت واعترفت بارتكاب الجريمة بالاشتراك مع عشيقها "محمود"، فاصطحبتها من القاهرة إلى طلخا لاستكمال التحقيقات، وفجرت مفاجآت غاية فى الإثارة.. وفى اليوم التالى تم القبض على شريكها "محمود" بمعرفة رجال المباحث فى القاهرة، ورحلوه هو الآخر إلى طلخا للاختصاص". اعترافات أغرب من الخيال.. انتقلت أنا محقق "فيتو" إلى المتهمة حنان، وسألتها عن حكايتها وعن الأسباب التى دفعتها لارتكاب هذه الجريمة.. تنهدت فى ضيق واضح قبل أن تجيب: " أنا فتاة بسيطة، أنتمى إلى أسرة محافظة.. قبل سنوات تعرفت على شاب يدعى محمود، وربطت بيننا قصة حب كبيرة وتمنيت أن أعيش معه لآخر العمر، إلا أن الفقر حال بينى وبين الزواج منه.. مع الوقت تطورت علاقتنا إلى أن وقعنا فى المحظور، وعشنا معا كزوجين نمارس الجنس بشكل شبه منتظم إلى أن حدث ما لم يكن يخطر لى على بال، وحملت من عشيقى.. أسرعت إليه وأخبرته بالكارثة وطلبت منه أن يسرع بالتقدم لخطبتى قبل أن تظهر آثار الفضيحة، ولكنه أكد عدم استعداده ماديا للزواج.. حدثت بيننا مشكلة كبيرة افترقنا على أثرها.. كتمت سرى فى نفسى وتظاهرت بالتماسك أمام الجميع ولكن مع مرور الوقت أدركت أن سرى سينكشف لا محالة". طأطأت حنان رأسها إلى الأرض وأضافت: " لم أستطع حمل السر وحدى خصوصا بعد أن تقدم لى أكثر من شاب ورفضتهم بدون أسباب.. لجأت إلى جارتى "ماجدة" وأخبرتها بكل شىء بعد أن وثقت فيها وظننت أنها ستنصحنى، وتقدم لى حلا لمشكلتى، وبالفعل ساعدتنى على التخلص من الحمل، غير أنها كشفت عن وجهها القبيح وبدأت فى ابتزازى وتهديدى بالفضيحة، وطلبت منى ممارسة الجنس مع ابن شقيقتها الشاب، واضطررت للموافقة.. ثم أمرتنى بفعل نفس الشىء مع ابنها من رجل سعودى "إسلام"، وأيضا رضخت لها وتكررت هذه الممارسات عدة مرات ووجدت نفسى وقد تحولت إلى فتاة ليل، ولكن بدون مقابل".. صمتت المتهمة قليلا، وأطلقت ضحكة ساخرة واستطردت: "علم زوج جارتى المدعو "أبو خليل"، وهو عجوز فى السابعة والستين من عمره بحكايتى، فزاغت عيناه علَىّ، وأراد هو الآخر ممارسة الحرام معى.. طلب من زوجته أن ترتب موعدا بينى وبينه، وبالطبع غضبت وحدثت بينهما مشاكل عديدة انتهت بالطلاق.. ظننت أن مشاكلى انتهت إلى الأبد، وعشت حياتى بشكل طبيعى، وتقدم لى مبرمج كمبيوتر، ووافقت على الزواج منه مجبرة.. فى هذه الأثناء ظهر "محمود" مرة أخرى فى حياتى، واتفقنا على أن أفسخ خطبتى وأتزوجه.. وذات يوم.. فوجئت بطليق جارتى "أبو خليل" يتصل بى ويطلب ممارسة الجنس معى، مؤكدا أنه يعلم كل أسرارى، وإذا لم أرضخ له سيفضحنى أمام الجميع.. اسودت الدنيا فى وجهى، ولم أجد أمامى حلا سوى الرضوخ إليه، وهذه المرة أخذت منه أموالا، واعتاد ممارسة الحرام معى بانتظام، ومن خلال هذه العلاقة عرفت الرقم السرى للفيزا كارد الخاصة به". "الزبادو" أفسد مفعول السم.. دفنت "حنان" وجهها بين كفيها وانخرطت فى بكاء مرير، وبعد أن استعادت هدوءها قالت: "سئمت من هذا الوضع المهين، واقترح "محمود" أن نتخلص من هذا الرجل بالقتل وسرقة الفيزا كارد وسحب أمواله من البنك.. عرضت الأمر على عمتى "ماجدة" التى عرفت كل شىء بالتفصيل، فأكدت ضرورة التخلص من هذا الرجل، واقترحت أن نقتله بالسم، وفى شقته بالدقهلية، وليس فى البساتين حتى لا يتعرف علينا أحد، وأعطتنى ملابس المنتقبات حتى أتخفى بها.. وبعد أن انتهينا من وضع تفاصيل الخطة، اشتريت خط تليفون جديد حتى أستخدمه فى الاتصال بالمجنى عليه، حتى لا يعرف أحد صاحبة الاتصال.. يوم الحادث اتصلت به، وعرضت عليه إقامة حفلة خاصة نتبادل خلالها الحب الحرام.. وافق دون تردد وطلب منى مقابلته فى موقف عبود حتى نحضر إلى منزله الريفى فى قريته التابعة لمركز طلخابالدقهلية.. وبالفعل قابلته فى الموقف وركب معنا "محمود" نفس الميكروباص وظل يرافقنا فى تحركاتنا من بعيد، إلى أن وصلنا المنزل، وعندما دخل "أبو خليل" الحمام، فتحت لعشيقى الباب وأسرع بالاختباء فى غرفة أخرى.. وضعت سمًا للرجل فى مشروب "الزبادو"، ولكن اللبن أفسد مفعول السم، فلم يؤثر فيه.. دخلت إلى محمود وأخبرته بما حدث، فقال إنه سيذبحه، ولكننى رفضت حتى لا يسيل دمه، واتفقنا على ضربه على رأسه، ثم حقنه بحقنة هواء عندما يفقد الوعى.. شاغلته وجعلته يقف أمامى وظهره إلى باب الحجرة التى يختبئ بها محمود الذى خرج وضربه بآلة حادة على رأسه 3 ضربات سقط على أثرها على الأرض، ثم حقنه بحقنة هواء، ولم نكتف بذلك بل شنقناه بحبل وعلقناه فى سقف المنزل، ووضعنا الجثة على السرير وأوثقنا يديه وقدميه، وبعثرنا محتويات المنزل حتى يظهر الحادث وكأن لصا قتل الرجل بدافع السرقة، ثم استولينا على الفيزا كارد ومتعلقاته الشخصية، وفررنا هاربين إلى القاهرة.. شعرت بالضياع وندمت أشد الندم على جريمتى هذه، ولكننى مظلمة، ولم أتخيل يوما أن ينتهى بى الحال إلى هذه النهاية المأساوية".. توقفت "حنان" عن الكلام بعد أن غلبتها دموعها، واكتفيتُ بما حصلت عليه من اعترافات. خطة جهنمية.. انتقلت إلى شريكها "محمود"، وسألته عن تفاصيل اعترافاته.. فرك يديه فى عصبية واضحة، وهو يقول: "لم يكن أمامى أى حل آخر سوى التخلص من ذلك العجوز المراهق بالقتل، بعد أن اعتاد ابتزاز "حنان" وإجبارها على ممارسة الحرام معه رغما عنها، وعندما أخبرتنى بأنها حفظت الرقم السرى للفيزا كارد الخاصة به، فكرت فى قتله وسرقة أمواله والزواج بها، خصوصا وأنها أخبرتنى برغبتها فى التوبة عن أعمال الحرام والزواج منى والحياة فى هدوء واستقرار.. ناقشت معها الفكرة هى وعمتها، واتفقنا على كل شىء، بحيث نقتله بالسم، ولكن اللبن أبطل مفعوله، ولم نجد أمامنا سوى قتله بالطريقة التى أوضحتها حنان، بأن ضربته على رأسه ب "فارة حديدية" أستخدمها فى أعمال النجارة، ثم حقنته بسرنجة هواء وشنقناه بحبل غسيل، ثم وضعنا لاصقا على فمه وقيدنا الجثة فى السرير".. صمت المتهم قليلا وأضاف: "كنا نخطط لقتل مطلقة المجنى عليه هى الأخرى، لأنها السبب فى كل ما حدث، وتستحق القتل ألف مرة، وحتى ندفن معها كل الأسرار، وكانت الخطة أن ننتظر فترة من الزمن حتى ينسى الجميع مقتل "أبو خليل"، ثم نبحث عنها ونقتلها هى الأخرى، ولكن الأقدار شاءت أن ينكشف أمرنا.. أنا نادم على جريمتى، فقد ضيعت مستقبلى وحياتى وأنتظر حكم الإعدام ".. سكت محمود عند هذا الحد، ورفض الحديث طالبا العودة إلى محبسه. انتقلت إلى الشريكة الثالثة فى الجريمة "ماجدة.م"، وهى عمة المتهمة حنان، وسألتها عن دورها فى الحادث فقالت: "أخبرتنى حنان بحكايتها مع محمود، وكيف استغلت جارتنا "ماجدة" ظروفها فى ابتزازها جنسيا وإجبارها على ممارسة الحرام مع ابنها وابن شقيقتها، ثم ابتزاز القتيل لها، وقالت إنها تفكر فى قتله.. باركت الفكرة ونصحتها بأن تنفذها فى محافظة الدقهلية بعيدا عن الأنظار، وأحضرت لها قناعا وجوانتى وملابس المنتقبات لتتخفى فيها.. واشتريت لها خط تليفون وجهاز محمول جديدين، للاتصال بالمجنى عليه واستدراجه إلى الدقهلية، وطلبت منها أن تتخلص من الخط بعد ارتكاب الجريمة.. هذا كل دورى ولم أشترك معهما فى قتل المجنى عليه فعليا، فقد بقيت فى القاهرة، إلا أنهما عادا وأكدا نجاح العملية".. بعد أن انتهى المتهمون الثلاثة من اعترافاتهم، أحيلوا إلى النيابة العامة لاستكمال التحقيقات، بينما طويت أنا محقق "فيتو" أوراقى وقلت فى نفسى: "صحيح اللى يعيش يا ما يشوف".